مادورو يختبر ترامب بـ«الخطة ب».. رهان على «ثغرات الحصار»
على تخوم الكاريبي، حيث تتقاطع خطوط النفط مع حسابات القوة، تتصاعد لعبة القط والفأر وعض الأصابع بين واشنطن وكاراكاس.
فبينما يشدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حصاره على صادرات فنزويلا النفطية، يختبر نيكولاس مادورو حدود هذا الحصار بـ«خطة ب» محسوبة، يدفع فيها بناقلات غير خاضعة للعقوبات إلى عرض البحر، في رسالة تحدٍّ لا تخلو من حذر، لكنها تضع ملايين البراميل على حافة مواجهة مفتوحة.
فماذا حدث؟
يقول موقع «أكسيوس»، إن فنزويلا تختبر حظر الرئيس الأمريكي ترامب على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات من خلال السماح لسفينتين محملتين بالنفط الخام بالإبحار من موانئ البلاد في أمريكا الجنوبية، بما في ذلك واحدة برفقة عسكرية.
ولم تُفرض أي عقوبات على أي من السفينتين من قبل الولايات المتحدة، لذا فهي تقنيًا لا تنتهك الحظر الأمريكي.
هذه اللعبة الجديدة من القط والفأر بين ترامب ونيكولاس مادورو تزيد التوتر في منطقة الكاريبي، فملايين البراميل من النفط على المحك، ويبدو أن الصراع العسكري أصبح أقرب من أي وقت مضى، بحسب «أكسيوس».
قال مستشار لترامب لموقع أكسيوس يوم الجمعة: «مادورو لا يدرك مع من يتعامل».
قبل يوم، صرح ترامب لشبكة «إن بي سي نيوز»، بأنه لا يستبعد اللجوء للحرب.
تمرد؟
وأشاد مؤيدو مادورو بقراره مواجهة «تحدي ترامب»، لكن المحللين رأوا أن إرسال السفينتين اللتين ليستا على قائمة العقوبات وسيلة لإظهار التمرد دون تحدي ترامب بشكل مباشر.
وقال سمير مدني، المؤسس المشارك لشركة Tanker Trackers لمراقبة شحن النفط العالمي: «هذه هي خطة ب لمادورو».
وأضاف أن عشرات الناقلات على قائمة العقوبات تبقى في المياه الفنزويلية لتجنب الاستيلاء عليها من قبل القوات الأمريكية.
وتحت اسم «عملية الحربة الجنوبية»، بدأت القوة الأمريكية غير المسبوقة قبالة سواحل فنزويلا كمجهود لمكافحة المخدرات، وأسفرت حتى الآن عن تدمير 28 زورقًا يُزعم أنها تنقل الكوكايين، وقتل ما لا يقل عن 104 أشخاص.
ولم يعترف ترامب رسميًا بأنه يسعى لإزاحة مادورو، الذي تتهمه واشنطن بـ«الإرهاب المرتبط بالمخدرات» وتزوير الانتخابات، لكن مستشاريه والمحللين يؤكدون أن السياسة الأمريكية واضحة: تغيير النظام.
والأسبوع الماضي، صعد ترامب العملية بالاستيلاء على سفينة خاضعة للعقوبات تحمل نحو 1.9 مليون برميل من النفط الخام الفنزويلي، وأعلن الحظر يوم الثلاثاء.
3 أسباب
والسفينتان الكبيرتان غير الخاضعتين للعقوبات، اللتان غادرتا فنزويلا يوم الخميس، تقدمان فرصة جديدة لترامب لتصعيد الموقف. ويقول مستشاروه إن بإمكان الولايات المتحدة الاستيلاء على السفن المتجهة إلى الصين لثلاثة أسباب رئيسية:
- أعلن ترامب يوم الثلاثاء أن حكومة فنزويلا منظمة إرهابية أجنبية (FTO) عند إعلان الحظر.
- في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أدرج ترامب منظمة «كارتل الشمس» ضمن المنظمات الإرهابية الأجنبية، والتي اتهمت وزارة العدل مادورو بإدارتها في 2020 بسبب الاتجار المزعوم بالكوكايين.
- وزارة النفط الفنزويلية (PDVSA) خاضعة للعقوبات الأمريكية منذ 2019.
ورغم كل الضربات الصاروخية والقتل والتهديدات، لم يمارس ترامب ما يُعرف بـ«الضغط الأقصى» على فنزويلا.
وشيفرون هي الشركة النفطية الوحيدة التي تعترف الإدارة بحقها المشروع للعمل في فنزويلا بموجب ترخيص، ما يمنح كاراكاس الوصول إلى مئات الآلاف من البراميل يوميًا غير الخاضعة للعقوبات الأمريكية.
لم تُفرض أيضًا عقوبات على عشرات ناقلات النفط الأخرى.
لكن وزارة الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات على مزيد من السفن، ما يمنح الإدارة مبررًا أكبر للاستيلاء عليها. كما وضعت عقوبات مالية على أعضاء محددين من عائلة مادورو ورجال أعمال مرتبطين بالنظام، وأُعلن عن المزيد يوم الجمعة.
وأدان مادورو وحكومته ما وصفته «قرصنة» الولايات المتحدة، وانتقد تصريحات ترامب «الخرافية وغير المنسقة» على وسائل التواصل، ووصف محاولته الاستيلاء على النفط بأنها «استعمارية جديدة».
وتقدمت فنزويلا بطلب للأمم المتحدة للتدخل. وفي بيان يوم الأربعاء، استشهدت قواتها المسلحة بـ«الروح الثورية» لمؤسس البلاد وتعهدت بمقاومة الولايات المتحدة.
رد فعل أمريكا
ويوم السبت، قال ثلاثة مسؤولين أمريكيين لـ«رويترز»، إن الولايات المتحدة تعمل على اعتراض ومصادرة سفينة خاضعة للعقوبات قبالة ساحل فنزويلا في المياه الدولية.
وهذه هي المرة الثانية خلال أسابيع تصادر فيها الولايات المتحدة ناقلة نفط بالقرب من فنزويلا، في خضم حشد عسكري أمريكي كبير بالمنطقة.
ولم يفصح المسؤولون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، عن مكان العملية لكنهم أضافوا أن خفر السواحل تتقدمها.
ومنذ استيلاء قوات أمريكية على ناقلة نفط خاضعة للعقوبات قبالة سواحل فنزويلا الأسبوع الماضي، فرض حظر فعلي على النفط، إذ بقيت السفن المحملة بملايين البراميل في المياه الفنزويلية بدلا من المخاطرة بالمصادرة.
ومنذ عملية المصادرة الأولى، انخفضت صادرات النفط الخام الفنزويلية انخفاضا حادا.
ويشهد سوق النفط حاليا وفرة في المعروض، إذ تتواجد ملايين البراميل من النفط على متن ناقلات قبالة سواحل الصين بانتظار تفريغها. وإذا استمر الحظر لفترة، فمن المرجح أن يؤدي فقدان ما يقارب مليون برميل يوميا من إمدادات النفط الخام إلى ارتفاع أسعار الخام.
ومنذ فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قطاع الطاقة في فنزويلا عام 2019، لجأ التجار ومصافي النفط الذين يشترون النفط الفنزويلي إلى استخدام «أسطول الظل» من ناقلات النفط التي تخفي مواقعها، بالإضافة إلى سفن خاضعة للعقوبات لنقلها النفط الإيراني أو الروسي.
وأفاد محللون في قطاع الشحن بأن الأسطول غير الرسمي أو ما يعرف بأسطول الظل معرض لإجراءات عقابية محتملة من الولايات المتحدة.