أردوغان إلى طرابلس.. نسف التوافق وترميم المليشيات
توقيت ملغوم يستعد أثناءه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لإجراء زيارة إلى العاصمة الليبية طرابلس.
زيارة مرتقبة كشفت عنها مصادر إعلامية استنادا إلى معطيات دبلوماسية، في خطوة يرى خبراء أنها، إن تمت، فإنها تهدف لنسف التوافق الليبي، وترميم صفوف حلفاء أنقرة من المليشيات.
ومع أن لا معطيات إضافية حول تاريخ الزيارة، إلا أن سياقها الذي يأتي قبل أو بعد مؤتمر الحوار الليبي المقرر في تونس الإثنين المقبل، وعقب تراجع زعيم مليشيات طرابلس فايز السراج عن وعده بالاستقالة، يلبد المشهد الليبي بتعقيدات وغموض مريب.
ضرب اللجنة العسكرية
عضو مجلس النواب الليبي، الدكتور علي التكبالي، اعتبر أن زيارة أردوغان المرتقبة تهدف إلى رفع معنويات المليشيات المسلحة في طرابلس.
وأضاف التكبالي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن الزيارة تهدف أيضا لـ"تشجيع أولئك الذين يريدون للأتراك أن يبقوا ليفسدوا الاتفاق الذي توصلت إليه اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة في جنيف وغدامس".
ولفت إلى أن أردوغان مصمم على إفساد هذا الحوار وأي توافق بين الليبيين، حتى يستفيد من كل شيء.
وأكد أنه "ليس من مصلحة تركيا حصول توافق بين الليبيين، لضمان سيطرتها على الاقتصاد حاليا في المنطقة الغربية"، مشيرا إلى أن أنقرة انتهكت كل الاتفاقيات باستمرارها في تدريب الكوادر الليبية، ونقل السلاح والعتاد والأفراد إلى المليشيات في طرابلس.
والثلاثاء، اختتمت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) اجتماعاتها في غدامس، وتوصلت إلى عدة توصيات، بينها تشكيل لجنة عسكرية فرعية للإشراف على عودة القوات إلى مقراتها، وسحب القوات الأجنبية من خطوط التماس.
ورفضت المليشيات المسلحة غربي ليبيا، الامتثال لقررات اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة في غدامس، بفتح الطرق بين المدن، وأعلنت مليشيا "القوات المساندة الموالية لتركيا أنها لن تقبل بفتح الطريق والتواصل مع أي منطقة".
تنظيم صفوف الحلفاء
من جانبه، رأى المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، أن زيارة أردوغان إلى طرابلس ستكون من أجل إعادة تنظيم صفوف حلفائه في غرب ليبيا، بما يتوافق ومصالح تركيا وبقائها بالبلاد، حتى إن توجب إقصاء بعض الشخصيات التى تفضل المصالحة الوطنية.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، توقع المرعاش أن يكلف أردوغان مليشياته وبعض التنظيمات الإرهابية في طرابلس باغتيال الشخصيات التي لم تستجب للأوامر التركية.
ووفق الخبير، فإن أردوغان أدرك أن كثرة اللاعبين المحليين من حلفائه في العاصمة طرابلس، وصراعهم على المناصب، وتموضعهم في السلطة القادمة، في إطار العملية السياسية التي تقودها البعثة الأممية، بدأ يخرج عن سيطرته، وربما يقوض الوجود التركي في ليبيا.
وأوضح المحلل السياسي أن أنقرة تنظر لتحركات فتحي باشاغا وزير داخلية السراج، وزيارته الأخيرة للقاهرة، على أنها تجاوز لتعليماتها، خصوصًا بعد انفتاحه على مصر وفتحه قنوات اتصال مع قيادة الجيش الوطني، وانتقاداته الشديدة لزعماء تنظيم الإخوان.
والأربعاء، زار باشاغا العاصمة المصرية للتباحث مع مسؤوليها حول تفكيك المليشيات، وإخراج المرتزقة وفتح قناة تواصل مع القاهرة.
وبالنسبة لـ"المرعاش"، فإن أردوغان سيعمل على تحديد واختيار من يعتبره الأكثر قربا للمصالح التركية من بين حلفائه المحليين، وسيطلب من الآخرين التعاون معه، وثانيًا سيطلب ممن اختاره أن يصرح علنا بأن الاتفاقيات التى وقعت مع تركيا مؤخراً خط أحمر لا يجب المساس به في أي تسوية سياسية.
كما قد يطلب تسوية ديون الشركات التركية وتعويضها بسرعة، ومن تم عودتها لتوقيع عقود جديدة، وقد يعلن أيضا عن خطوات تركية تصب في تطبيق هذه الاتفاقيات خصوصا فيما يتعلق بمسائل التنقيب عن النفط والغاز، وأيضًا التواجد العسكري في بعض القواعد العسكرية.
بداية التصعيد
أما المحلل السياسي الليبي، ناصف فرجاني، فاعتبر أن الزيارة تستبطن بداية التصعيد من قبل أردوغان، بعد تأكده من نتائج الانتخابات الأمريكية وعودة الديمقراطيين حلفائه كرعاة للإسلام السياسي.
وقال فرجاني لـ"العين الإخبارية"، إن الزيارة تهدف لنسف كل النجاحات والانفراجات في المسار العسكري والأمني والاقتصادي، والتقدم المتوقع في المحور السياسي بتونس.
وأشار إلى أن أردوغان يمارس -بزيارته إلى طرابلس- أقصى درجات التصعيد والتهديد والضغط على أوروبا، كما أنه يقف بشكل مباشر ضد نجاح الدور المصري، خاصة بعد خروج باشاغا عن طاعة تركيا وخضوعه للشروط المصرية المتعلقة بتفكيك المليشيات.
ورأى أن تركيا تمارس ضغطًا لضمان الحصول على 30 مليار دولار تعويضا عن مشاريع لها لم تنفذ في ليبيا قبل 2011، مؤكدًا أن استمرار شحن الأسلحة إلى القاعدة الجوية في مصراتة والوطية من قبل تركيا، يعكس عدم جديتها للانخراط في أي حل سياسي.
من جانبه، يعتبر حسين مفتاح المحلل السياسي الليبي، أن زيارة أردوغان إلى طرابلس في هذا التوقيت، تأتي في إطار استعراض القوة، مشيرًا إلى أنه يوجه بذلك رسائل ليس لليبيين وحدهم بل لخصومه في المنطقة، بأن ليبيا هي الحديقة الخلفية له.
وأوضح مفتاح، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن أردوغان يعبث بالواقع السياسي في ليبيا، ويريد أن يكون لتركيا دور كبير في المنطقة بتعزيز نفوذه في طرابلس حتى يمكنه أن يتعامل بندية مع الكبار.