هناك في ليبيا اليوم صراعٌ يدخل مراحل تصعيد أخيرة، بين جنود الحق الوطني والسيادة وجنود الجماعة والمليشيا الإرهابية
كما في كل مرة، وكلما واجه أردوغان مأزقاً داخلياً مستفحلاً، سعى إلى تصدير أزمته إلى الخارج، مستغلاً أتباعه من "الإخوان" العرب، الذين تتقاطع أجندتهم مع أجندة نظام الملالي في إيران، فيتقاسمون معه ومع أتباعه السيطرة ويتبادلون الأدوار، وهذا ما نلاحظه في التهدئة التي تمت في إدلب، ليتفرغ نظام أردوغان للعمل بزخم أكبر على جبهة طرابلس الليبية ومليشياتها، وهنا نراهن على ما ستظهره الأيام القليلة المقبلة من نقل لوجستي برعاية تركيا من إدلب السورية إلى ليبيا عبر الجو والبحر، للاستفادة من السلاح المرتزق الذي تجيره تركيا لصالحها في ليبيا اليوم كما جيرته في سوريا أمس، وبتمويل قطري غير خفي.
هناك في ليبيا اليوم صراعٌ يدخل مراحل تصعيد أخيرة، بين جنود الحق الوطني والسيادة وجنود الجماعة والمليشيا الإرهابية التي تسعى للإبقاء على طرابلس وكراً لتهريب البشر والمخدرات وملاذا للمهربين والقتلة والسارقين
وكما في اليمن، يحدث في ليبيا، حيث تحاول قوى الخير أن توقف إطلاق النار لمصلحة المدنيين وصحتهم وسلامتهم، مع وباء كورونا المستجد، في الوقت الذي تمعن فيه قوى الشر ارتكاباً للجرائم وتهريباً للسلاح بدلاً من حمولات الأغذية والأدوية، ففي قاموس الجماعات الإرهابية القاعدية والداعشية والإخوانية وصولاً إلى جماعات ولاية الفقيه، هناك مفردة واحدة فوق كل اعتبار، هي مفردة الجماعة المسلحة والحزب المؤدلج لا الشعب الحر والدولة المستقلة ذات السيادة.
هناك في ليبيا اليوم صراعٌ يدخل مراحل تصعيد أخيرة، بين جنود الحق الوطني والسيادة وجنود الجماعة والمليشيا الإرهابية التي تسعى للإبقاء على طرابلس وكراً لتهريب البشر والمخدرات وملاذا للمهربين والقتلة والسارقين. وفي ليبيا هناك قائد حازم لجيش وطني، حمل أمانة استعادة الدولة والشرعية في وقتٍ كادت فيه مقومات الكيان تسقط لتحل محلها العصبيات القبلية والجهوية والقوميات والإثنيات، ولتصبح ليبيا المقسّمة مطمع كل تجار الجغرافيا وباعة الأوطان.
وهناك على أرض ليبيا اليوم، جنودٌ شرفاء أحرار يسطرون بالدم ملاحم وحدة الأرض الليبية، ويكتبون مفخرة جدّهم المختار، فالعثماني اليوم يحل محل إيطاليا الأمس، وجنود الأتراك اليوم يحتلون طرابلس كما احتلها إيتالو بالبو رودولفو غراتسياني قبلهم، ولكن التاريخ سينحاز حتماً إلى المختار لا الاستعمار، وسيكون الحسم وفق أجندة التحرير التي أعلنها الجنرال حفتر وقادة الجيش الوطني الليبي، ولن يهدأ لدواعش مصراتة وقاعديي طرابلس بال، ما دام هناك في ليبيا جيش وشعب يتكاتفان في سبيل الحفاظ على وحدة التراب الوطني من البردية شرقاً إلى نالوت غرباً.
ولا يمكن أن نغفل جانباً رئيسياً من المعادلة التي تحتم انتصار الجيش الوطني والشرعية البرلمانية على مليشيات الوفاق، وهو يكمن في تقاطع المصالح الدولية، التي تتأكد اليوم أكثر من أي وقت مضى، في ضرورة التعاون الأممي لا في مواجهة الأمراض والأوبئة فحسب، بل وفي القضاء على بؤر التوتر والتطرف والإرهاب عبر مواجهة تجار الحروب ومبتزي العالم بالسلاح واللاجئين وداعش.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة