رسائل "واكو".. قبعات ترامب الحمراء تعود لـ"ساحة الدم"
على وتر مشدود بين حذر رجل أعمال ناجح وجرأته يقطع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب طريقا قد يقوده إلى البيت الأبيض أو للسجن.
وفي خضم حملة انتخابية تتعثر بملاحقات قضائية، يعتزم ترامب أن يدشن أول مهرجان انتخابي له اليوم السبت، من دون أن ينسى تفخيخه برسائل مشفرة.
وتبدو الرسالة الأبرز للرئيس السابق محملة بالدلالات، فهي من جانب إشارة إلى رهانه على قاعدة اليمين المتطرف، ومن جهة أخرى تحذير للسلطات من أنها ستواجه عواقب وخيمة إذا ما أخطأت الحسابات في تعاملها معه.
الموقع
هذه الرسالة صاغها ترامب عبر جغرافيا مشحونة بدلالات تاريخية، إذ اختار لمهرجانه الأول منطقة واكو التي شهدت مواجهة بين جماعة مناهضة للحكومة والأمن الفيدرالي أوقعت قتلى في عام 1993.
وتحيي المدينة الواقعة في ولاية تكساس الذكرى الـ30 للمواجهة التي سقط خلالها 80 قتيلا، تعتبر بمثابة مرجع لنشطاء اليمين المتطرف الذين يتغنون بمقاومتها ما يصفونه بـ"تجاوزات الحكومة".
هؤلاء هم أنفسهم الأنصار الذين استعان بهم ترامب في أعقاب خسارته الانتخابات الرئاسية في يناير/كانون الثاني 2021، حينما طلب منهم الاحتشاد حول الكونغرس الأمريكي الذي كان يقر نتائج الاقتراع الذي فاز فيه الرئيس الحالي والخصم المحتمل جو بايدن، فيما عرف بأحداث الكابيتول.
الزلزال
وزلزل اقتحام أنصار ترامب للكابيتول واشنطن، واعتبر الحادث أسوأ اعتداء على رمز الديمقراطية الأمريكية منذ أكثر من 200 عام، والذي جاء في محاولة لتعطيل جلسة التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.
وحينها، حطم المتظاهرون النوافذ وتسلقوا الأسوار ليشقوا طريقهم إلى داخل مبنى الكونغرس، حيث تجولوا في الممرات واشتبكوا مع الشرطة وسرقوا ونهبوا وحطموا الأبواب والأثاث داخله.
لكن المشاهد الصادمة لم تقف تداعياتها على حافة المحيط الأطلسي، بل عبرته، في تسونامي ضرب شواطئ أوروبا أيضا.
وحينها قال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن "ما رأيناه يوم الأربعاء (6 يناير/كانون الثاني) لم يكن سوى ذروة التطورات المقلقة للغاية التي حدثت على مستوى العالم في السنوات الماضية. يجب أن تكون جرس إنذار لكل أنصار الديمقراطية".
وفي ذلك الوقت حذر المسؤول الأوروبي من أنه "إذا اعتقد بعض الناس أن الانتخابات كانت مزورة، لأن زعيمهم يخبرهم بذلك مرارا وتكرارا، فسوف يتصرفون وفقا لذلك".
واليوم يكرر ترامب على ما يبدو الصيغة نفسها، إذ يرى أن الملاحقات القضائية محاولة لإبعاده عن السباق الرئاسي.
ومهرجان اليوم السبت يأتي وسط موجة من التصريحات العدائية المتزايدة لترامب الذي يندد بـ"حملة مطاردة" من جانب مدعين يصفهم بأنهم "حثالة" يلاحقونه في قضايا في نيويورك وواشنطن وأتلانتا.
ويتوقع أن يخاطب الزعيم الجمهوري 15 ألفا من أنصاره، في وقت يحصن موقعه أمام اتهامات محتملة متعلقة بدفع المال لنجمة إباحية في مقابل شراء صمتها على علاقة جنسية، قبل أيام من انتخابات 2016.
ودعا ترامب، البالغ 76 عاما، الذي واجه إجراءات عزل بتهمة التحريض على تمرد، الأسبوع الماضي أنصاره للاحتجاج تنديدا بمدعي مانهاتن العام ألفين براغ، وتوقع الرئيس السابق أن يتم "توقيفه" من دون تقديم إثبات على ذلك.
القبعات الحمراء
وجاء بعض الذين وصلوا إلى واكو من ولايات أخرى، متحمسين لرؤية ترامب يعود إلى المكتب البيضاوي. وارتدى الكثير منهم قبعات بيسبول كتب عليها عبارة "ماغا"، وهي اختصار الشعار "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا"، أو لوحوا برايات داعمة لحملته.
وقال كيلي هيث (49 عاما) الذي جاء من ولاية جورجيا: "لدينا قوة عارمة خلف دونالد ترامب لم نطلق العنان لها بعد"، مضيفا: "ستُصابون بالذهول".
وتوجه أنصار ترامب إلى "نصب حصار واكو" الذي يخلد ذكرى نحو 80 شخصا لقوا حتفهم في المواجهة في مجمع لأتباع ديفيد كوريش، بعدما حاصره عناصر الأمن الفيدراليون في 1993.
وقال القس المساعد في موقع النصب، بيتر كريستيان، إن "واكو في الحقيقة مركز الحركة الوطنية، الحركة لمساعدة أمريكا في العودة إلى جذورها... تمكين المواطنين كي تكون لهم حقوق دستورية".
ونشرت صحيفة هيوستن كرونيكل مقالة الخميس تتهم ترامب بإقامة مهرجانه في الذكرى الثلاثين ليكون "بوقا صادحا" للمتطرفين من أنصاره.
وكتبت ماري ترامب، ابنة شقيقه المنتقدة له على تويتر: "إنها خدعة لتذكير جماعته بحصار واكو السيئ السمعة عام 1993، عندما حاربت جماعة مناهضة للحكومة مكتب التحقيقات الفيدرالي".
أضافت "مات عشرات الأشخاص. وهو يريد أن تقع أعمال الفوضى العنيفة نفسها لإنقاذه من العدالة".
وأعلنت الإخصائية في علم النفس والكاتبة، عن مسعى للحد من الحضور في مهرجان عمها، ودعت متابعيها على تويتر وعددهم 1,6 مليون لحجز المكان، كي يكون فارغا إلى حد كبير "عندما يعتلي الخائن المنصة"، على حد تعبيرها.
في ساعة مبكرة من يوم أمس الجمعة وجه ترامب تحذيرا بشأن عواقب صدور قرار اتهام، متوقعا حصول "موت ودمار محتملين... قد يكون كارثيا على بلدنا".
حصار واكو ونهاية العالم
وتعود أحداث واكو إلى شهر فبراير/شباط عام 1993 حينما حاصرت قوات من الجيش الأمريكي أعضاء طائفة دينية يقودها متطرف يدعى ديفيد كوريش.
وتحركت السلطات الأمريكية في 28 فبراير/شباط، حينما وردت تقارير تفيد بأن أنصار الطائفة يعمدون إلى تخزين الأسلحة في مراكزهم تحضيرا لنهاية العالم.
وعلى أثر ذلك قام مكتب التحقيقات الفيدرالي بمداهمة ممتلكات تابعة لأعضاء الطائفة، واعتقل مؤسسها ديفيد بتهمة حيازة الأسلحة غير المشروعة، ولكن سرعان ما قتل 4 أفراد من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية و6 من أتباعه في تبادل لإطلاق النار.
واستمر اعتقال كوريش لنحو شهرين قبل أن يطلق سراحه ويعتصم بين أنصاره، ما دفع القوات للتحرك لفض اعتصامهم، واقتحمت المبنى وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى وفاة العشرات، وخلال الهجوم قتل الداعية بطلقة في الرأس.
فرص ترامب
ويُعتقد أن ترامب هو الأوفر حظًا بفارق كبير للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية العام 2024.
والمنافسون المحتملون الآخرون، والذين يتقدمهم حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، امتنعوا في البداية عن انتقاد نجم تلفزيون الواقع السابق، لكنهم بدأوا في الفترة الأخيرة ينتقدون شخصيته والفضائح المتواصلة المحيطة به.
aXA6IDMuMTQ1LjguMTM5IA==
جزيرة ام اند امز