لن ننسى أبدا قضية «التنظيم»، بدءا من استقطاب الطلاب والشباب نحو «بيعة خارجية» إلى أن رأينا خريج ثانوية يهرب من أهله للالتحاق بـ«داعش»
عندما نجح أو بدا أنه نجح في تونس ومصر ظن البعض أن «الربيع العربي» موسم أو «موضة»، وأنه قابل للتصدير إلى دولة الإمارات، وقال المدان صالح الظفيري في التسجيلات التي عرضتها نيابة أمن الدولة أثناء محاكمات التنظيم السري غير المشروع إننا لها ونحن أهلها ولو وصل الدم للركب.
لدينا ربيعنا المتحقق، والقابل أكثر للتحقق باستكمال كل ملف ناقص، وبعض مهمتنا ومهنتنا اليوم تحصين ذلك الربيع بسياج الوعي ضد كل من له ميول مشبوهة أو بيعة خارجية
توقع التنظيم السري المكون من عشرات الإماراتيين المنتمين إلى تنظيم «الإخوان المسلمين» السيناريو نفسه الذي حدث في تونس أو مصر، ومن هنا كثفوا اجتماعاتهم في منازل الأعضاء ومزارعهم، وتبين أن هيكلة تنظيمهم تحاول محاكاة تنظيم الدولة، فقد تعاملوا مع إطارهم التنظيمي كما لو كانوا حكومة ظل، ومضوا في أحلامهم المستحيلة بعيداً، ولم تكن أحلاماً بقدر ما كانت كوابيس.
هكذا شعر مجتمع الإمارات الذي اعتبر خبر التوقيف، وبالتالي المحاكمة، خبراً صادماً وغير متوقع، فدولة الإمارات، رسمياً وشعبياً، تشتغل يومياً واستراتيجياً على التغيير عن طريق العلم والثقافة والتنمية، وهو الطريق الأفضل والأوحد للتغيير والتقدم، وهذا ما أكدته مجريات «الربيع العربي» وأثمانه الباهظة.
وحسناً فعلت الجهات المختصة حين استضافت عبدالرحمن بن صبيح المدان في القضية ذاتها، والعائد إلى وطنه وأهله في مقابلة تلفزيونية شاهدتها كل الإمارات في وقت واحد.
المقصود بـ«أهله» هنا شعب دولة الإمارات بأكمله، فقد كان هذا الشعب يفرح كلما دنا أحد المتهمين، وهو يسوق الأدلة، من حكم البراءة، فيما كان القاضي الذي مثل عدالة الإمارات خير تمثيل المستشار فلاح الهاجري، يطلب من المتهمين والمحامين توجيه أسئلة «منتجة» نحو تنوير العدالة واتخاذ القرار الصحيح.
مقابلة ابن صبيح أعادت قضية التنطيم السري الذي خطط للاستيلاء على نظام الحكم، وكذلك فعل العفو السامي عن الرجل، ولأن القضية كبيرة ولها دلالاتها أثناء المحاكمة وقبل الحكم وبعده فإن هناك شعوراً بتقصير إعلامي وفني وثقافي ومجتمعي حيالها وحيال «استثمارها» نحو استخلاص خلاصاتها المكتنزة بالدروس والعبر، وإذا كان إعلامنا الوطني قد حول رواية «رتاج» للإماراتي المتقن والمخلص الدكتور حمد الحمادي إلى مسلسل تلفزيوني شاهده الإماراتيون والعرب جميعاً، فإن «خيانة وطن» خطوة يرجى أن تتلوها خطوات، ففكر أولئك ما زال يحاول اختراق المجتمع والتسلل، خصوصا إلى عقول الشباب، وما زال في وسائل التواصل من «يلعلع» جهاراً نهاراً بالفكر نفسه، فكر جمعية الإصلاح و«الإخوان».
علينا، مؤسسات وأفراداً، مواجهة ذلك بالفكر النقيض البناء، الإمارات دولة تغيير بامتياز، وهي تتغير بفعل إيجابي تقوم به القيادة والشعب معاً، في تجربة لم تعد، بملاحظة الواقع، تتحمل ثنائية «السلطة والشعب» التي يتبادر إلى الذهن كلما ذكرت أو رددت في الإمارات أنها إشاعة مغرضة.
لن ننسى أبداً قضية «التنظيم»، بدءاً من استقطاب الطلاب والشباب نحو «بيعة خارجية» إلى أن رأينا خريج ثانوية يهرب من أهله للالتحاق بـ«داعش».
لدينا ربيعنا المتحقق، والقابل أكثر للتحقق باستكمال كل ملف ناقص، وبعض مهمتنا ومهنتنا اليوم تحصين ذلك الربيع بسياج الوعي ضد كل من له ميول مشبوهة أو بيعة خارجية.
أهلاً بالاختلاف، لكن من قال إن الانقلاب اختلاف؟
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة