«ريفييرا الشرق» تبتلع أوروبا.. هكذا قوّض ترامب نهج الحلفاء
![الرئيس الأمريكي دونالد ترامب](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/08/113-180250-trump-gaza-allies-reaction_700x400.jpg)
رغم انزعاجهم سرًا من أسلوبه الصاخب بالبيت الأبيض، فإن ذلك لم يمنع قادة أوروبا من إغراق دونالد ترامب في موجة دافئة من التصريحات.
لكن هذا التوافق لم يستمر طويلًا، حيث انهار هذا الأسبوع بعد طرح الرئيس الأمريكي واحدة من أكثر أفكاره الخارجية إثارة للجدل، والمتمثلة في فرض سيطرة أمريكية على غزة، وإعادة توطين سكانها وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
بدت هذه الفكرة وكأنها تقوّض في لحظة عقودًا من السياسات الغربية بشأن النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، مبتعدة عن نموذج حل الدولتين الذي كان محور الجهود الدبلوماسية لعقود.
غضب
سرعان ما توالت ردود الفعل الدولية غاضبة ومستنكرة، حيث رفضت الدول الحليفة لواشنطن هذا الاقتراح بشدة.
وأثار الإعلان ذهولًا وقلقًا بين حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط ممن يخشون أن يؤدي هذا الطرح إلى تقويض جهود وقف إطلاق النار والمفاوضات الجارية بشأن تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس.
أما الفلسطينيون، فقد أعربوا عن رفضهم القاطع للفكرة، معتبرين أنها تمثل ترحيلًا قسريًا وانتهاكًا صارخًا لحقوقهم.
أوروبا «تنتفض»
في أوروبا، حيث تتمتع الولايات المتحدة عادة بعلاقات أكثر استقرارًا، جاءت الردود واضحة وحاسمة: لا دعم لهذا الاقتراح.
وسبق أن حذّرت الأمم المتحدة من أن هذا المخطط الذي قد يرقى إلى "تطهير عرقي"، في حين أدانت فرنسا الفكرة، ووصفتها بأنها "انتهاك جسيم للقانون الدولي"، مشيرة إلى أن الترحيل القسري للسكان محظور بموجب اتفاقية جنيف.
من جانبها، أكدت إسبانيا أن "أرض الغزيين هي غزة"، في حين اعتبرت ألمانيا الاقتراح "غير مقبول"، وقال رئيسها والتر شتاينماير إن الخطة "ستؤدي إلى مزيد من المعاناة والكراهية".
أما الاستثناء الوحيد في أوروبا، فمثله السياسي المنتمي إلى أقصى اليمين خيرت فيلدرز من هولندا، الذي أيّد الاقتراح قائلا: "دع الفلسطينيين ينتقلون إلى الأردن، وتنتهي مشكلة غزة!".
من جهتها، تعاملت بريطانيا، التي تسعى للحفاظ على علاقتها الوثيقة مع واشنطن، بحذر مع الموقف.
ويحاول رئيس الوزراء كير ستارمر اتباع نهج متوازن في التعامل مع ترامب، خاصة بعد أن ألمح الأخير إلى إمكانية إعفاء لندن من الرسوم الجمركية التي هدد بها الاتحاد الأوروبي، وهو أمر بالغ الأهمية لاقتصاد المملكة المتحدة.
ولذلك، جاء تصريح وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بعبارات دقيقة: "فيما يتعلق بغزة، فإن ترامب محق"، وهي عبارة موجّهة لاسترضاء الرئيس الأمريكي.
وأضاف: "لكننا دائمًا نؤمن بحل الدولتين، وضرورة أن يتمكن الفلسطينيون من العيش بكرامة في أراضيهم"، وهي الجملة الموجهة لبقية العالم.
وقال أحد نواب حزب العمال البريطاني لشبكة "سي إن إن"، إنه وزملاؤه كانوا "مصدومين" من اقتراح ترامب، لكنه أوضح أن الحكومة "تتحرك بحذر لتجنب أي تصريحات قد تضر بالعلاقة مع واشنطن".
مناورة أم مقامرة؟
تساءل كثير من المراقبين: هل هذا الاقتراح مجرد استفزاز أم أنه تكتيك تفاوضي؟
وبحسب الشبكة الأمريكية، يرى البعض أن طرح فكرة غير مقبولة قد يجبر الحلفاء على تقديم بدائل أكثر واقعية، في حين يحذر آخرون من أن هذا النوع من الدبلوماسية قد يؤدي إلى تعميق عزلة الولايات المتحدة على الساحة الدولية.
وتتزايد المخاوف أيضًا بشأن قضايا أخرى، أبرزها الحرب في أوكرانيا، حيث يخشى بعض أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) أن يُقدِم ترامب على التنازل عن أراضٍ أوكرانية لروسيا، ما قد يترك كييف وأوروبا في موقف صعب.
وخلصت الشبكة إلى أن «شهر العسل» الدبلوماسي بين ترامب وحلفائه الغربيين انتهى.
وبينما سعت إدارة بايدن إلى تقديم صورة موثوقة ومستقرة في السياسة الخارجية، فإن إدارة ترامب تتبنى نهجًا أكثر فوضوية وصدامية.
وفي حال كانت هذه هي البداية فقط، فيجب على العالم أن يستعد لمزيد من التحولات غير المتوقعة في السياسة الخارجية الأمريكية خلال السنوات المقبلة.
aXA6IDMuMTQ1LjUzLjkzIA== جزيرة ام اند امز