مثلما أن هناك مصلحة مصرية مباشرة في علاقات جيدة متوازنة مع الإدارة الأميركية الجديدة تصون المصالح المشتركة للبلدين، وتعزز فرص سلام وأمن الشرق الأوسط
مثلما أن هناك مصلحة مصرية مباشرة في علاقات جيدة متوازنة مع الإدارة الأميركية الجديدة تصون المصالح المشتركة للبلدين، وتعزز فرص سلام وأمن الشرق الأوسط.
وتضمن إمداد مصر بأسلحة متقدمة تساعدها على تحقيق أمنها الوطني وأمن عالمها العربي، وتجنبها مخاطر الاستقطاب في عالم منقسم على نفسه ولم تستقر بعد علاقاته الدولية.
وتضمن فرص حشد المجتمع الدولي بقوة في الحرب على الإرهاب واجتثاث جذوره، خاصة أن الإدارة الأميركية الجديدة تضع هذا الهدف على رأس أولوياتها، وتوسع من نطاق تعامل مصر الاقتصادي مع أكبر اقتصادات العالم وأكثرها استهلاكاً، إضافة إلى فوائد أخرى عديدة..
أقلها تجنيب مصر مخاطر سوء الفهم المتبادل وتعارض المصالح وتناقضها مع أخطر قوة كونية، يحسن أن تربطها بمصر علاقات طبيعية تقوم على الاحترام المتبادل وتكافؤ المصالح المشتركة، وتعزيز فرص التعاون، وعدم التدخل في الشأن الداخلي، والعمل المشترك لصالح أمن العالم واستقراره.
وكما أن هناك مصلحة مصرية في تحقيق هذه الأهداف المشروعة، هناك مصلحة أميركية في علاقات قوية مع مصر، باعتبارها قوة إقليمية عربية ودولية لها تأثيرها المهم في نطاق عالمها العربي، وتستند في علاقاتها الأفريقية إلى تراث حضاري عمره سبعة آلاف عام، وتاريخ مشترك أسهم في انتشار ونجاح حركات التحرر الوطني، وخلق واقعاً متجدداً لأخوة مصرية أفريقية تضاهي أخوة مصر العربية..
فضلاً عن ذلك، فإن مصر تمثل قلب الشرق الأوسط ودرته اللامعة على ضفاف النيل التي فتحت أبواب المنطقة على مصراعيها لسلام شامل، عندما وقعت أول معاهدة للسلام مع إسرائيل.
لا تزال صامدة وسط أنواء عاصفة يأتي أخطرها من اليمين الإسرائيلي، الذي يقوده صقور متشددون لا يزالون يطمعون في الاستيلاء على أراضي الآخرين وفرض هيمنتهم على كامل الشرق الأوسط، وإهدار أبسط حقوق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة تقوم في سياق حل الدولتين..
بما ينهي كل أوجه الصراع العربي الإسرائيلي، ويفتح الطريق أمام علاقات طبيعية في المنطقة، خاصة أن مصر عضو نشيط في المجتمع الدولي، وطرف مؤسس في معظم مؤسساته ومنظماته، ومثال يحتذى في احترام قواعد القانون الدولي، وتعزيز علاقات التعاون بين دول الجنوب، وبين دول الجنوب والشمال، دعماً لتوازن المصالح بين الطرفين وصوناً للأمن والسلم الدوليين.
وبالطبع، يدرك المصريون والأميركيون أن هناك فرصة لعلاقات مزدهرة بين البلدين مع مجيء إدارة أميركية جديدة تبدي احترامها لدور مصر الشجاع في الحرب على الإرهاب.
وتعرف جيداً حجم التحديات الخطيرة التي تجابه مصر في هذه المعركة الضروس، خاصة بعد اللقاء الذي تم بين الرئيسين ترامب والسيسي في الولايات المتحدة، عَبر الرئيسان في نهايته عن مشاعر دافئة تغمرها الثقة المتبادلة، وأبديا ثقتهما المشتركة في تعزيز هذه العلاقات وتوثيقها..
ومن المؤكد أن الطرفين يدركان أيضاً أن هناك دروساً مستفادة عديدة تسفر عنها علاقات البلدين على امتداد أكثر من 45 عاماً، تغاير عليها ستة رؤساء أميركيين سابعهم ترامب، شهدت خلالها العلاقات بين البلدين نجاحات ضخمة كما شهدت أزمات كبيرة، لعل أخطرها ما حدث في فترة حكم أوباما بسبب تواطؤ إدارته مع جماعة الإخوان المسلمين.
حيث وصلت أزمة الثقة إلى حد منع إمدادات السلاح وقطع الغيار عن مصر بدعوى أن نهاية حكم محمد مرسي تمت بانقلاب عسكري، متجاهلة خروج أكثر من 30 مليون مصري إلى شوارع المدن الرئيسية يطالبون بإنهاء حكم المرشد والجماعة!
وثمة ما يشير إلى أن العلاقات الأميركية المصرية تجاوزت هذه الأزمة بعد مجيء ترامب الذي يعتقد أن غبناً شديداً وقع على مصر من جانب إدارة أوباما، ويعتبر جماعة الإخوان المسلمين ضالعة بصورة مباشرة في أعمال العنف بما يدخلها ضمن قائمة جماعات الإرهاب.
لكن ثمة محاذير ومخاوف بعضها طبيعي ومشروع لأن أجندة الرئيس الأميركي تحكمها رؤيته لدور الولايات المتحدة على اتساع العالم أجمع ونظرته الخاصة إلى مشكلات بعينها، سواء مشكلة الهجرة إلى الولايات المتحدة، وطبيعة علاقاته بإسرائيل.
وفهمه لحقيقة الإسلام، كما تحكم أجندة الرئيس السيسي اعتبارات أخرى تتعلق بالدور الإقليمي لمصر وعلاقاتها العربية ووضعها كدولة مسلمة تحكمها مرجعية الأزهر الشريف عنوان الاعتدال في فكر الإسلام وفقهه، التي يمكن أن تتغاير أو تختلف أو تتقاطع مع أجندة الرئيس ترامب في نقاط بعينها رغم توافقهما على أولوية الحرب على الإرهاب وضرورة احترام استقلال الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ورفض تغيير أنظمة الحكم بوسائل القوة والإكراه وبينها تدبير المكائد والقلاقل.
كما يتوافقان على أهمية إصلاح أخطاء العولمة التي كادت أن تصبح نظاماً شمولياً يفرض نفسه على العالم وأحقية الاقتصادات الوطنية في أن تحمي مصالحها دون الافتئات على حرية التجارة.
ولهذه الأسباب يصبح من الضروري أن يدرك الطرفان مصر والولايات المتحدة أهمية الإعداد الجيد للقاء السيسي وترامب في اجتماعهما الأول في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض في فبراير الحالي، بعد أن أصبح ترامب رئيساً للولايات المتحدة..
وبالقطع ثمة مجموعات من الخبراء المصريين داخل مؤسسة الحكم وخارجها، يبحثون بصورة مدققة حجم الفرصة المتاحة في زيارة السيسي المتوقعة إلى واشنطن، كما يبحثون محاذيرها المحتملة في ضوء التحديات التي تواجه الطرفين، وبالقطع ثمة مجموعات من الخبراء الأميركيين يبحثون الموضوع ذاته، أخذاً في الاعتبار أن الجميع يحدوه الرغبة في إنجاح هذه الزيارة مهما تكن المصاعب.
نقلا عن / البيان
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة