خلاصة القول أن الإمارات التي تقدم نفسها عبر التنمية المتفوقة والسياسة المتزنة يأتي هؤلاء فيسيئون من حيث يحسبون أنهم يحسنون صنعا
ربما تكلم الإنسان على كيفه وفق هواه، لكن المسألة تفرق بالتأكيد حين يضع اسمه إلى جانب اسم الإمارات، فكيف إذا قصد ذلك قصداً ونزع إليه نزوعاً. حين يتكلم الإنسان منتمياً أو منسوباً إلى الإمارات الغالية فعليه أن يتكلم الكلام الصحيح الوازن، أن يتسم بالحكمة والعقل، وأن يكون موضوعياً من ناحية، وأن يكون مشرفاً وهو يقول إنه إماراتي، أو حين يتكلم في اليوتيوب مثلاً من غرفة فندقية إماراتية ويقول لمشاهديه: أتكلم إليكم من الإمارات.
كل ذلك في هذه المرحلة الحرجة والحساسة في المنطقة وفي العالم، المرحلة التي تتطلب الوعي ولا تتحمل العشوائية والفوضى، سواء في العمل الإعلامي أو في غيره
خلاصة القول أن الإمارات التي تقدم نفسها عبر التنمية المتفوقة، والسياسة الخارجية المتزنة، وتمسكها بمنظومة القيم، في أحسن صورة، يأتي هؤلاء فيُسيئون من حيث يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وهم يفعلون ذلك في أثواب دعاة وإعلاميين ومؤثرين بين قوسين في وسائل التواصل الاجتماعي، وقد يثيرون المسائل الخلافية دون مبرر، ما قد ينال من الثوابت الدينية مثلاً، مقدمين أنفسهم على أنهم إماراتيون أو منتمون للإمارات أو مدافعون عنها وعن سياساتها، ويعبرون عن ذلك بأسلوب يضاد أخلاق أهل الإمارات وتوجهات المؤسسة الوطنية الإماراتية، وبذلك يسهمون في تأجيج رأي عام خارجي لا يتلاءم ومكان ومكانة بلادنا، والنتيجة أن الإمارات تنجح في بناء سمعة عربية وعالمية عبر ما تقدم أو تنجز، وعبر اشتغال دؤوب تقوم به وسائل الإعلام الوطنية يتسق مع ما يتحقق على الأرض أو عبر العلاقة مع الآخر، خصوصاً علاقة الانفتاح واحترام التردد، وفي الوقت نفسه بالتوازي والتزامن يغرد الواحد من هؤلاء أو يبث شريطاً جديداً في «يوتيوب»، فلا تكون النتيجة إلا سيل الردود التي تخلط بين رأي هؤلاء ورأي الإمارات ومجتمعها.
خطابهم يتدرج بين إثارة الفتن وإثارة الكراهية والتمييز والنعرات «الدينية» و«الطائفية»، وبسهولة كبيرة تجد أن خطابهم غريب ودخيل ومتناقض إذا اقتطعت من وقتك عشر دقائق، وبحثت عن تناقضهم في «التواصل الاجتماعي» أو «الإعلام الجديد».. حتى الإعلام التقليدي الذي تفترض فيه الرصانة لا يخلو منهم ومن آثارهم، فقد تخصص لهم البرامج أو يستعان بهم كضيوف في منصات التلفزيون.
ولا مصادرة لرأي علمي أو شخصي في الإمارات بسبب طبيعة البلد والتجربة، لكن الكلام عن محاولات مستميتة من طرف هؤلاء، تصريحاً أو إيحاء، لتقديم الرأي المخالف مقروناً باسم الإمارات، ليبدأ سيل من الردود التي تتناول الإمارات أكثر مما تتناول هذا أو ذلك، لتكون أساس مادة خام في هجمة شرسة غير مبررة تقوم بها شرذمة الحاقدين، وسط الأزمات التي تعصف بالمنطقة.
لا يمثل هؤلاء طبعاً رأي دولة الإمارات، فلها مؤسساتها الرسمية أو إعلامها الحر الذي يعبر عن نبضها، لكن هؤلاء، وإن قال بعضهم إنه لا يصلي في مقابلة تلفزيونية، أو خاصم أحدهم طوب الأرض، أو أضر أحدهم، متعمداً مع سبق الإصرار والترصد، بفكرة التسامح في عام التسامح، أصبحوا، شئنا أم لم نشأ، محسوبين على الإمارات، في الوقت الذي يخالفون اتفاق أهل الإمارات العرفي، غير المكتوب، على قول وفعل كل ما من شأنه مزيد مكانة ورفعة، وتجنب كل ما من شأنه أن يحسب، سلبياً، ضدها، والإمارات -الفكرة والمشروع، الحاضر والمستقبل- أكبر من الجميع، لكن لماذا يترك هؤلاء على «سجيتهم» وهم يشوّهون المشهد العام؟
كل ذلك في هذه المرحلة الحرجة والحساسة في المنطقة وفي العالم، المرحلة التي تتطلب الوعي ولا تتحمل العشوائية والفوضى، سواء في العمل الإعلامي أو في غيره.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة