من هنا يصبح ما يقوم به الحرس الثوري الإيراني هو بمثابة تحرش عسكري مباشر مع الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة
يخطئ تماماً من يعتقد أن إسقاط الطائرة المسيرة الأمريكية بواسطة صاروخ أرض-جو إيراني هو أول تحرش عسكري من طهران ضد هدف أمريكي أو هدف لقوى حليفة لواشنطن.
ما تقوم به طهران، بعبقرية وإصرار دؤوب، وبتصاعد وتصعيد تدريجي، هو استدراج الولايات المتحدة إلى مواجهة عسكرية مباشرة عن عمد.
من مصلحة إيران أن تحدث ضربة أمريكية حتى تخلص النظام من ضغط العقوبات أمام الرأي العام، لذلك يحاولون استفزاز «ترامب» لاستدعائها. ومن مصلحة «ترامب» احتواء الموقف وتأجيل الضربة وترك مفاعيل العقوبات القاسية تفعل مفعولهامن هنا يصبح ما يقوم به الحرس الثوري الإيراني هو بمثابة تحرش عسكري مباشر مع الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة.
منذ خمسة أسابيع هناك تصاعد في شكل عمليات التصعيد الإيراني:
1- صواريخ أرض/جو ضد الأراضي والحدود السعودية.
2- ضرب الناقلات أمام ساحل الفجيرة.
3- ضرب خط التكرير والإمداد في أرامكو.
4- ضرب محطة كهرباء سعودية.
5- إطلاق صواريخ تجاه جيزان ونجران.
6- ضرب مطار «أبها» بإصابات مباشرة.
7- إسقاط طائرة مسيّرة صغيرة فوق الحديدة «باليمن».
8- محاولة ضرب المطار في اليوم التالي.
9- الاعتداء على ناقلتين على بعد 35 كيلومتراً من المياه الدولية الإيرانية.
10- في الوقت ذاته تفادي طائرة استطلاع أمريكية صاروخاً إيرانياً أُطلق عليها.
11- آخر هذه الأعمال هو محاولة إطلاق صاروخ في المنطقة الخضراء في العراق ناحية الوجود الدبلوماسي الأمريكي، وصاروخ آخر ناحية العاملين في شركة إيكسون موبيل بالعراق، ما استدعى ترحيل 20 منهم.
الطائرة الأخيرة التي تم إسقاطها من نوع ترينتون، صناعة شركة بوينج، وهي من أكبر الطرازات من هذا الجيل من الطائرات المسيّرة ويبلغ ثمنها 120 مليون دولار أمريكي.
تم إسقاط الطائرة وهي في منطقة المياه الدولية فوق منطقة «هرمز» والدليل على ذلك أنها كانت تطير على ارتفاع منخفض، ما سهل عملية إصابتها، وإلا لو كانت فوق مجال الصواريخ الإيرانية لكانت طارت وحلّقت على ارتفاعات عليا يصعب على مدى الصواريخ الإيرانية الوصول إليها.
باختصار لا تطير الطائرات من هذا النوع على ارتفاع منخفض إلا إذا كانت مطمئنة أنها في مجال جوي غير معادٍ.
إذاً، لقد فعلها الحرس الثوري وأصاب هدفاً أمريكياً مكلفاً.
رد الرئيس «ترامب» محير للغاية؛ فهو أحياناً يمارس الغموض حينما يقول: «سوف ترون إذا كنا سنرد»، وتارة أخرى يقول: «لقد أخطأت إيران خطأ كبيراً»، وأخيراً يقول شيئاً مذهلاً: «كان من الممكن أن تكون الخسارة أكبر لو كانت الطائرة تحمل ركاباً».
الأمر المؤكد أن جون بولتون مستشار «ترامب» للأمن القومى، ومايك بومبيو وزير خارجيته، كليهما يضغطان لضربة مباشرة تستهدف مراكز حيوية على الأراضي الإيرانية، حينما أكدت مصادر وزارة الدفاع أنها قدمت عدة بدائل عسكرية للرد على إيران، وأن الأمر متروك لتقدير الرئيس وحده.
من مصلحة إيران أن تحدث ضربة أمريكية حتى تخلص النظام من ضغط العقوبات أمام الرأي العام لذلك يحاولون استفزاز «ترامب» لاستدعائها، ومن مصلحة «ترامب» احتواء الموقف وتأجيل الضربة وترك مفاعيل العقوبات القاسية تفعل مفعولها.
يستمر «ترامب» في تأجيل التأجيل وتأجيل الرد المباشر وخلق أعذار لإيران حتى لا يقوم بالضربة، مما يذكرني بنكتة ساخرة عن رجل ألماني قال له أهل قريته: زوجتك الآن تخونك مع أعز أصدقائك في الغابة المجاورة! ابتسم الرجل وقال في خبث: يا لكم من مبالغين، شوية أشجار قليلة تقولون عليها غابة.. حرام عليكم!
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة