«دبلوماسية المجاملات».. «دليل» قادة العالم لضبط «مزاج» ترامب

في مختبر السياسة الدولية طور زعماء العالم "دليل بقاء" للتعامل مع دونالد ترامب أو بالأحرى مع «مزاجه السياسي» المتقلب.
وبحسب وكالة «أسوشيتد برس»، يقوم هذا «الدليل» على ثلاث ركائز، تتمثل في الإطراء المفرط، وتجنب الخوض في تصريحاته المثيرة للجدل، والصبر لاستشفاف أهدافه الحقيقية ثم محاولة تلبية مطالبه إن أمكن.
وأشارت الوكالة إلى أنه في كل اجتماع بالمكتب البيضاوي أو قمة دولية، يطوّر قادة الدول الأخرى أساليبهم في بناء علاقة عمل مع هذا الزعيم الأمريكي الذي يدير أكبر اقتصاد في العالم ويتحكم في أقوى جيش.
وقد ظهرت نتائج هذه الاستراتيجيات بوضوح في قمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» الأخيرة، والتي شهدت اختصارًا للجلسات، وحذفًا للمواضيع الشائكة من جدول الأعمال، وإطلاق موجة من المجاملات موجهة للرئيس الأمريكي.
ونظرًا لأن ترامب يهيمن على الجغرافيا السياسية، يتعلم القادة الأجانب من تجارب بعضهم البعض التي تعود إلى ولايته الأولى، حين هدد بانسحاب الولايات المتحدة من الحلف.
ومن دروس التعامل مع ترامب، أنه يرفض الدبلوماسية التقليدية، ويؤمن بـ"أمريكا أولًا"، ويحب المبالغة والتفوق، ويتبع حدسه، بينما يضطر العالم لمواكبته.
ولاحظ القادة، على سبيل المثال، أن وتيرة أوامره وتهديداته ومنشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي تجعله ينتقل من أولوية إلى أخرى بسرعة.
ويصف نفسه بأنه "مرن" في المفاوضات، كما حدث عندما هدد بفرض رسوم جمركية ضخمة على كندا والمكسيك والصين، ثم تراجع أثناء المحادثات.
ورغم نسبه الفضل لنفسه في وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، لم ينجح ترامب بعد في إنهاء النزاعات في أوكرانيا وغزة كما وعد.
دروس من قمتين.. فن الإدارة الأبوية
خلال شهر يونيو/ حزيران وحده، قدّمت قمتا "مجموعة السبع" في كندا و"الناتو" في هولندا نموذجين متباينين للتعامل مع ترامب.
ففي ألبرتا، استقبل رئيس الوزراء الكندي مارك كارني ترامب في مؤتمر صحفي بمناسبة عيد ميلاده، مفتتحًا كلامه بـ"مجموعة السبع لا قيمة لها بدون قيادتك"، لكنه أوقف المؤتمر فور انزلاق ترامب إلى الخطاب الحزبي.
وفي لاهاي، اختصر «الناتو» اجتماعاته لساعات، واقتصر جدول أعماله على بند واحد يريده ترامب وهو رفع الإنفاق الدفاعي للحلفاء.
واستُبعدت حتى الحرب الأوكرانية عمدًا، رغم حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي تبنى أسلوبًا تصالحيًا بعد توبيخ ترامب له.
روته.. مهندس «دبلوماسية الإطراء»
طلب السفراء من الأمين العام للناتو مارك روته استخدام مهاراته في استمالة ترامب، فأرسل روته رسالة نصية خاصة قبل القمة يتنبأ فيها بـ"نجاح كبير" للقمة بحضور ترامب، والتي نشرها الرئيس الأمريكي بفخر على حساباته.
وخلال القمة، شبّه روته دور ترامب في وقف الحرب الإسرائيلية-الإيرانية بـ"الأب" الذي يفصل بين أطفال يتشاجرون في ساحة المدرسة، فرد ترامب: "إنه يحبني".
كان هذا أحدث دليل على أن الإطراء هو الطريقة المفضلة للتعامل مع ترامب، حتى وإن لم يكن ذلك شائعًا في بعض الأوساط.
كما دأب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على استخدام هذا الأسلوب منذ 2018، حين وصف ترامب بأنه "أعظم صديق عرفته إسرائيل"، وأطلق اسمه على مستوطنة في الجولان.
أما رئيس وزراء اليابان الراحل شينزو آبي، فقد اصطحب ترامب مرارًا في جولات غولف، فيما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ترامب ليكون ضيف شرف في احتفالات يوم الباستيل عام 2017، لضور عرض عسكري ضخم.
وهذه الإيماءات – رغم فعاليتها الظاهرية في تجنب صدامات مع ترامب – تكشف تحوّل الدبلوماسية الدولية إلى مسرح للتمثيل المرحلي، حيث وصف البعض الناتو بـ"منظمة ترامب الأطلسية الشمالية".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAzIA== جزيرة ام اند امز