هجمات كردستان العراق.. استهداف المشروع الوطني
مرة أخرى وبعد نحو أكثر من شهر تعود الهجمات مجدداً على مناطق كردستان العراق مع الاختلاف في آليات التنفيذ واختيار الأماكن.
وليل الأربعاء، استهدفت مسيرة مفخخة مجموعة من العجلات المدنية عند طريق أربيل صلاح الدين بإقليم كردستان مما تسبب بإصابة 3 أشخاص وإلحاق أضرار مادية.
ويبعد مكان الاستهداف للطائرة المفخخة نحو 3 كم عن مبنى القنصلية الأمريكية التي مازالت قيد الإنشاء.
النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، بيار طاهر، وخلال تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، قال إن "الهجوم الأخير وما سبق من حوادث مماثلة طيلة الفترات الماضية هي تحمل في كل مرة رسائل سياسية لثني القرار الكردستاني وتطويعه بمسارات معينة".
وأضاف طاهر، أن "تلك الهجمات والممارسات لن تثني الحزب الديمقراطي الكردستاني عن المضي بإرادته الوطنية مع الحلفاء لتأسيس مشروع وطني مؤسساتي يتحمل مسؤوليته التاريخية والتنفيذية أمام الوطن والمواطن".
وكان مجلس أمن إقليم كردستان، وجه في وقت سابق من يوم الخميس، أصابع الاتهام إلى مليشيات "كتائب حزب الله"، المقربة من إيران في تنفيذ الهجوم الأخير.
وقال في بيان صرح وواضح، ان تلك الهجمات تهدف الضغط على إقليم كردستان، كاشفاً في الوقت ذاته "المسيرة التي استخدمت في الهجوم، أطلقت من ناحية بردي (آلتون كوبري) باتجاه أربيل من جانب ميليشيا حزب الله".
من جانبه، أشار مكتب الرئيس الكردي، مسعود بارزاني في بيان، إلى أن " الأيادي التي تقف وراء هذا الهجوم الإرهابي والهجمات والاعتداءات السابقة معروفة ومكشوفة".
وشدد البارزاني، على ضرورة عدم الاكتفاء بالإدانة والشجب بالمضي نحو "اتخاذ خطوات فعلية والعمل بجدية كبيرة من أجل إنهاء هذه الأفعال غير الإنسانية وغير المشروعة، التي تنفذ بدون مبرر ضد مواطني إقليم كوردستان ومدينة أربيل".
ومن جملة إدانات دولية ومحلية، أبدت الولايات المتحدة الأمريكية، عن الشجب والرفض لمثل هكذا ممارسات التي تهدد أمن وسلامة الشعب العراقي.
وذكرت في بيان رسمي، أن واشنطن "تؤكد أن لا مكان في العراق بما في ذلك إقليم كردستان لهجمات عشوائية مثل هذه والتي تقوض سلطة الدولة"، مؤكدة في الوقت نفسه التزامها "بالعمل مع شركائنا العراقيين وإقليم كردستان نحو هدفنا المشترك المتمثل في عراق آمن ومستقر ومزدهر وديمقراطي".
ومنذ عامين تشهد مدن إقليم كردستان، هجمات صاروخية ومسيرات مفخخة غالباً ما تستهدف أماكن ومقار دبلوماسية ومواقع اقتصادية كبرى.
وسجلت مدينة أربيل هجوماً هو الأعنف في مايو/آيار الماضي، بـ12 صاروخاً بالستياً، استهدف مواقع متفرقة من بينها منزل مدير شركة استثمارية كبرى، تبنى الحرس الثوري الإيراني مسؤولية تنفيذه بذرائع وحجج واهية.
وسبق ذلك هجومين، الأول في أبريل/نيسان استهدف مصفاة نفطية تبعد 20 كم شمالي غرب أربيل، بثلاث صواريخ تبعها أخر في مطلع مايو/آيار بـ6 صواريخ على مقربة من المصفى ذاته.
الأكاديمي والمحلل السياسي إحسان الشمري، لفت إلى أن "غالباً ما يكون السلاح والتهديد بالهجمات حاضراً في المشهد العراقي مع كل حالة احتدام وخلاف سياسي مفصلي".
ويضيف الشمري، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "تلك الهجمات باتت واضحة المقاصد والأهداف فهي تسعى إلى فرض الإرادات وتطويع المواقف بما ينسجم مع مصالحها وما يأمن بقاء وامتداد نفوذ من يقف ورائها".
ويشير الشمري إلى أن "تلك المحاولات وإن ظهر تأثيرها إعلامياً ومعنوياً ولكنها لن تغير من مجريات السياق العام ومعادلة المشهد الحاضر شيئاً سوى تحشيد الشارع العام بالمزيد من التقاطع والقطيعة مع تلك القوى التي لا تريد أن تؤمن بقدرة صناديق الانتخاب وآليات تشكل التحالفات وفق الأرقام والحجوم".
ويعيش العراق أزمة سياسية متصاعدة ، بدأت مع إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقب خلاف محتدم بيم معسكر الصدر وحلفائه وقوى الإطار التنسيقي المقربة من طهران.
ويضم الصدر في قافلته السياسية القوى السنية الأكبر والحزب الديمقراطي الكردستاني بمسع لفرض مشروع "الأغلبية الوطنية"، في شكل الحكومة المقبلة وهو ما يتعارض مع رغبة القوى الولائية لإيران التي تحاول تمرير "التوافق "، دون النظر في حجوم الفائزين.