تنظيم الإرهاب الذي اتخذ شعب لبنان كرهينة ليقول للعالم "أعطونا مالا، وإلا فإن الرهينة سوف تموت من الجوع".
هل كان من البديهي لزعيم منظمة الإرهاب في لبنان، حسن نصرالله، أن يعتبر انفجار مرفأ بيروت "فرصة" وليس مأساة؟.
هناك اليوم أكثر من 300 ألف مشرد، وأكثر من 5000 آلاف جريح يحتاجون إلى علاج، عدا عن أكثر من 150 قتيلا. كما أن هناك دمارا تتراوح كلفة إصلاحه بين 10 – 15 مليار دولار، في بلد يحتاج في الأصل، لكي ينقذ قدرته على تمويل احتياجاته الأساسية أكثر من 20 مليار دولار، ولا يملك مصرفه المركزي من الاحتياطات ما يزيد عن 32 مليار دولار، ويعجز عن دفع أقساط ديونه، كما يعجز عن توفير المال للمودعين. فكيف جاز لهذه المأساة أن تصبح في عين حسن نصرالله "فرصة"؟
أولا، لأنه رأى ما استقطبته المأساة من تعاطف دولي مع شعب لبنان. فوجد أن المساعدات التي تقدمها دول العالم يمكن أن تتحول إلى غنيمة، فيستولي عليها مع بعض أركان العصابة الآخرين.
ولئن أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته للبنان على أن المساعدات لن تذهب إلى أيدي الفاسدين، فزعيم تنظيم الإرهاب في لبنان يعرف في المقابل أن الجهاز التنظيمي للعصابة سوف يظل قادرا على تربيع الدوائر. وسرعان ما وفر الرئيس ميشيل عون أساسا مسبقا، بالقول إنه لا يقبل تدويل الأزمة، وذلك من أجل أن يقطع الطريق على الأمم المتحدة من أن تتولى تنظيم توزيع المساعدات، فضلا عن أن يضع حجر عثرة كبيرا، أمام أي دعوات للتغيير.
وهكذا، فزعيم تنظيم الإرهاب الذي اتخذ شعب لبنان كرهينة ليقول للعالم "أعطونا مالا، وإلا فإن الرهينة سوف تموت من الجوع"، ها هو اليوم يستخدم هذه الرهينة لكي يتسول بمأساتها، وهذه فرصة بالنسبة إليه.
ثانيا، انفجار مرفأ بيروت يعزز مكانة المرافئ التي تقع تحت سيطرته على امتداد الساحل الجنوبي للبنان، وطالما أن إعادة إعمار مرفأ بيروت سوف تستغرق عدة سنوات، إذا ما توفرت التمويلات، وإذا ما توفرت الأسس. فهذه فرصة، توفر أساسا متينا لمواصلة أعمال النهب على حساب الدولة.
ثالثا، المأساة سوف توفر غطاء للمزيد من التمويلات التي تتلقاها منظمته للإرهاب من جانب جمعيات قطر المسماة بـ"الخيرية"، وبما أنها جمعيات متخصصة بتمويل تنظيمات الإرهاب، فان رحلات نقل الأسلحة والأموال إلى المرافئ التي تقع تحت سيطرته سوف تزداد، وهو ما يسمح لممول حفلات الإرهاب أن يقدم مساعداته ودموع التماسيح في عينيه تجري على المأساة، إنما لتغذي "الفرصة".
رابعا، الفوضى القائمة غطاء آخر. فـ "الدولة داخل الدولة" التي يقودها زعيم منظمة الإرهاب في لبنان، سوف تتحول إلى عصب رئيسي لتماسك النظام، فتمنعه من الانهيار. وتكون هي صاحب القرار الفعلي والنهائي. وكلما وجد أطراف العصابة الآخرون أنفسهم ضِعافا، وأقرب إلى قبول الهزيمة أمام المأساة، فإنه سوف يمدهم بالتماسك. وهو ما يُلغي من الناحية العملية كل القيمة الباقية لوجود "ثلاث رئاسات" في لبنان. فهناك رئيس فعلي واحد، يحكم لبنان من داخل قبو، ويحكمه بالفيديو، وهذه فرصة.
خامسا، أموال التهريب وتجارة والمخدرات التي شكلت العصب الرئيسي لـ"صمود" تنظيم الإرهاب ووقاحة زعيمه، سوف تزداد أهميتها، حتى بالنسبة لأولئك الذين ما يزالون يعتقدون أن النظام المصرفي اللبناني هو "عصب" الوجود للبنان، وهو ما يعني أن العالم السفلي الذي تستخدمه العصابة لتحريك وتداول المال، والذي تستخدمه جمعيات تمويل الإرهاب "الخيرية" في قطر لتمويل هذا الركن من العصابة، سوف يتحول ليكون هو "السيد" وهو "النظام"، وهذه فرصة.
سادسا، وجود مأساة، فوق مأساة قبلها، يجعل اللبنانيين الذين يطالبون بالتغيير، مجروحين إلى درجة الانهاك، ويأمل زعيم تنظيم الإرهاب في لبنان، أن يؤدي ذلك إلى كبح تلك المطالب، وحالما تتوفر له القدرة على التحكم بتوجيه المساعدات، وتحويل عالمه السفلي إلى عالم مسيطر بدعم من عالم قطر السفلي، فإنه يأمل بأن يشتري أوجاع المأساة، ليشتري بها بقاءه وبقاء النظام الذي يتحكم فيه.
سابعا، وجود مأساة تشغل اللبنانيين، ومعهم العالم بأسره، يخفف الضغط عن وليه الفقيه، ويتيح له فرصة إضافية لتعزيز آليات عمل عالمه السفلي الخاص في التهرب من العقوبات، وفي إذلال الناس، والتسول بجوعهم ومآسيهم.
حسن نصرالله، يحسب أنه ذكي، وكلما زادت تمويلات قطر لتنظيمه زادت وقاحته، وزادت ثقته بأنه يستطيع أن يسخر من العالم كله، ويتمضحك على هذه المأساة، وكل مأساة أخرى، بالضبط كما تضحك قطر نفسها من كل عقوبات العالم ضد تنظيمه.
ولكن لبنان لن يخضع والعصابة لن تنتصر عليه، و"الفرصة" ليست سوى صورة لطبيعة المرض الذي يريد لبنان أن يتعافى منه، واللبنانيون لا يتسولون، ولن يسمحوا لأحد بأن يتسول بهم. والعالم السفلي الذي يقوده حسن نصرالله، لا يصلح للبنان ولا يتوافق مع طبيعته ولا تكوينه، والعالم الذي هب لمد يد العون، إنما فعل لكي يُنجي لبنان من العصابة التي يحكمها نصرالله من قبوه بالفيديو.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة