الاقتصاد الأمريكي 2018.. الحرب التجارية تنال من وهج النمو
العام الذي بدأ بنمو قوي وبورصات منتعشة وسط تفاؤل كبير بأثر التخفيضات الضريبية انتهى بتباطؤ اقتصادي وهبوط حاد للأسهم.
لم تكن بداية هذا العام كنهايته بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، فالعام الذي بدأ بنمو قوي وبورصات منتعشة وسط تفاؤل كبير بأثر التخفيضات الضريبية التي أقرتها الحكومة على الاستثمار والأرباح والنمو والتوظيف والاستهلاك، انتهى إلى "تراجع غير متوقع للنمو" وهبوط حاد للأسهم وتراجع كبير وقياسي للصادرات، وبين بداية العام ونهايته لم يكن هناك سوى متغير وحيد.. "الحرب التجارية".
في فبراير/شباط 2018 وقَّع ترامب على ما قال إنه "قرار تاريخي" من أجل تخفيضات الضريبية، قال إن لها أثرا إيجابيا على الشركات وعلى ملايين الموظفين الأمريكيين الذي سيحصلون على زيادات في عائدهم الشهري.
وأوضح الرئيس الذي انتهج سياسة "أمريكا أولا" أن القرار يسهم في عودة الشركات والاستثمارات إلى السوق الأمريكية، ويجعل من أمريكا قبلة للشركات وسوقا ساخنا للاستثمار ما يوفر كثيرا من الوظائف.
كانت الأمور على ما يرام، الناتج المحلي الإجمالي ينمو، وإنفاق المستهلكين جيد والأجور تتزايد والتضخم تحت السيطرة، والمؤشرات تصعد.
لكن لاحقا، لم تندفع الشركات المنتشية بالتخفيضات الضريبية لتحفيز استثماراتها، باستثناء بعض عمليات إعادة شراء للأسهم التي لا تنفع الاقتصاد الحقيقي كثيرا، ثم في نهاية العام عاشت مؤشرات ناسداك وداو جونز وستاندرد آند بورز أسوأ شهر لها في ديسمبر/كانون الأول الجاري منذ عامين ومحت كل مكاسب 2018، في حين تراجعت الصادرات الأمريكية في الربع الثالث من العام بأكبر قيمة منذ 2009، وألا يبدو أن هناك سببا لكل هذا بخلاف الحرب التجارية.
بدأ الرئيس الأمريكي حروبه التجارية مع الصين منذ مطلع العام، ففرض في يناير/كانون الثاني الماضي رسوما جمركية على الألواح الشمسية والغسالات المنزلية المستوردة من الصين، ثم في أبريل/نيسان فرض رسوما على الحديد والألومنيوم القادم لبلاده من عدة دول بينها الصين، تلاها فرض رسوم جمركية جديدة على واردات بضائع صينية تتخطى قيمتها الـ50 مليار دولار دخلت حيز التنفيذ في يوليو، وردت الصين بفرض رسوم جمركية مماثلة، ثم هدد ترامب بفرض رسوم على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار، قبل أن يتوصل الطرفان في مطلع ديسمبر الجاري إلى هدنة مدتها 90 يوما.
- تراجع ثقة المستهلكين بأمريكا يزيد مخاوف تباطؤ الاقتصاد العالمي
- أمريكا 2018.. عام مثالي للتوظيف ونسب البطالة المتراجعة
ورغم تماسك النمو الاقتصادي الأمريكي وسيره على الطريق لتحقيق مستوى 3% المستهدف من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب في 2018، لكن أحدث أرقام وزارة التجارة الأمريكية الصادرة في 21 ديسمبر الجاري، تظهر أن الاقتصاد تباطأ بشكل طفيف "أكثر مما كان متوقعًا" في الربع الثالث من العام الجاري ليزيد بمعدل 3.4%، وهو رقم أقل قليلا من مستوى 3.5% الذي توقعته الوزارة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي للربع نفسه.
تُشير هذه الأرقام إلى أن زخم النمو قد يشهد مزيدًا من الانخفاض في الربع الرابع من العام نفسه في ظل انخفاض الطلبيات الجديدة وشحنات السلع الرأسمالية المصنعة غير الدفاعية -باستثناء الطائرات- في نوفمبر، وفقا لتقرير من رويترز، وبحسب بيانات وزارة التجارة فقد ارتفع إنفاق المستهلكين الذي يمثل أكثر من ثلثي اقتصاد الولايات المتحدة بقوة في نوفمبر بنسبة 0.4%، ما قد يعوض تراجع الطلبيات.
سال جواتيري، كبير الخبراء الاقتصاديين البارز في شركة "بي إم أو كابيتال ماركتس" للخدمات المالية، قال إن الإنفاق على الاستثمار يفقد الزخم في الولايات المتحدة، ما يضع العبء على الأسر (الاستهلاك) للحفاظ على التوسع الاقتصادي بمعدل معقول".
الأرقام أوضحت أن تراجع النمو جاء نتيجة انخفاض الصادرات الأمريكية بأكبر مبلغ لها منذ أوائل عام 2009 في ذروة الأزمة المالية العالمية، حيث تراجعت بنسبة 4.9%، وفقا لوزارة التجارة التي أوضحت أن صادرات السلع تراجعت بنسبة 8.1% وهو أكبر انخفاض منذ الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2015.
ومع تلاشي الحوافز المالية التي سببتها التخفيضات الضريبية، وبقاء الحرب التجارية المريرة مع الصين، يتوقع أن يستمر تباطؤ الاقتصاد الأمريكي خلال العام المقبل أيضا.
"الانخفاض في القطاعات الرئيسية التي تؤدي فيها المعنويات دورا كبيرا، يثير احتمالا بأن التوترات التجارية وتباطؤ النمو العالمي بدءا يؤثران على النشاط هنا في الولايات المتحدة"، وفقا لسارة هاوس، كبير الاقتصاديين في شركة ويلز فارجو الأمريكية للأوراق المالية.
aXA6IDMuMTM4LjExOC4xOTQg جزيرة ام اند امز