الحلفاء في ثياب «علماء الكرملين».. دائرة ترامب تحت الدراسة
في لحظات التغيير الكبرى، ينظر المسؤولون والمحللون إلى التفاصيل الصغيرة، ويدرسون من يعبر الدائرة الضيقة لصانع القرار للحصول على لمحة ما.
ووفق مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، عمل كبار المسؤولين الأوروبيين والحلفاء المجتمعين في منصة أمنية كبيرة خلال الأيام الماضية، بشكل محموم على تفسير تركيبة الدائرة الضيقة للرئيس المنتخب دونالد ترامب، وما يعنيه ذلك.
وظهرت لعبة التخمينات عالية المخاطر هذه في منتدى هاليفاكس للأمن الدولي في كندا، حيث اجتمع وزراء الخارجية والدفاع والمشرعون ومسؤولو حلف شمال الأطلسي (الناتو) لإجراء مناقشات حول قضايا الأمن العالمي.
وهيمنت الأسئلة حول من يجلس في الدائرة المقربة من ترامب، ومن قد يكون له تأثير فعلي على الرئيس المنتخب، على أحاديث الممرات في المؤتمر.
دبلوماسي كبير من إحدى دول "الناتو" قال إن ”ماركو روبيو هو وزير للخارجية، ولكن هل سيسيطر إيلون ماسك على أذن ترامب بشأن أوكرانيا؟ هل سيكون لمايك والتز أو دونالد جونيور أو تاكر كارلسون الكلمة الأخيرة بشأن سياسة الناتو؟".
قبل أن يضيف ”نحن مستهلكون بهذه الأسئلة، وبصراحة الأمر مرهق بالفعل.. ولكن، لا يمكننا تجاهلها، فهي لا تزال مهمة“.
في الوقت الذي كان فيه الحضور يجلسون لتناول عشاء من جراد البحر ليلة الجمعة الماضي، بعد يوم من الجلسات التي ناقشت مستقبل الديمقراطية والسياسات المتوقعة من الرئيس الأمريكي المنتخب، كان ترامب في جنوب فلوريدا يعلن عن المزيد من الترشيحات لفريقه الرئاسي بسرعة البرق.
إذ قام ترامب في ذلك الوقت، بتسمية أشخاص لسبعة مناصب في أقل من 90 دقيقة، من بينهم تعيين أليكس وونغ نائبًا لمستشار الأمن القومي، وسيباستيان غوركا لمنصب رفيع في البيت الأبيض لمكافحة الإرهاب. لكنها ترشيحات تثير الحيرة فيما يتعلق بمستقبل سياسات البيت الأبيض.
"علماء الكرملين"
هنا، قال جيم تاونسند، وهو مسؤول كبير سابق في البنتاغون في عهد إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، ويعمل الآن في مركز الأمن الأمريكي الجديد للأبحاث: ”نحن الآن مثل علماء الكرملين“.
ويشير تاونسند إلى كيفية دراسة المسؤولين الغربيين عن كثب للمعلومات الواردة من الاتحاد السوفياتي الخاضع لرقابة مشددة في حقبة الحرب الباردة، محاولين التكهن بمن كان له نفوذ داخل الكرملين استنادًا على سبيل المثال إلى الصور، ومن وقف بجانب من في العروض العسكرية.
وفيما يتعلق بترامب، قال تاونسند ”نحن نقرأ من يقف بجانبه في مباراة، ومن يلعب الغولف معه، ومن لم يعد مقربا“.
وأضاف ضاحكًا: ”يبدو الأمر سخيفًا أن نكون في موقع عالم الكرملين عندما يتعلق الأمر ببلدنا الذي نحاول اكتشافه“.
يسلط هذا النقاش الضوء على القلق المتزايد حول ما يعنيه صعود ترامب الثاني إلى البيت الأبيض بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة، وسط الحروب في أوكرانيا، والشرق الأوسط، والتعاون المتزايد بين الخصوم الغربيين مثل روسيا والصين وإيران.
كما أن هذا القلق يعكس أيضًا كيف أن المسؤولين الأجانب يضعون استراتيجيات لتحقيق اختراقات مع فريق ترامب الرسمي، وأعضاء حكومته ومجلس الأمن القومي، وزمرة المستشارين غير الرسميين الذين يزاحمون دائرته الداخلية، والتي تضم الآن مؤسس شركة تسلا إيلون ماسك.
وتطرق العديد من الحاضرين في منتدى هاليفاكس بشكل خاص إلى تأثير ماسك المحتمل في مجال السياسة الخارجية نظراً لمصالحه التجارية في جميع أنحاء العالم، ومدى اعتماد بعض الدول بالفعل على تكنولوجيا الأقمار الصناعية التي يملكها ستارلينك لأغراض أمنية.
ومع ذلك، أعلن المشرعون الأمريكيون على منصة المؤتمر العام، أن أسس التحالف عبر الأطلسي ستبقى قوية في عهد ترامب.
ترحيب وقلق
وعلى سبيل المثال، حظي خيارا ترامب لشغل أعلى المناصب في مجال الأمن القومي، وهما روبيو (جمهوري من ولاية فلوريدا) لمنصب وزير الخارجية، ووالتز (جمهوري من ولاية فلوريدا) لمنصب مستشار الأمن القومي، بترحيب كبير في دوائر الحلفاء.
لكن هناك مخاوف بشأن تأثير الشخصيات الأكثر انعزالية في فلك الرئيس المنتخب، بما في ذلك نائب الرئيس جيه دي فانس، وسيباستيان غوركا الذي أعلن ترامب يوم الجمعة الماضي أنه سيشغل منصباً رفيعاً في مجلس الأمن القومي.
وقال أحد كبار المسؤولين السابقين في إدارة ترامب: ”الفريق غير الرسمي هو الفريق الذي يهمنا“، مضيفا ”قد يتغير هذا الأمر بمجرد أن يستقر ترامب في منصبه في واشنطن، ولكن في الوقت الراهن، دون جونيور (دونالد ترامب الابن) أكثر أهمية من ماركو روبيو“.
وتكهن أحد المسؤولين الأوروبيين مع زملائه حول المدة التي قد يستمر فيها روبيو في هذا المنصب، مستذكراً معدل التغيير المرتفع في ولاية ترامب الأولى. وتوقع المسؤول ”ثمانية أشهر“، قبل أن يتم استبداله.
ويقول العديد من المسؤولين الأوروبيين إنهم على عكس عام 2016، مستعدون للتعامل مع كلا الجانبين في عالم ترامب؛ الفريقين الرسمي وغير الرسمي، شريطة أن يتمكنوا من معرفة أيهما أكثر نفوذًا.
ووفق "بوليتيكو"، كان الجميع في هاليفاكس، بما في ذلك أولئك الذين اقتنعوا أو يحاولون إقناع أنفسهم بأن ترامب سيحافظ على التزامات أمريكا تجاه أوكرانيا وحلفائها، يتحدثون عن منشور الابن الأكبر للرئيس المنتخب على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي، والذي انتقد الرئيس جو بايدن لتخفيفه القيود المفروضة على استخدام كييف لصواريخ "ATACMS" الأمريكية الصنع.