هل تتحمل أمريكا والعالم فوز ترامب مرة أخرى؟
أقل من 24 ساعة على انطلاق صافرة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي ينتظر نتائجها الملايين في أمريكا والعالم، إضافة إلى أنظمة دول، ترى أنها ستتأثر بسيد البيت الأبيض الجديد.
وبينما يعد المرشحان للمنصب الرفيع الديمقراطية كامالا هاريس، ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب، متقاربين في السباق، إلا أن سيناريو فوز الأخير، يحمل في طياته كثيرًا من «المخاوف» للأمريكيين، وبعض الدول على حد سواء، عكس منافسته كامالا هاريس، والتي من المتوقع أن تسير على نهج الرئيس الحالي جو بايدن، حال فوزها في الاستحقاق الديمقراطي.
فلماذا يخشى الداخل الأمريكي وبعض الدول سيناريو فوز ترامب؟
الداخل الأمريكي:
في مقال له بصحيفة «الإندبندنت» البريطانية، قال الكاتب والمذيع غابرييل غيتهاوس، إنه على المستوى الداخلي في أمريكا، تخشى عشرات الملايين من النساء المزيد من تراجع حقوقهن في طلب الإجهاض، أو الحصول على وسائل منع الحمل، أو حتى العلاج الطبي للإجهاض.
يضاف إلى ذلك، المخاوف بشأن مشروع 2025، وهو مخطط من 922 صفحة لإدارة ترامب الثانية صاغته مؤسسة هيريتدج للأبحاث. ورغم أن حملة ترامب نأت بنفسها عن الوثيقة، لكن الكثير منها صاغه أشخاص خدموا في إدارته الأولى وقد يخدمون في إدارة ثانية.
وبحسب المقال، فإن فوز ترامب، يعني أن هناك فرصة كبيرة لمحاولة تنفيذ بعض مقترحاته، والتي تشمل: تفكيك الدولة الإدارية، واستبدال الموظفين المدنيين غير السياسيين بموالين أيديولوجيين، ووضع الوكالات الفيدرالية المستقلة مثل وزارة العدل تحت السيطرة الرئاسية المباشرة. وإذا تمكن ترامب من تنفيذ مثل هذه التغييرات الجذرية، فقد تبدأ الديمقراطية الأمريكية بالفعل في الشعور بالتذبذب".
ماذا عن بعض الدول الأخرى؟
إيران:
تقول وكالة «رويترز»، نقلا عن مسؤولين إيرانيين وعرب وغربيين، إن القلق الرئيسي لدى إيران يتمثل في إمكانية تمكين ترامب لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من ضرب المواقع النووية الإيرانية، وتنفيذ اغتيالات مستهدفة، وإعادة فرض «سياسة الضغط الأقصى» من خلال فرض عقوبات مشددة على صناعتها النفطية.
ويتوقع المحللون أن يمارس ترامب، الذي تولى الرئاسة في الفترة 2017-2021، أقصى قدر من الضغوط على المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي للاستسلام من خلال قبول اتفاق احتواء نووي بشروط حددها هو وإسرائيل.
وقد يكون لهذا التغيير المحتمل في القيادة الأمريكية آثار بعيدة المدى على توازن القوى في الشرق الأوسط، وقد يعيد تشكيل السياسة الخارجية الإيرانية وآفاقها الاقتصادية.
وبحسب موقع إيران إنترناشيونال»، فإن «المتشددين» في إيران يشعرون بقلق متزايد إزاء احتمال فوز الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مما سيؤدي إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه طهران.
وأدى انسحاب ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 إلى تحطيم آمال «المتشددين» و«المعتدلين» الإيرانيين، الذين تصوروا جني الفوائد من الاتفاق النووي مع الغرب في مقابل الحد من طموحاتهم النووية، مع توسيع قدراتهم التقليدية ونفوذهم الإقليمي.
ورغم أن ترامب يتحدث عن خط «أكثر عدوانية» تجاه إيران من هاريس، إلا أنه استبعد مؤخرا محاولة الإطاحة بالنظام الإيراني.
أوكرانيا:
تقول صحيفة «نيويورك تايمز»، إن الأوكرانيين يخشون أن يفرض ترامب -حال نجاحه- اتفاق سلام سريعاً لصالح روسيا، معربين عن آمالهم في أن تفوز هاريس، لتستمر في دعمهم في ساحة المعركة.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن بوتين يريد التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب، وهو ما يستطيع أن يسميه «انتصارا»، معتقدًا أنه يمكن التوصل إلى هذه الصفقة بالتفاوض مع الرئيس الأمريكي المقبل، مشيرة إلى أنه رغم إعلانه دعم هاريس، إلا أن هذا الأمر يبدو مخالفاً للمنطق.
فيما قالت صحيفة «الإندبندنت»، إن وعد ترامب بإنهاء حرب روسيا في أوكرانيا ينطوي على الضغط على كييف للتنازل عن أجزاء كبيرة من أراضيها لموسكو ــ وهو ما لا يمثل احتمالا ديمقراطيا مفضلا للأوكرانيين.
الصين:
تقول «نيويورك تايمز»، إنه أيا كان الفائز، فإن الرئيس الأمريكي القادم سيكون من أشد المعارضين للصين، لكن المسؤولين الذين تحدثت إليهم الصحيفة الأمريكية في بكين منقسمون حول أي مرشح سيكون أفضل للصين. وتتركز المقايضة حول قضيتين: التعريفات الجمركية وتايوان.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن المسؤولين الاقتصاديين الصينيين يدركون أن ترامب دعا إلى فرض تعريفات جمركية شاملة على الصادرات الصينية، ما قد يشكل تهديداً خطيراً للاقتصاد الصيني، كونها تعتمد بشكل كبير على الطلب الأجنبي، وخاصة من أمريكا، للحفاظ على تشغيل مصانعها وتشغيل عمالها.
أوروبا والناتو:
بالنسبة لأوروبا، فإن هذه الانتخابات تعد بمثابة نهاية حقبة، ففوز ترامب إما أن يكون «كابوسا أو هدية»، وهذا يتوقف على من تتحدث إليه في أوروبا، تقول «نيويورك تايمز»، مشيرة إلى أن أغلب زعماء أوروبا الغربية يشعرون بقلق عميق؛ فحديث ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 20% على كل ما يباع لأمريكا، بما في ذلك الصادرات الأوروبية، قد يؤدي إلى كارثة بالنسبة للاقتصاد الأوروبي.
ليس هذا فحسب، بل إن ترامب تحدث مرارا وتكرارا عن الانسحاب من حلف شمال الأطلسي، بحسب «نيويورك تايمز»، التي قالت إنه، حتى لو لم تنسحب الولايات المتحدة رسميا من «الناتو»، فإن ترامب قد يقوض مصداقية التحالف بشكل قاتل، بالإشارة إلى تصريحاته السابقة التي قال فيها: «لن أذهب للقتال من أجل دولة أوروبية صغيرة».
المكسيك:
ستواجه المكسيك تحديات كبيرة إذا انتُخِب ترامب؛ فالتوترات ستتصاعد على الحدود بينها والولايات المتحدة، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي أشارت إلى أنها (المكسيك) ستختبر تهديد ترامب باستخدام الجيش الأمريكي على أراضيها.
ورغم كون المكسيك أكبر شريك تجاري لأمريكا، إلا أنها تواجه تعريفات جمركية باهظة، تقول «نيويورك تايمز»، مشيرة إلى أنها في الوقت نفسه، تتوقع نظام هجرة صارمًا بغض النظر عمن سيفوز.
وفيما تتمتع المكسيك ببعض النفوذ، لكنّ قادتها قد يجدون أنفسهم في مأزق حقيقي في ظل «جرأة» ترامب، بحسب الصحيفة الأمريكية.
المناخ:
بينما تعهد ترامب بسحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ (مرة أخرى)، إلا أن فوزه قد لا يلغي سياسات عهد بايدن بالكامل والتي من بينها الانضمام لتلك الاتفاقية.
ورغم ذلك، إلا أنه قد يتراجع عن عشرات التدابير التي تنظم الانبعاثات من السيارات ومحطات الطاقة، مما يضعف قدرة البلاد على خفض الانبعاثات بسرعة كافية.
وتعد الولايات المتحدة ثاني أكبر دولة مصدرة للانبعاثات في الوقت الحالي بعد الصين، ما يعني أن خطواتها المستقبلية في ذلك الصدد، ستؤثر على قدرة العالم بأسره على تجنب تغير المناخ الكارثي.
لكن إذا خسر ترامب.. فهل سيقر بالهزيمة؟
لا يزال ترامب مصرا على أن انتخابات 2020 قد سُرِقَت، ويصدقه عشرات الملايين من الأمريكيين في ذلك، وإذا لم يقر هذه المرة، فقد يستنتج أنصاره أن الديمقراطية ماتت بالفعل وسيحاولون تطبيقها بأيديهم. وهذا ما ينذر بخطر واضح.
في المقابل، يعتقد الديمقراطيون على نطاق واسع أن سلطة الدولة، وسلطة الحكومة الفيدرالية الأمريكية، هي الأداة التي يمكنها حشد قوى رأس المال الخاص والإنفاق العام والابتكار لمواجهة التهديد.
وقال الكاتب: «غالبًا ما يتجلى هذا الاعتقاد بين أنصار حركة ماغا (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى) باعتباره من نظريات المؤامرة. وقد ساعدت نظرية المؤامرة حركة كيو أنون، (هي جماعة تدعم نظرية المؤامرة والتي شكلها اليمين الأمريكي المتطرف تزعم وجود خطة سرية مزعومة من قبل الدولة العميقة ضد ترامب وأنصاره) في دفع الغوغاء إلى الكابيتول في 6 يناير/ كانون الثاني 2021. وبعد ثلاث سنوات من ذلك الحدث، وجد استطلاع للرأي أن أكثر من 40% من الأمريكيين يعتقدون أن أيادي خفية تسحب الخيوط خلف كواليس الحكومة».
ومع اقتراب يوم الحسم، تعمل شخصيات بارزة في حملة ترامب بنشاط للترويج لمثل نظريات المؤامرة هذه. فقد ضخ إيلون ماسك أكثر من 100 مليون دولار في حملة ترامب. وفي تجمع حاشد أقيم مؤخرا في ولاية بنسلفانيا، قال: «سيكون من المثير للاهتمام أن نرى التقاطع بين قائمة عملاء إبستين وأسياد الدمى التابعين لكامالا».
ويرى الكاتب أن الدفع نحو قوة أكبر للشركات (في بلد تحظى فيه الشركات بالقوة بالفعل) يشير إلى قوة أقل للناخبين وممثليهم المنتخبين ديمقراطيا. وبهذا المعنى، يبدو أن احتمال عودة ترامب للرئاسة يمثل تهديدا للديمقراطية، ما يجعل من الحزب الديمقراطي حزب الحفاظ على الوضع القائم.
aXA6IDMuMTQ2LjIwNi4yNDYg جزيرة ام اند امز