قمة لاهاي.. ترامب يُحمّل أوروبا «عبء» أوكرانيا

استقطبت الحرب بين إسرائيل وإيران معظم اهتمام العالم خلال الأسبوعين الماضيين، مما أدى إلى صرف الأنظار عن الحرب الدائرة في أوكرانيا.
وقد كشفت قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاهاي يوم الأربعاء تحولاً جوهرياً في الموقف الأمريكي، حيث بات الرئيس دونالد ترامب يعتبر تمويل الصراع في أوكرانيا مسؤولية أوروبية بالدرجة الأولى، في تحول يعكس تراجع اهتمامه الشخصي بملف أوكرانيا، بحسب موقع ريسبونسبول ستيت كرافت.
ورغم استمرار تبادل جثث القتلى وأسرى الحرب بين الجانبين في أوكرانيا، لم تُسفر محادثات السلام التي انطلقت في إسطنبول مطلع يونيو/حزيران عن تقدم ملموس، رغم الحديث عن جولة ثالثة محتملة الأسبوع المقبل.
كما لم تنجح قمة لاهاي في إبقاء أوكرانيا ضمن أولويات الولايات المتحدة، إذ كان التركيز الأكبر على التزام الحلفاء الأوروبيين بزيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو هدف طالما سعى إليه ترامب.
وقد وافق جميع أعضاء الناتو على هذا الالتزام الجديد، باستثناء إسبانيا التي أعربت عن عدم قدرتها على تحقيق هذا الهدف.
وفي خطاب أثار الاستغراب والامتعاض بين بعض المراقبين، وجّه الأمين العام للناتو، مارك روته، إشادة لافتة للرئيس ترامب، قائلاً: "سيدي الرئيس، لقد أنجزت ما لم يتمكن أي رئيس أمريكي من تحقيقه منذ عقود"، لكن هذا المديح قوبل بسخرية، حيث اتُهم روته بأنه بدا وكأنه ينادي ترامب بـ"بابا" خلال القمة.
تجلّى تراجع أولوية أوكرانيا في إعلان لاهاي المقتضب (425 كلمة) مقارنة ببيان قمة واشنطن 2024 (5300 كلمة)، حيث اختفى التعهد بدعم "انضمام أوكرانيا الكامل للناتو".
وزادت المخاوف الأوروبية عندما أشار وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى عدم وجود خطط لفرض عقوبات جديدة على روسيا.
كما حملت عبارة "الالتزام السيادي" الواردة في البيان دلالة عميقة: فاستخدام مصطلح "سيادي" يعني أن الدول قد تختار تمويل أوكرانيا أو الامتناع عن ذلك، في إشارة واضحة إلى أن ترامب يُحمّل أوروبا المسؤولية المالية للصراع.
وقد مكّن الاتفاق الجديد الدول من احتساب التمويل الموجه لأوكرانيا ضمن هدف الـ5 في المائة الدفاعي - وهو ما بدأت بريطانيا تطبيقه فعلياً. ورغم حديث روته عن تعهدات بقيمة 35 مليار دولار لأوكرانيا هذا العام، فإن الواقع المالي يبدو غير واضح: فالتزامات أبريل/نيسان الماضي (24 مليار دولار) ستُوزع على 4 سنوات، مما يترك حاجة أوكرانيا الملحة للتمويل دون تغطية كافية.
ولم تُقدّم القمة أي دفعة حقيقية نحو السلام. فبينما يواصل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الدعوة لوقف إطلاق النار غير المشروط - متجاهلاً موازين القوة الميدانية - يصر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على انضمام بلاده للناتو، مما يجعل أي تسوية سياسية مستعصية.
ويبدو أن المستفيد الأكبر من الاتفاق هم شركات الدفاع الأمريكية، إذ ستحتاج بريطانيا لإنفاق إضافي سنوي قدره 114 مليار دولار بحلول 2035، بينما تتجه ألمانيا لزيادة إنفاقها 128 مليار دولار سنوياً بحلول 2029.
وقد بدأت "حفلة الإنفاق" فعلياً بصفقة بريطانية لشراء 12 طائرة F-35A مقابل 700 مليون دولار - طائرات مصممة لحمل القنابل النووية الأمريكية بي61 التي يعود تصميمها لعام 1963، والتي أصبحت "أغلى من وزنها ذهباً" بعد تحديثاتها المكلفة، في تعبير صارخ عن طبيعة الإنفاق الدفاعي الغربي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAzIA== جزيرة ام اند امز