مأساة متواصلة.. الحمى الدماغية "تغتال" أطفال الهند
ولاية بيهار الهندية باتت مركزاً لانتشار وباء الحمى الدماغية الذي يضرب البلاد، وأدى إلى وفاة نحو 100 طفل منذ بداية حزيران/يونيو 2019.
تختلط رائحة الموت بروائح التقيؤ ومواد مثل الكلور في ردهات المستشفى الرئيسي بمنطقة مظفر بور، في ولاية بيهار شرق الهند.
باتت هذه الولاية مركزاً لانتشار وباء الحمى الدماغية الذي يضرب البلاد، وأدى إلى وفاة أكثر من 100 طفل منذ بداية حزيران/يونيو 2019.
ويبقى الأطباء غير متأكدين من مصدر الوباء، غير أنّ إحدى الفرضيات ترجّح ارتباطه بمادة سامة موجودة في فاكهة الليتشي الاستوائية.
ديليب ساهني (25 عاماً)، عامل بناء وأب لثلاثة أطفال، كان أحد المحزونين في الأروقة المزدحمة لمعهد "سري كريشنا" الاستشفائي، حيث نجا نحو 100 طفل إثر علاجهم، بينما يرقد آخرون فوق الأسرّة ينتظرون الفرج.
أحضر ساهني ابنته موسكان ذات الأعوام الـ4 إلى المستشفى باكراً في الصباح، بعد 24 ساعة من شعورها بأعراض المرض.
وقال لوكلة "فرانس برس": "حين جاءت أمها لإيقاظها عند الساعة الـ11 صباح أمس، فوجئت بيديها ورجليها ملتفة على بعضها البعض، فيما تصطك أسنانها نتيجة الشعور بالبرد".
وأضاف: "بدأت أمها تصرخ طلباً للمساعدة، وهرعنا إلى مستشفى كرجيفال، وعند منتصف الليل، طلب الأطباء نقلها إلى سري كريشنا".
وتابع قبل أن ينهار: "نقلناها إلى هنا في الصباح الباكر، غير أنّ حالتها كانت تتدهور"، ولم يمرّ وقت طويل حتى جاء خبر وفاة الصغيرة موسكان الصغيرة.
وقالت السلطات الهندية، الأربعاء، إنّ 118 طفلاً توفّوا على مدار شهر يونيو حزيران الجاري.
وأوضح ساهني: "قبل وفاة ابنتي بليلة، لم تأكل سوى الخبز، ولم تقرب الليتشي.. آخر مرة تناولت هذه الفاكهة كانت قبل 10 أيام".
وكان باحثون أميركيون خلصوا قبل سنوات عدة إلى أن الحمى الدماغية قد تكون مرتبطة بمادة سامة موجودة في فاكهة الليتشي الاستوائية.
وشدّدوا أيضاً على ضرورة إجراء دراسات إضافية بغية تحديد أسباب المرض المعروف محلياً باسم "شامكي بوكار"، ويعتبر قاتلاً لِثلث الحالات المصابة به.
راجو كومار (35 عاماً)، أب لخمسة أطفال، نقَل ابنه البالغ من العمر عامين ونصف إلى العناية الفائقة.
وقال لـ"فرانس برس": "أموت من القلق، فقد رأيت جثامين أطفال كثيرين هنا.. وأنا أصلّي لكي يُنقَذ ابني بطريقة ما"، مضيفاً وهو يحمل رضيعه ابن الأشهر الـ4: "فقَد الوعي فجأة قبل يومين ونقلناه إلى هنا فوراً".
ومن عوارض الحمى الدماغية الارتفاع الكبير في مستوى السكر في الدم، والحرارة المرتفعة والشلل، وتشمل أسبابها الفيروسات والبكتيريا وسموماً أخرى تُنقَل عبر وسائل مختلفة.
وتنتشر عادةً بشكل كبير سنوياً خلال أشهر الصيف، في المناطق ذاتها منذ عام 1995، بشكل متزامن مع موسم فاكهة الليتشي.
وباستثناء عام 2014 حين توفي 150 طفلاً في ما شكَّل آنذاك رقماً قياسياً، تكون حصيلة الوفيات السنوية عادةً أقل.
وتضم بيهار نحو 100 مليون شخص، كما تعرَّضت لموجة حرّ بلغت 45 درجة مئوية، وأدت إلى وفاة 197 شخصاً خلال هذا الصيف، من بينهم 97 منذ السبت الماضي.
ولا تعدّ بيهار فقيرة فقط، وإنّما يعاني نظامها الطبي من حالة مزرية، فلكل 100 ألف شخص يوجد أقل من أخصائيّيْن صحيين اثنين، مقارنةً بمعدّل تسعة في عموم الهند، حسب صحيفة "هندوستان تايم".
وعلّق طبيب الأطفال في معهد "سري كريشنا"، سريكانت براساد بهارتي: "نحن كأطباء نبذل قصارى جهدنا لإنقاذ حياة أكبر عدد من الأطفال".
غير أنّه اشتكى من غياب أحد "يتحدّث عن عدد الليالي التي نمضيها بلا نوم للاعتناء بالصغار المرضى، ولا أحد يتحدث عن الأطفال الذين عولجوا.. فمن السهل إلقاء المسؤوليات على المستشفيات والأطباء".
وأفاد بهارتي بأنّ: "ارتفاع أعداد المصابين يعود إلى أنّ الأطفال يأتون من مستويات اجتماعية واقتصادية فقيرة، حيث لا يمكن للأهل الاهتمام بما إذا كان أولادهم تناولوا وجباتهم أم لا".
وتابع: "الصغار يجولون في الحرّ ويأكلون الليتشي الفاسدة أو غير الناضجة ويذهبون إلى النوم بأمعاء خاوية، وهذا ما يقود إلى انخفاض مفاجىء في مستوى السكر والنوبات والتشنجات".
aXA6IDE4LjExOS4xNDIuMjEwIA== جزيرة ام اند امز