هل تعاقب الأعاصير ترامب لانسحابه من اتفاقية المناخ؟
بين أنقاض الفوضى التي خلفتها الأعاصير التي تضرب الولايات المتحدة يواجه دونالد ترامب سؤالا حرجا حول انسحابه من اتفاقية المناخ
بين أنقاض الفوضى التي خلفتها الأعاصير التي تضرب الولايات المتحدة منذ أسابيع، متسببة في خسائر هائلة، يبرز سؤال بشأن ما إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يواجه عقاب الطبيعة لانسحابه من اتفاقية باريس للمناخ؟!
السؤال الذي سيشغل دوائر البحث العلمي خلال الأسابيع المقبلة بعد أن تحط العواصف أوزارها، يضع الرئيس ترامب في حرج بسبب إصراره على الانسحاب من الاتفاقية في أوائل يونيو/حزيران الماضي، رغم محاولات مستميتة بذلها قادة العالم خلال قمة العشرين الأخيرة التي عقدت في ألمانيا لإثنائه عن موقفه.
وتضع اتفاقية المناخ آلية عالمية لتداول انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يعزى لها الأثر الأكبر في التغييرات المناخية التي تشهدها الأرض وحدد مبادئ غير مسبوقة لحماية الكوكب.
وتلزم الاتفاقية الولايات المتحدة و187 دولة أخرى بالإبقاء على ارتفاع معدلات الحرارة عند مستوى 2 مئوية فوق مستوى ما قبل الثورة الصناعية، ومحاولة خفض هذا المستوى إلى 1.5.
ويعتقد ترامب أن اتفاق المناخ يقف عقبة في وجه نهضة الاقتصاد الأمريكي، بسبب القيود التي يفرضها على حصة كل دولة من انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما سعى الاتفاق لتجنبه في أحد بنوده، بأن سمح بزيادة النسبة المقررة لكل دولة عبر شراء الأرصدة من الدول الأخرى.
وقال ترامب في وقت سابق إن الاتفاقية "تعاقب الولايات المتحدة وتكلفها ملايين فرص العمل".
وطالما قال العلماء إن الاحتباس الحراري سيسبب في المستقبل بعضا من أسوأ العواصف، وربطوا مؤخرًا بين تغير المناخ بالاشتداد السريع في حدة العواصف.
ورغم أن الأعاصير الهائلة يمكنها التشكل بصورة متتالية، بل هذا ما يحدث عمليا منذ قرون؛ لكن ما لم يكن مألوفا أن يضرب الولايات المتحدة أكثر من إعصار واحد قوي في الموسم.
ووصل إعصار إرما سواحل ولاية فلوريدا الأحد ليصبح واحداً من أقوى الأعاصير في المحيط الأطلسي منذ قرابة قرن، ويتوقع أن يكون ثاني إعصار عنيف يجتاح الولايات المتحدة في أسبوعين بعد الإعصار المدمر هارفي، والذي أسفر عن دمار شديد وسقوط ضحايا، فيما تترقب الولايات المتحدة وصول إعصارين آخرين هما خوسيه وكاتيا.
واتفاق باريس أو "كوب 21" هو أول اتفاق عالمي بشأن المناخ أقرته نحو 200 دولة عقب مفاوضات عقدت أثناء مؤتمر الأمم المتحدة الـ21 للتغير المناخي في العاصمة الفرنسية باريس في 2015.
وتشمل التزامات الدول الصناعية الكبرى تقديم دعم مالي بمليارات الدولارات للاقتصادات الصاعدة، لكن المراجعة الإلزامية، حسب الاتفاق، ستتم عام 2025، وهو ما كان يعتبره علماء ومنظمات تاريخا متأخرا جدا، حتى قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية.
ورأى ترامب أن الاتفاقية ستكلف الولايات المتحدة خسارة 3 تريليونات دولار من إجمالي ناتجها القومي و6.5 مليون وظيفة، بينما تعامل منافسيها الاقتصاديين من أمثال الصين والهند بمحاباة أكثر.
وتسبب انسحاب ترامب من الاتفاقية انتقادات دولية، كما تسبب في تردي علاقات واشنطن بعواصم أوروبية أبرزها برلين.
ووصفت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل الخطوة الأمريكية بأنها "مؤسفة"، ودافعت عن الاتفاقية قائلة "لا شيء بإمكانه أن يوقفنا".
لكن محللين قالوا إن انسحاب الولايات المتحدة سيجعل من الصعب على العالم التوصل إلى الأهداف الواردة في اتفاقية باريس، فالولايات المتحدة تسهم بنسبة نحو 15 % من انبعاثات الكاربون في العالم، بيد أنها في الوقت نفسه مصدر مهم لتقديم التمويل والتكنولوجيا للدول النامية لدعم جهودها لمكافحة ارتفاع درجات الحرارة.
انتقد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الذي وقع اتفاقية باريس، خطوة ترامب متهما إدارته بـ"رفض المستقبل".
وقال أوباما: "أنا واثق من أن ولاياتنا ومدننا وشركاتنا ستخطوا قدما وستفعل ما هو أكثر لكي تقود هذا السبيل، وتساعد في حماية أجيال المستقبل في الكوكب الواحد الذي نعيش فيه"، لكن يبدو أن الأعاصير سبقت خطوات المجتمع الأمريكي فيما لا يزال من غير المعروف ما إذا كانت رعودها ستقنع ترامب أم لا.
aXA6IDE4LjIyNC4zMC4xMTMg
جزيرة ام اند امز