حرفة ووظيفة.. تدريب ينتشل المعاقين بالصومال من البطالة
حظي شباب صوماليون من ذوي الإعاقة لأول مرة بفرص عمل بعد خضوعهم لتدريبات مهنية من أجل تعلم حرف ومهارات جديدة تلبي احتياجات سوق العمل.
عبدالرحمن محمد إدريس، ٢٥ عاما، من بين 20 شابا من ذوي الاحتياجات الخاصة تعلموا حرفا جديدة ساعدتهم في الحصول على العمل وتحقيق دخل مادي للإنفاق على عائلاتهم.
تعلم عبدالرحمن برامج الحاسوب، وأصبح لديه وظيفة، يحقق منها ٣٠٠ دولار أمريكي شهريا، حيث يعمل لدى منظمة محلية تقوم بجمع البيانات من مخيمات النازحين في العاصمة الصومالية مقديشو.
وذكر عبدالرحمن لـ "العين الإخبارية" أن هذه الوظيفة هي أول فرصة عمل له في حياته، وأنها ساعدته على تغطية الحاجات المعيشية لأسرته.
ويقول عبدالرحمن "في كل عمل تكتسب خبرة، العمل مع أشخاص جدد فرصة أخرى عظيمة، أعيش مع والدي، لا نملك منزلا في مقديشو بل نقوم باستئجار واحد، وأصبح دخلي يغطي الإيجار ونفقات الكهرباء والماء وضروريات العائلة".
عبدالرحمن هو الأكبر بين 4 أشقاء، بدأت الصعوبات في حياته مبكرا، كانت أمه بائعة خضار بسيطة لتغطية تكاليف المعيشة، وكان يحب مساعدة أمه إلا أن الإعاقة شكلت تحديا أمام تحقيق حلمه في مساعدة العائلة، بعدما فقد رجليه حيث كسرت الأولى وهو صغير، والأخرى تم قطعها بعد تعرضه لحادث سير.
عاد عبدالرحمن وأسرته إلى مقديشو مطلع عام ٢٠١٧ من مخيمات اللاجئين في كينيا، حيث فروا إلى هناك عام ٢٠١٠، وساعدهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تأمين نفقات العودة إلى الديار.
متاعب جمة
في الصومال يصعب على الشباب الذين يعانون من الإعاقة، الحصول على فرص تعليم أو عمل بسبب غياب وعي المجتمع لكن عبدالرحمن وزملائه يعيشون الآن وضعا مختلفا حيث يديرون حياتهم عبر فرص عملهم وفرت لهم التدريبات المهنية.
ومن بين المستفيدين من البرنامج، عبدالرزاق عبدالله محمد، ٢٤ عاما، الذي تلقى تدريبا لتعلم مهنة صيانة الهواتف لمدة ثلاثة أشهر، وهو يعاني من إعاقة في أصابع اليدين، ويعمل حاليا في سوق بكارو، أكبر سوق في الصومال، ويحقق شهريا ما بين ٢٠٠-٣٠٠ دولار.
ويقول عبد الرزاق لـ "العين الإخبارية" إن "بعض الناس يقولون كلمات تسبب الإحباط بينما يشجعك آخرون، لكني كنت مصرا على تحقيق حلمي، والعمل على كسب قوت يومي من عمل يدي، وكنت واثقا من معرفتي، وكان ينقصني فقط الخبرة وقد حصلتها الآن".
عبدالرزاق انتقل إلى مقديشو للعمل ومساعدة أسرته التي تعمل في الرعي بالمناطق الريفية التي تسيطر عليها حركة الشباب الإرهابية وتتعرض لأزمات مستمرة مثل الحرب والجفاف.
وبحث عبدالرزاق عن العمل لمدة عامين فلم يفلح وانتهت المحاولات بلا نتائج، ثم انضم إلى المعهد التدريبي فحصل بعد ذلك مباشرة على وظيفة في مجال صيانة الهواتف المحمولة، ويغطي دخله مصروفات المعيشة الخاصة به ويرسل لعائلته شهريا ١٥٠ دولار.
ويقول عبدالرزاق: "أفعل الكثير من الأشياء من خلال دخلي. لقد أعطاني فرصة الاختيار، ويمكنني البحث عما أريد دون إزعاج والدي".
معهد هانو
وتلقى عبدالرزاق وعبدالرحمن تدريبا مهنيا في معهد هانو التي تأسس عام 2015، وساهم منذ ذلك الحين في تدريب وإعداد ستة آلاف شاب وشابة لاكتساب المهارات اللازمة للنجاة من البطالة التي يواجهها الشباب الصومالي.
وقالت سعدية زياد، مؤسسة ومديرة المعهد، إن هدفهم هو تحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين لديهم فرص أقل من الآخرين.
وأضافت لـ "العين الإخبارية" أن "هناك أعباء ومشاكل في البلاد، وإذا كنت تقدم شيئًا لشخص ما، فإن أفضل شيء هو التعليم وخلق فرص العمل."
وتم نشر الإعلان عن تدريب الشباب من ذوي الإعاقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويشكل ذلك المرة الأولى التي تُمنح فيها فرصة تعليمية للشباب ذوي الاحتياجات الخاصة.