ترامب في البيت الأبيض.. هذا ما تخشاه أوروبا
يستعد أقرب حلفاء واشنطن في أوروبا لاحتمال حدوث قطيعة في العلاقات بين القارة العجوز وأمريكا في حال عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض.
وذكر تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن المسؤولين الأوروبيين يعكفون على وضع استراتيجيات لتجنب حرب تجارية، و"حماية" الاتفاقات الأمنية، وكيفية التعامل مع الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب دبلوماسيا.
لكن هذه الاستعدادات لم تخفف، رغم ذلك، من حدة المخاوف بشأن عودة الرئيس السابق الذي هدد سابقاً بتفكيك حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وتعهد بفرض تعريفات جمركية باهظة على الواردات، وقال إنه سيعيد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ مرة أخرى.
أوروبا عاجزة في غياب ميركل
يعترف القادة الأوروبيون بأن القارة العجوز هي الآن أقل استعداداً للتعامل مع ترامب مقارنة بولايته الأولى، ففي المرة السابقة التي كان فيها في البيت الأبيض، واجه الرئيس السابق "صاحبة القرار الأوروبي" وهي المستشارة الألمانية القوية أنجيلا ميركل، لكن القارة تفتقد اليوم وجود قائد بنفس مكانتها ليكون بمثابة ثقل موازن، فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضعيف سياسياً بعد خسارته الأغلبية الحاكمة. كما أن المستشار الألماني أولاف شولتز عالق في صراعات داخل الائتلاف الحكومي ويواجه عودة اليمين المتطرف، فيما تراجعت معدلات تأييد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق بعد ما يقارب الـ4 أشهر فقط على وصوله إلى منصبه.
وتشير المقابلات مع 15 من صناع السياسات والسياسيين والدبلوماسيين والمحللين البارزين في 5 دول أوروبية إلى أنه بغض النظر عمن سيفوز، تتوقع المنطقة اختبارًا واقعيًا قادمًا بشأن اعتمادها على الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من تأكيد نائبة الرئيس الأمريكي والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس على أن حلف شمال الأطلسي سيظل مُحصناً، لكن مخاوف المسؤولين الأوروبيين تتركز بشكل كبير حول ترامب.
واستعدادا لذلك يقوم فريق عمل في مقر الاتحاد الأوروبي حاليا بوضع بعض الاستراتيجيات استعداداً لعودته للبيت الأبيض.
تحصين الاتفاقات الأمنية من ترامب
وخوفا من احتمال حدوث تغيير في سياسة البيت الأبيض تجاه أوكرانيا، أصرّ المسؤولون الأوروبيون على دفع حزم المساعدات قبل انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، كما تولت قيادة جديدة لحلف شمال الأطلسي بعض مسؤوليات وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، فيما يتعلق بتنسيق المساعدات العسكرية لكييف.
كما رفعت الدول الأوروبية من إنفاقها العسكري إلى أعلى مستوياته منذ الحرب الباردة، والذي كان مدفوعا بالشعور بأن ضمان الأمن الأوروبي يتطلب الاعتماد بشكل أقل على الولايات المتحدة.
وتشير "الواشنطن بوست" إلى أنه لا يدور حديث في الوقت الراهن عن جيش أوروبي، لكن المناقشات تتركز على الدفع نحو الاستقلال الاستراتيجي، والذي يشمل جهوداً تهدف إلى تعزيز إنتاج الأسلحة وتشكيل شراكات أمنية إقليمية".
ومع ذلك، فإنه في خضم هذه الجهود، يعترف المسؤولون الأوروبيون بأن خسارة الدعم الأمريكي في مجال الدفاع سيوجه ضربة قاصمة للقارة، إذ كشفت الحرب في أوكرانيا مدى صعوبة وخطورة تحرك الأوروبيين بمفردهم.
الاستعداد لتحول التحالفات
يتوقع أن تشهد ولاية ترامب الثانية، إذا فاز، توترات دبلوماسية مع بعض حلفاء واشنطن التقليديين، وصعوداً لشخصيات من أقصى اليمين الأوروبي.
وقال دبلوماسيون أوروبيون إنهم تعلموا كيفية التعامل مع ترامب، "بإرضاء غروره"، والسماح له بأن يزعم بأنه حقق شكلاً من أشكال النصر، كما سعت الحكومات الأوروبية أيضاً إلى إجراء المزيد من الاتصالات بالدائرة المقربة من الرئيس السابق والحزب الجمهوري على عكس بولايته الأولى.
لكن المرشح الجمهوري لديه بعض الأشخاص المفضلين بشكل واضح في أوروبا، ومن بينهم رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي أعلن في وقت سابق، أنه "يأمل" في فوزه بالانتخابات، وكذلك رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الذي يتوقع ترامب أن تكون حليفة أكثر تأثيراً، إذ تتشارك النجمة الصاعدة في أقصى اليمين في أوروبا مع ترامب في صداقة وثيقة مع الملياردير إيلون ماسك، وقد وصفها مسؤولو إدارته السابقة علناً بأنها "شريكة طبيعية".