ما هي المعلومات السرية التي أفشاها ترامب للروس؟
المعلومات الاستخبارية التي أفشاها الرئيس الأمريكي للمسؤولين الروس ربما تعرض حياة جاسوس إسرائيلي للخطر وفقا لتحذيرات مسؤولين أمريكيين
المعلومات الاستخبارية، التي أفشاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمسؤولين الروس، خلال اجتماع عقده الأسبوع الماضي في البيت الأبيض، أشارت إلى تقدم حققه تنظيم "داعش" الإرهابي في صناعة قنابل طوّرها للاستخدام ضد الطائرات التجارية، وفقا لمسؤولين وخبراء أمريكيين، حذرّوا من أن كشف ترامب ربما يُعرّض للخطر حياة جاسوس إسرائيلي.
وفي تقرير نشرته صحيفة "يو إس إيه توداي"، على موقعها الإلكتروني، قالت إن عناصر من تنظيم "داعش" توصلوا إلى طريقة لزرع وإخفاء متفجرات داخل بطارية جهاز كمبيوتر محمول، ما يزيد من احتمال مرور قنبلة من أمام المفتشين ورجال الأمن لتصعد على متن طائرة.
وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن البطارية التي تحمل الشحنة المتفجرة تستمر بالعمل بشكل يكفي للسماح لمسؤولي الأمن بالمطار بتشغيل الكمبيوتر المحمول، وهو اختبار نمطي لتحديد ما إذا كان الجهاز آمنًا.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" أول من ذكر أن الإفصاح عن المعلومات السرية ورد فى مذكرة للوكالات الحكومية بعد الاجتماع بين ترامب ووزير الخارجية الروسي سيرجى لافروف والسفير سيرجى كيسلياك، وتعتبر هذه الإشعارات إجراءات عمل نمطية بعد الكشف عن المواد السرية، وهو حدث يشار إليه بـ"تسرب".
وأشارت الصحيفة إلى أن إفصاح ترامب عن المدينة (موقع تصنيع داعش للبطاريات)، حيث كان يُخطط للمؤامرة المتكشفة، كان يعتبر بمثابة معلومات "تطلب كلمة سر"، وهو تصنيف فائق السرية.
غير أن المسؤول -والبيت الأبيض- قللا من شأن المعلومات التي كشفها ترامب، وقال المسؤول إنها كانت معروفة لدى الكثيرين في الحكومة، وبالنظر إلى تقلص المناطق التي يسيطر عليها داعش، لا يوجد سوى عدد قليل من المدن التي يمكن أن تأتي منها، وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ذكرت أن إسرائيل هي الشريك الأجنبي الذي نقل المعلومة الاستخباراتية.
الدفاع عن الكشف
وقد دافع ترامب، ومستشار الأمن القومي الجديد الجنرال هيربرت ريمواند ماكماستر، عن الكشف عن المعلومة للروس، حيث اعتبر ترامب، في تغريدة على "تويتر" أنه "حق مطلق" إبلاغ الروس بالتهديد، بينما قال ماكماستر للصحفيين إن الأمر "ملائم تمامًا" وأضاف أن ترامب لم يكن على علم بمصدرها.
ولكن أحد كبار موظفي الكونجرس، أكد أن المعلومات التي كشف عنها ترامب شملت أجهزة الكمبيوتر المحمولة والبطاريات، وقال الموظف بشرط عدم ذكر اسمه، إن هذا الكشف يضر بجهود جمع المعلومات الاستخباراتية الأمريكية، وإن ترامب ربما أبلغ الروس بمصادر حساسة وأساليب أخرى لجمع المعلومات.
وأمس الأربعاء في بروكسل، تبادل مسؤولو أمن داخلي أمريكيون ونظراؤهم الأوروبيون معلومات أمنية، حيث فرض المسؤولون الأمريكيون خطتهم لحظر أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية على متن كابينات الرحلات عبر الأطلنطي.
وسوف توسّع الخطة الأمريكية الحظر، الذي فرض في مارس/آذار على أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة الإلكترونية الأخرى على الرحلات الجوية المتجهة إلى الولايات المتحدة من 10 مطارات في 8 دول في الشرق الأوسط وإفريقيا.
ويشمل التوسع مسارات طيران تحمل ما يصل إلى 65 مليون شخص سنويًا على أكثر من 400 رحلة يومية، وفقا لما ذكرته وزارة الأمن الداخلي، وكان الخوف الذي أشار إليه المسؤولون آنذاك هو أن المتفجرات يمكن تهريبها على متن تلك الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية.
وقدر الاتحاد الدولي للنقل الجوي، الذي يمثل أكثر من 250 شركة طيران في أكثر من 100 بلد، أن الحظر سيكلف أكثر من مليار دولار سنويًا في الوقت الضائع للركاب.
ويجري إخطار الوكالات التي ينبغي أن تعلم بالإفصاحات مثل تلك التي أدلى بها ترامب إلى الروس بشأن التسرب، لأنه يمكن أن يؤثر على عملياتها، وفي هذه الحالة، يجب أن يتم إخطار وزارة الأمن الداخلي بهذه المسألة لأنها تشرف على التهديدات ضد المصالح الأمريكية.
وبينما يؤكد المسؤولون في الإدارة أن خطوة ترامب لتبادل معلومات عالية السرية مع روسيا لا يخرق القانون بالضرورة، يعتقد آخرون أن ذلك لا يجعله أقل إشكالية بالنسبة لوكالات الاستخبارات الأمريكية وشركائها في الخارج.
جاسوس إسرائيلي في خطر
وفي هذا السياق، سلطت وسائل إعلام إسرائيلية الضوء على تصريحات نشرتها شبكة "إيه بي سي نيوز" الأمريكية، لمسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين قالوا إن كشف ترامب ربما يُعرّض للخطر حياة جاسوس زرعته إسرائيل فب قلب تنظيم "داعش".
وأشارت الشبكة إلى أن الجاسوس نقل معلومات استخباراتية تتضمن مؤامرة "داعش"، لإسقاط طائرة ركاب في طريقها إلى الولايات المتحدة بقنبلة مخفية في جهاز كمبيوتر محمول، يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنه يمكن يمر من خلال أجهزة فحص المطار بدون اكتشافه، وكانت المعلومات موثوقة بما يكفي لأن الولايات المتحدة تدرس فرض حظر على أجهزة الكمبيوتر المحمولة على جميع الرحلات الجوية من أوروبا إلى الولايات المتحدة.
وقال المسؤولون إن إسرائيل شاركت المعلومات الاستخباراتية الحساسة مع الولايات المتحدة بشرط أن يظل المصدر سريًا.
وفي الوقت نفسه، يعتقد كثيرون في مجتمع مكافحة الإرهاب يقولون إن ما فعله الرئيس كان خطأ، حيث قال مات أولسن، المدير السابق للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، "إن الخطر الحقيقي ليس هذا المصدر فقط، بل مصادر المعلومات المستقبلية حول المؤامرات ضدنا"، مضيفا: "روسيا ليست جزءا من تحالف محاربة داعش، وليسوا شريكنا".
هذا الرأي، اتفق معه دان شابيرو، السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، وهو زميل زائر فى معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، حيث وصف الرئيس وفريقه بـأنهم "مهملون"، قائلا إن الافصاحات المبلغ عنها تظهر "سوء فهم كيفية حماية المعلومات الحساسة".
وأعرب شابيرو عن قلقه الشديد من أن خطوة الرئيس ربما تجعل إسرائيل تتردد فى تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة، محذرًا من أنها "ستدفع حتما عناصر من جهاز الاستخبارات الأسرائيلى إلى توخي المزيد من الحذر".
غير أنه في أروقة الكونجرس اختلف رد الفعل وفقا للسياسة الحزبية، وردا على سؤال حول ما إذا كان لديه مخاوف بشأن تعامل الرئيس مع معلومات سرية، خرجت من زعيم الأغلبية الجمهوري في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ضحكة صغيرة قبل الرد ببساطة "لا".
هذا الرأي يخالفه الديمقراطيون، فبعد وقت قصير من تعليق ماكونيل، أكد زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر دعوته للبيت الأبيض بنشر نسخ كاملة وغير محررة لاجتماع ترامب مع المسؤولين الروس.
وقال شومر: "هذا ليس سلوكًا طبيعيًا، وهذه ليست الطريقة التي يجب أن يعمل بها البيت الأبيض"، مضيفا: "أقال مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الذي يحقق في حملة الرئيس، وكشف عن معلومات سرية إلى بلد يرغب في ضررنا، وانتهى لتوه من تقويض سلامة انتخاباتنا، ونحن بحاجة لزملائنا الجمهوريين للانضمام إلينا في الوقوف، لتغليب مصلحة البلاد على الحزب".
aXA6IDMuMTI5LjYzLjI1MiA= جزيرة ام اند امز