مباحثات الرياض.. «هدنة مشروطة» في البحر الأسود

أسفرت مباحثات الرياض على اتفاق بين واشنطن وكل من موسكو وكييف على ضمان سلامة الملاحة في البحر الأسود.

وقالت الولايات المتحدة اليوم الثلاثاء إنها أبرمت اتفاقين منفصلين مع أوكرانيا وروسيا لضمان سلامة الملاحة في البحر الأسود ولتطبيق حظر استهداف منشآت الطاقة في البلدين.

• أمريكا تُفتش في السعودية عن «منطقة رمادية» بين روسيا وأوكرانيا

وسيمثل الاتفاقان، في حال تنفيذهما، أبرز تقدم حتى الآن نحو وقف إطلاق نار أوسع نطاقا، تعتبره واشنطن خطوة نحو محادثات السلام لإنهاء الحرب الروسية المستمرة منذ ثلاث سنوات في أوكرانيا.

وأكدت الدولتان أنهما ستعتمدان على واشنطن في تطبيق الاتفاقين.

وذكر البيت الأبيض في بيان أن واشنطن ستساعد روسيا على وصول صادراتها الزراعية والأسمدة إلى السوق العالمية من جديد، وستواصل تسهيل المحادثات بين الجانبين في محاولة لتحقيق سلام دائم.

وأوضح البيت الأبيض أن واشنطن "ستبدأ برفع العقوبات الزراعية عن روسيا".

شرط روسيا

وبدا أن هذا الرفع سهل التوصل إلى الهدنة، إذ طالما اعتبرت موسكو أن كييف هي المستفيدة من "مبادرة الحبوب" التي طُبقت في السابق في البحر الأسود، باعتبار أن العقوبات الغربية تضع قيودا على تصدير السلع الزراعية الروسية.

وأكّدت روسيا أن الاتفاقات المعلنة من واشنطن والمتعلّقة خصوصا بالهدنة في البحر الأسود "لن تدخل حيّز التنفيذ إلا بعد رفع القيود الغربية على صادرات الحبوب والأسمدة الروسية".

وقال الكرملين في بيان إنه يتوقّع "رفع العقوبات"، لا سيّما تلك التي تطال بنكه الزراعي الكبير "روسلخوزبنك" و"بعض المنتجين والمصدّرين للمواد الغذائية والأسمدة"، وتلك المفروضة على "شركات التأمين على الحمولات".

وأكد أن موسكو وافقت على ضمان الملاحة الآمنة في البحر الأسود، لكنه طالب برفع العقوبات على السفن الروسية أيضا.

وأضاف: "أمريكا ستساعد في عودة وصول الصادرات الزراعية والأسمدة الروسية إلى السوق العالمية"، موضحا أن روسيا وأمريكا اتفقتا على تدابير لوقف الهجمات على منشآت الطاقة الروسية والأوكرانية لمدة 30 يوما اعتبارا من 18 مارس/آذار.

وأوضح أن الحظر المؤقت سار لمدة 30 يوما بدءا من 18 مارس/آذار وربما يمتد بموافقة الطرفين، ونشر قائمة بمنشآت الطاقة الروسية والأوكرانية التي يحظر استهدافها مؤقتا.

وشدد على أنه "في حال خرق أي طرف لوقف الهجمات فللطرف الآخر أن يعتبر نفسه في حل من التزامه به".

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "سنحتاج إلى ضمانات واضحة. وبالنظر إلى التجربة المؤلمة للاتفاقات مع كييف وحدها، فإن الضمانات لا يمكن أن تكون إلا نتيجة أمر من واشنطن إلى (الرئيس الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي وفريقه بفعل شيء واحد محدد".

انتقاد أوكراني

من جهته، قال زيلينسكي "أوكرانيا تفهم أن وقف إطلاق النار المتفق عليه سيسري على الفور في أعقاب الإعلان الأمريكي".

وأضاف "الاتفاق لا يحدد الإجراءات الواجب اتخاذها إذا خرقت روسيا وقف إطلاق النار وأوكرانيا ستتوجه مباشرة إلى أمريكا في هذه الحالة. سأطلب أسلحة من ترامب وعقوبات جديدة على روسيا إذا خرقت وقف إطلاق النار".

وانتقد قرار واشنطن مساعدة روسيا على استعادة وصول منتجاتها الزراعية إلى السوق العالمية. وقال في مؤتمر في كييف "نعتقد أن هذا يضعف موقفنا ويضعف العقوبات، ولا نعرف تفاصيل هذا الأمر بعد".

تفاصيل

وطلبت أوكرانيا مشاورات إضافية لتسوية "تفاصيل" الاتفاقيات التي أعلنتها الولايات المتحدة وقالت إن كلا من كييف وموسكو تعهدتا بتجنب الضربات في البحر الأسود.

وصرح وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف الذي شارك في المحادثات في السعودية على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه "من المهم إجراء مشاورات فنية إضافية في أقرب وقت ممكن للاتفاق على جميع التفاصيل والجوانب الفنية لتنفيذ الترتيبات ومراقبتها وضبطها".

وقال إنه في حال تحركت السفن الحربية الروسية من الجزء الشرقي من البحر الأسود فإن "اوكرانيا سيكون لها الحق الكامل في ممارسة حق الدفاع عن النفس".

مبادرة البحر الأسود

وتأتي "هدنة البحر الأسود"، بعد اتفاق سابق كان يضمن سلامة الملاحة في البحر الأسود، سمح لأوكرانيا بتصدير ما يقرب من 33 مليون طن من الحبوب بأمان رغم الحرب.

وانسحبت موسكو من الاتفاق في عام 2023، قائلة إن صادراتها من الغذاء والأسمدة تواجه مشاكل كبيرة بسبب العقوبات الغربية التي تؤثر على المدفوعات والخدمات اللوجستية والتأمين.

ويبدو أن هذا التحفظ الروسي كان وراء قرار واشنطن البدء في رفع العقوبات على المنتجات الزراعية لروسيا.

وأوضح لافروف أن اتفاق البحر الأسود كان على رأس مناقشات مسؤولين أمريكيين وروس اجتمعوا في السعودية أمس الاثنين.

ونقلت هيئة البث العامة الأوكرانية عن مصدر قوله في وقت سابق إن مسؤولين أوكرانيين وأمريكيين سيجتمعون في العاصمة السعودية الرياض اليوم الثلاثاء.

اجتماعات الرياض

واختتمت في الرياض اجتماعات ممثلي روسيا والولايات المتحدة أمس بعد أكثر من 12 ساعة من المشاورات، حيث ناقش الوفدان القضايا المتعلقة بتسوية النزاع الأوكراني.

واحتتمت اليوم محادثات مماثلة بين وفدين أمريكي وأوكراني.