ما يقوم به الجيش الليبي بإحكام قبضته وتطهير العاصمة طرابلس من المليشيات الإرهابية والإخوانية لا يقتصر تأثيره على الجغرافيا الليبية
تقف الدولة الليبية على أعتاب مرحلة مهمة مع إعلان الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر "المعركة الحاسمة والتقدم نحو قلب العاصمة طرابلس"، وهي مرحلة مهمة في طريق تثبيت ركائز الدولة الليبية والخلاص من حالة الانقسام التي عاشتها ليبيا لسنوات طويلة وأصبحت مرتعاً للجماعات والتنظيمات الإخوانية الليبية التي وجدت هي ومن يسير على نهجها من بقايا تنظيم داعش في الدولة الليبية ملاذاً آمناً في ظل حالة الانهيار التي تعيشها الجماعة الإخوانية وتنظيم داعش الإرهابي بعد تدمير خلافته المزعومة ومقتل زعيمه أبوبكر البغدادي.
نتيجة لذلك فإن ما يحدث في ليبيا لا تقتصر تأثيراته وتداعياته على الخارطة الليبية بل تمتد إلى الخارطة العربية، ما يتطلب وجود دعم سياسي عربي داعم ومكمل للجهود التي يبذلها الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر باتجاه تحرير طرابلس
ربما ما يميز "معركة التقدم نحو قلب العاصمة طرابلس" أنها جاءت في ظروف سياسية دولية وإقليمية تتجه نحو سحب الاعتراف بحكومة الوفاق التي سعت لتوظيف الاعتراف الدولي الذي تحظى به في طريق مواصلة احتضان المليشيات الإخوانية والإرهابية، وأيضا محاولة شرعنه العدوان التركي على الدولة الليبية وتوظيف الاعتراف الدولي لحكومة الوفاق في خدمة الأطماع التركية في ثروات شرق المتوسط عبر الإعلان الأخير عن "اتفاقية بين حكومة السراج وأردوغان"، وبالتالي هذا التحول الدولي عبر الاتجاه إلى سحب الاعتراف الدولي بحكومة الوفاق.. وكانت اليونان قد اتخذت خطوة باتجاه الاعتراف بالبرلمان الليبي "ممثلاً شرعياً" في خطوة بلا شك تصب في مصلحة دعم عمليات الجيش الوطني الليبي في دك أوكار المليشيات الإرهابية في طرابلس.
أيضا تأتي معركة التقدم نحو قلب طرابلس في ظروف داخلية تتجه إلى تكثيف الدعم والتأييد لعمليات الجيش الوطني، فالاتفاقية الأخيرة بين حكومة السراج والدولة التركية هي خطوة تعدّ انتهاكا لسيادة واستقلال ليبيا، وهي بلا شك خطوة سوف تسهم في توحيد الصف الداخلي الشعبي والسياسي والقبلي باتجاه دعم الجيش الوطني الليبي، وهو ما يعني أن حكومة الوفاق ومليشياتها الإخوانية بدأت مجردة من الاعتراف السياسي الدولي ومجردة من التأييد الداخلي، وهو ما يعجل باتجاه إحكام الجيش الوطني الليبي قبضته على العاصمة طرابلس آخر أوكار الجماعات والتنظيمات الإرهابية.
إن ما يقوم به الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر في طريق إحكام قبضته وتطهير العاصمة الليبية طرابلس من المليشيات الإرهابية والإخوانية هو أمر لا يقتصر تأثيره على الجغرافيا الليبية، بل يتخطى تأثير ذلك إلى المنطقة العربية بأكملها، لأن ما يقوم به الجيش الوطني الليبي يستهدف قطع الطريق أمام المحاولات التركية - القطرية في إعادة إنتاج تنظيمات إرهابية جديدة بعد انحسار تنظيم داعش، والتي من مظاهرها الهجرة العكسية التي لعبت تركيا دوراً رئيسياً فيها عبر نقل عناصر تنظيم داعش الإرهابي من الأرض السورية إلى الأراضي الليبية، وأيضا تقديم أنقرة الدعم بالأسلحة والذخائر للجماعات الإرهابية في طرابلس، حيث كانت تركيا باتجاه العمل على إطالة أمد الأزمة الليبية، وعرقلة القضاء على التنظيمات الإرهابية، وضرب التسوية السياسية، في محاولة لتوظيف ذلك في العداوة التركية باتجاه مصر عبر استهداف أمن واستقرار مصر التي تحد ليبيا من الشرق، إلى جانب الاستفادة من تغذية الأزمة الليبية باتخاذها مركزا للتمدد وتثبيت الوجود في القارة الأفريقية، وأيضا توظيف الحالة الإرهابية في طرابلس في خدمة العداء التركي تجاه العرب وتوظيف ذلك في محاولة لتغذية الفوضى لتصديرها نحو المنطقة العربية.
نتيجة لذلك فإن ما يحدث في ليبيا لا تقتصر تأثيراته وتداعياته على الخارطة الليبية بل تمتد إلى الخارطة العربية، ما يتطلب وجود دعم سياسي عربي داعم ومكمل للجهود التي يبذلها الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر باتجاه تحرير طرابلس، فمن شأن الدعم السياسي العربي أن يعجل باتجاه تحرير طرابلس وأيضا خلق ضغط سياسي عربي على القوى الدولية باتجاه سحب الاعتراف الدولي بحكومة الوفاق، وأيضا يقطع الطريق أمام المحاولات التركية للتدخل بشكل مباشر عبر الإعلان التركي بالاستعداد لإرسال قوات تركية إلى طرابلس.
إن عملية التقدم نحو قلب طرابلس التي أعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر البدء فيها، ليست مشروعاً ليبياً بقدر ما هي مشروع عربي، لأن المستهدف ليس فقط المليشيات الإخوانية الإرهابية في طرابلس، بل المستهدف هو إسقاط المشروع التركي في الأرض الليبية، وبالتالي يجب أن يكون هناك حراك عربي يستهدف إضفاء المشروعية العربية على عمليات التحرير التي يقودها الجيش الوطني الليبي في مقابل المحاولات التركية لإضفاء المشروعية على حكومة الوفاق
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة