بحّت أصواتنا ونشفت أقلامنا وغبشت صور أفلامنا، ونحن نحاول أن نشرح ونشير إلى الخطر الإيراني الداهم والويلات التي تعانيها الشعوب العربية
"أنتم خونة عملاء، تسيرون في فلك أمريكا، وأمريكا راعية إسرائيل وسندها ونصيرها، تَحْرِّفون الصراع عن بوصلته الحقيقية، وتحاولون أن تخلقوا عدواً وهمياً اسمه إيران، وإيران دولة جارة مسلمة مسالمة تدعم المقاومة، وتعمل على تحرير فلسطين، أنتم أيها الخليجيون ضحايا التهويل الإعلامي الغربي الصهيوني الإمبريالي الصليبي الاستعماري، خلقوا لكم عدواً وهمياً اسمه إيران كي يحلبوا دولاراتكم ونفطكم ويدفعونكم دفعاً نحو شراء الأسلحة منهم ويوجهون بنادقكم شرقاً نحو إيران المسالمة الجارة، وتتجنبون مواجهة العدو الحقيقي: إسرائيل، ألم تتعلموا درس صدام حسين الذي غرر به الغرب ودفعه إلى حرب جيرانه؟ ثم خدعه الغرب فغزا إخوانه؟ نحن لا نرى ما ترون، بل نرى أنكم سائرون بمؤامرة تستهدف تصفية (القضية)، وبيع فلسطين والتطبيع والاستسلام لإسرائيل، يا لكم من أغبياء عملاء خونة جبناء!".
ينادي الخليجيون على بقايا العقل والضمير لدى هؤلاء: لا نختلف معكم على ظلم إسرائيل للفلسطينيين واحتلال أرضهم ومصادرة حقوقهم، ولم ولن نتوقف يوماً عن التضامن معهم ومساندتهم حتى ينالوا حقوقهم المشروعة، لكن إيران عاثت بالمنطقة فساداً، ولا تصدقونا: اسألوا العراقيين!
هذا مختصر موقف بعض العرب، خاصة عرب الغرب العربي، أي الدول العربية الواقعة في أفريقيا، والبعيدة نسبياً من إيران، هذا رأي بعض المثقفين العرب الذين يرون في الغرب الشر كله، ولا يرون في العالم الخير كله، يستلهمون العداء للغرب، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، ويناوئون إسرائيل بالعداء اللفظي والخطابي على مدى سبعين عاماً من الصراع معها.
يختزلون كل المشكلات التي تعيشها منطقتنا وأمتنا بإسرائيل، ولا يرون عدواً غيرها في هذه المنطقة، فعلى الرغم من أن الإيرانيين يعلنون سيطرتهم على أربع عواصم عربية: بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، فإن هؤلاء العرب لا يرون إلا الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وعلى الرغم من وجود القوات الروسية التي تقاتل بسوريا فإنهم لا يرون ضيراً في ذلك، فالمهم هو فلسطين وحدها!
بحّت أصواتنا ونشفت أقلامنا وغبشت صور أفلامنا، ونحن نحاول أن نشرح ونشير إلى الخطر الإيراني الداهم والويلات التي تعانيها الشعوب العربية بالعراق ولبنان وسوريا واليمن دون جدوى، فالأهم هو الشعب الفلسطيني.
الأرقام تتحدث عن مساهمة إيران بمقتل أضعاف السوريين بسبع سنوات مقارنة بمن قتل من الشعب الفلسطيني على مدى سبعة عقود، لكنهم لا يرون لون الدم السوري أحمر كالدم الفلسطيني، وأن إيران أسهمت في تشريد ضعف من شرَّدتهم إسرائيل من الفلسطينيين بسبعين عاماً مقارنة مع من تشرَّد من الشعب السوري بسبع سنوات! لكن اليهود شردوا الفلسطينيين، وليس العرب والمسلمين كما في الحالة السورية.
ثم ثار الشعبان اللبناني والعراقي فاعفونا من الشرح والإفهام، أو هكذا يُفترض، قلنا: دعوا عنكم "الخلايجة" العملاء الخونة الجبناء، وانظروا إلى ما يجري بلبنان والعراق لعلكم تبصرون، تفكّروا بحمام الدم بكربلاء والناصرية والنجف وبغداد التي ترتكبها إيران ضد الشعب العراقي يومياً منذ شهرين، إذ الأغلبية الشيعية لعلكم تتفكّرون.
ينادي الخليجيون على بقايا العقل والضمير لدى هؤلاء: لا نختلف معكم على ظلم إسرائيل للفلسطينيين واحتلال أرضهم ومصادرة حقوقهم، ولم ولن نتوقف يوماً عن التضامن معهم ومساندتهم حتى ينالوا حقوقهم المشروعة، لكن إيران عاثت بالمنطقة فساداً، ولا تصدقونا: اسألوا العراقيين!
مئات من الشباب العراقي بعمر الزهور يموتون يومياً على يد مليشيا تابعة إلى إيران كما تبعية حزب الله اللبناني إليها، وآلاف تعتقل وتختفي يومياً، ومرشد إيران الأعلى علي خامنئي يتهم هؤلاء الملايين من العراقيين بالعمالة والتخريب! أتدرون لماذا؟ لأن الشعب العراقي ثار ضد إيران وهيمنتها عبر وكلاء من الأحزاب الدينية الشيعية على العراق برمته، وهتافاتهم: "إيران برا برا".
أليس لكم عقول تفكر، ولا عيون تبصر؟ دعوا عنكم "هرطقات" الخليجيين و"عمالتهم للغرب وجبنهم وخوفهم الوهمي من إيران.. إلخ"، الأسطوانة الفوقية تجاههم، وانظروا إلى ما يجري بالعراق من مقاومة شعبية شريفة ضد إيران! ما لكم كيف تحكمون؟
نقلاً عن "إندبندنت عربي"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة