وادي السيليكون وعمالقة الأسلحة التقليدية.. حرب على مستقبل أمريكا
يفضل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الظهور بصورة الرجل القوي القادر على تهديد الخصوم بشن عمل عسكري ضدهم كأداة للتأثير.
لكن في الوقت نفسه يبدو ترامب قاسيًا جدًا في خطابه حول شركات تصنيع الأسلحة الكبرى وحلفائها في المجال السياسي أيضًا.
وفي خطابه في سبتمبر/أيلول الماضي في ميلووكي، قال ترامب "سأطرد دعاة الحرب من دولة الأمن القومي لدينا وأقوم بتنظيف المجمع الصناعي العسكري لوقف التربح من الحرب ولوضع أمريكا دائمًا في المقام الأول.. سننهي هذه الحروب التي لا نهاية لها".
ونادرًا ما يتم تطبيق التعهدات الانتخابية دون تغييرها بشكل ما وهو الأمر الذي سينطبق على الأرجح على انتقادات ترامب للمجمع الصناعي العسكري وذلك وفقا لما ذكره موقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت" الأمريكي.
وسواء كان ترامب جادا في ملاحقته لمحرضي الحرب والمستفيدين منها أم لا، فإن انتقاده العلني لهم بهذه العبارات القاسية كان أمرا جديرا بالاهتمام حيث كشف على الأقل عن تأييد قاعدة ترامب لسياسة خارجية أقل تدخلا ولتعامل أكثر حزماً مع الشركات العسكرية العملاقة مثل "لوكهيد مارتن" و"RTX" أو (رايثيون سابقا).
ويبدو أنه عندما يتعلق الأمر بممارسة النفوذ على إنفاق وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) وسياساتها، فإن الشركات العسكرية الناشئة التي تتجمع في وادي السيليكون وحوله تتفوق حتى الآن على الشركات العسكرية العملاقة مثل لوكهيد مارتن وRTX.
وفي حين يُعرف إيلون ماسك، حليف ترامب المقرب وقيصر الكفاءة الحكومية، بالمشروعات المدنية التي تقوم بها شركتا "سبيس إكس" و"تيسلا" المملوكتين له، فإن إمبراطورية الرجل تتحرك بشكل متزايد نحو التعاقد العسكري، من إطلاق الأقمار الصناعية العسكرية إلى إنشاء نسخة عسكرية من نظام اتصالات ستارلينك الذي تم استخدامه لتزويد الجيش الأوكراني بخدمة إنترنت موثوقة.
وفي المستقبل، قد يكون نظام "ستارشيب"، المصمم لوضع حمولات ضخمة في الفضاء، هو الورقة الرابحة لشركة "سبيس إكس" حيث يسعى الجيش الأمريكي إلى الحصول عليه في ظل استعداده لصراع محتمل مع الصين.
هذه المصالح المباشرة، قد تدفع ماسك إلى عدم المساس بمشروعات التكنولوجيا العسكرية أو حتى الضغط لزيادتها، عندما تصدر وكالة "الكفاءة الحكومية" التي يقودها مقترحاتها لإعادة صياغة الميزانية الفيدرالية.
وفي ديسمبر/كانون الأول، أشاد بعض منتقدي ميزانية البنتاغون بماسك بسبب هجومه على الطائرة المقاتلة إف-35 المتعثرة التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن، لكنه حرص في الوقت نفسه على القول إنه سيتم الاعتماد بشكل أكبر على المسيرات التي ينتجها زملاؤه في وادي السيليكون كبديل للمقاتلات التقليدية.
ويعبر وادي السيليكون عن حجته للاستغناء عن المقاتلات المأهولة واستخدام المسيرات بدلا منها بمصطلحات استراتيجية ومالية، مثل الادعاء بأن المسيرات ستكون أرخص في البناء والصيانة وهو ادعاء لم تثبت صحته بعد.
وبالإضافة إلى ماسك، يمكن لقطاع التكنولوجيا العسكرية الاعتماد على الدعم من نائب الرئيس المنتخب جيه دي فانس، الذي عمل لمدة خمس سنوات في شركة مملوكة لبيتر ثيل، وهو مؤسس شركة المراقبة وتحليل البيانات العسكرية "بالانتير" والذي قدم دعما ماليا لفانس خلال حملته للفوز بعضوية مجلس الشيوخ في 2022.
بالإضافة إلى ذلك فإن منصب نائب وزير الدفاع الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعمليات اليومية للوزارة اختار له ترامب ستيفن فينبرغ من شركة "سيربيروس كابيتال"، وهي شركة لها تاريخ طويل في الاستثمار في شركات الأسلحة.
ويتطلب التوجه الجديد لإدارة ترامب أن تتمسك واشنطن بسياسة خارجية تعتمد على التفوق التكنولوجي لاستعادة الهيمنة العسكرية العالمية للولايات المتحدة وهو ما يتداخل مع مصالح شركة لوكهيد مارتن وغيرها من الشركات الكبرى المتعاقدة.
لكن البنتاغون قد يجد صعوبة في تمويل الأنظمة القديمة مثل طائرات إف-35 وحاملات الطائرات والصواريخ الباليستية العابرة للقارات إلى جانب مشاريع جديدة طموحة تستند إلى تقنيات ناشئة.
وبالتالي فقد ينشأ صراع على الميزانية بين الشركات المتعاقدة القائمة والشركات الناشئة في وادي السليكون، حيث يحدد الفائز شكل خيارات شراء الأسلحة الأمريكية لسنوات قادمة.
وفي الوقت نفسه، أعرب جاي مالافي، كبير المسؤولين الماليين في شركة لوكهيد مارتن، عن أمله في أن تكون الكفاءة بالنسبة للبنتاغون متسقة مع زيادة ميزانية الوزارة.
ويتعين على الأمريكيين وعلى الكونغرس مراقبة جناحي المجمع الصناعي العسكري عن كثب في ظل الإدارة الجديدة، والمطالبة بأن يتم اتخاذ القرارات بشأن الأسلحة التي يجب شراؤها والاستراتيجية التي يجب اتباعها من خلال مداولات علنية ومدروسة بعناية وليس وفقا لاحتياجات الشركات ذات التوجهات السياسية التي تريد الاستفادة من ميزانية البنتاغون لتعزيز أرباحها في المستقبل.