هذا العنف المتصاعد الذي يفتك بالمجتمعات الإنسانية: العربية الإسلامية والغربية، أساس فكر الكراهية وخطاب التحريض عبر المنابر الإعلامية المختلفة
هذا العنف المتصاعد الذي يفتك بالمجتمعات الإنسانية: العربية الإسلامية والغربية، أساس فكر الكراهية وخطاب التحريض عبر المنابر الإعلامية المختلفة، وقد ساعد على انتشار هذا الفكر المنصات الإعلامية الجديدة، فكر الكراهية يقوم على مجموعة من العناصر التي تغذي الجانب الغرائزي في الإنسان، وتنمي الانتماءات الأولية فيه، مثل: الطائفية والمذهبية والقبلية والتعصب الديني والقوميه الضعيفة والهويات المغلقة والتطرف الأيدلوجي والعنصري، والنزعات الإقصائية للآخر، وإذا ما حللنا مكونات فكر الكراهية وخطابه التحريضي على الساحة العربية وعبر التاريخ العربي الإسلامي، نجد أن هناك روافد عديدة غذت ولا زالت تغذي هذا الفكر، أبرزها:
1- الخطاب الديني المتطرف: وهو من أكبر روافد غرس فكر الكراهية في نفوس الناشئة والشباب، سواء ضد الآخر المذهبي أو الديني أو الآخر الخارجي. يتغذى هذا الخطاب بأوهام الغزو الفكري والفكر التآمري، ويعيش ويقتات على هواجس المؤامرة العالمية ضد الإسلام والمسلمين، ويجد من الحوادث التاريخية والمعاصرة ما يبرر به خطابه العدائي، ويجذب إليه قطاعا من الشباب المسلم المتحمس دينيًا سواء في الساحة العربية أو الغربية.
2 - الخطاب الإعلامي، المشحون بالكراهية: لا شك أن جانبًا من خطابنا الإعلامي، محرض على كراهية الآخر، سواء الآخر الداخلي المختلف مذهبيًا أو دينيًا أو عنصريًا أو الآخر الخارجي.
3 - الخطاب الأيديلوجي عامة: سواء بوجهه القومي الضيق، أو اليساري المغامر أو الإسلامي الموظف سياسيًا، قام هذا الخطاب على اعتقاد جازم بأن الغرب هو سبب تخلف العرب لأنهم رسموا الحدود القطرية وأعاقوا التنمية واستنزفوا الموارد وحالوا دون وحدة العرب.
4 - الخطاب التمييزي ضد المرأة: على مر التاريخ الإسلامي، وبعد الخلافة الرشيدة، حرمت المرأة من كل علم نافع أو عمل صالح لمجتمعها، كانت الحروب هي السمة البارزة للعصر، وكان الطابع الحربي على العلاقات الدولية هو السائد بين الشعوب والأمم، والحروب ليست من طابع النساء، فتم تهميشهن اجتماعيًا، مما أنتج ثقافة اجتماعية متحاملة على المرأة تبرر الانتقاص من حقوقها، وتسوغ ممارسة العنف ضدها.
5 - الخطاب التشريعي التمييزي: يعمق التشريعات العربية التمييز ضد الأقليات وضد المرأة وبخاصة: قوانين التجنيس في معظم البلاد العربية، المواطنة إذا تزوجت من غير المواطن، تحرم هي وأولادها من حقوق المواطنة وتشريعات أخرى لا تجنس غير المسلم!
6 - التصنيف الطبقي: مجتمعاتنا العربية - التاريخية والمعاصرة ورغم انغماسها في مظاهر الحداثة، لازالت طبقية، تقول: إن الإسلام ساوى بين الناس، لكنها تمارس نقيض ما تقول! لا زالت مجتمعاتنا وبالرغم من تحضرها وانتشار التعليم والنور فيها، محكومة بعاداتها وتقاليدها وأعرافها، وهي أقوى من حكم التعاليم! قديمًا، كان هناك: المسلمون وأهل الذمة، والمسلمون ينقسمون طبقات اجتماعية هرمية: العرب وغير العرب، وغير العرب هناك الموالي، والعرب انقسموا إلى السادة من قريش، وغيرهم من بقية القبائل العربية التي تفاوتت أيضا فيما بينها اجتماعيًا، وعكس الوضع الطبقي نفسه على الأحكام الفقهية، فأنتج شرط (الكفاءة في الزواج) وبخاصة في شرط النسب والحسب، ولا تزال (الكفاءة) شرطًا في الزواج في بعض قوانين الأسرة، يتم بموجبه فسخ عقد الزواج!
7 - أوهام التفوق العرقي: كانت لمعظم الجغرافيين والمؤرخين العرب القدامى نظرة غير سوية إلى الأمم الأخرى، وطبقًا لدراسات د. عبدالله إبراهيم، فالمسعودي وهو من كبار المؤرخين الجغرافيين، يربط بين البيئة والطبائع البشرية وينتهي إلى أحكام تعميمية، تنمط البشر بحسب الأقاليم: عربيًا وعقليًا وأخلاقيًا، فالأسوأ هم الغربيون.. لماذا؟! لأنهم مؤنثون في طباعهم! أما أهل الشمال والجنوب، فهم في الدرك الأخير من الحيوانية! وليس هذا مقصورًا على المؤرخين العرب، كذلك المؤرخون من الأمم الأخرى، هذا طابع العصر.
8 - ويبقى (الخطاب التعليمي) وأقصد به ذلك النمط الآحادي، التلقيني، الذي لا يحصن الطالب من مرض الكراهية ولا يخرج مؤهلاً للتعايش مع المجتمع والآخر والعصر، بسلام ووئام.
ختامًا: وبطبيعة الحال، فإن الآخر الغربي ليس مبرَّءا من مرض الكراهية والعداء، فالتيارات الشعبوية الغربية الكارهة للآخر، اليوم طاغية، لكن ما يهمني، كاتبًا، إصلاح شأن بيتي، وتخليص أولادي من الكراهية، مصداقًا لقوله تعالى (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) وذلك لا يكون إلا بنقد الذات.
نقلا عن / الأيام
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة