كواليس بث محاكمة ترامب.. الملياردير يبحث عن "الذهب" بقلب العاصفة
من بالم بيتش إلى نيويورك، سلكت طائرة دونالد ترامب مسارا جديدا، يحاول فيه الرئيس السابق شق نافذة وسط عاصفة قضائية.
رحلة عودة استثنائية، بل تاريخية، في اتجاه معاكس للمعتاد، تكتب سيناريو يحدث لأول مرة؛ رئيس أمريكي سابق يستعد للمثول أمام المحكمة وسماع اتهامات جنائية في قضية مثيرة للجدل.
لكن العودة التي قد يراها كثر حول العالم "انكسارا" أو "بداية نهاية"، يحاول ترامب أن يراها فرصة سانحة لدفع حملة ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 2024 والعودة مجددا إلى البيت الأبيض.
منع البث
وفي إطار "الفرصة"، حاول محامو ترامب انتزاع بعض السيطرة على إجراءات المحكمة خلال إجراءات قضائية ماراثونية، إذ قدموا طلبا للمحكمة في نيويورك يرفض طلبا من المؤسسات الإخبارية، بما في ذلك شبكة "سي إن إن"، السماح لكاميرات التلفزيون بالدخول إلى المحاكمة.
لكن وسائل الإعلام دفعت في المقابل، بأن القضية ذات مصلحة عامة ويجب بثها، لكن محاميي ترامب قالوا للقاضي إن البث "سيخلق جوًا شبيهًا بالسيرك، ويثير مخاوف أمنية، ويتعارض مع افتراض براءة ترامب".
وصدر الحكم في هذا الجدل بوقت متأخر من الليل، إذ رفض القاضي المسؤول دخول كاميرات البث قاعة المحكمة أثناء الإجراءات، لكن سيسمح لخمسة مصورين فقط بالتقاط صور للرئيس السابق وقاعة المحكمة قبل بدء الجلسة.
رحلة إلى نيويورك
وأمس، وصل الرئيس الأمريكي السابق، ترامب، إلى نيويورك حيث سيمثل في وقت لاحق اليوم، أمام محكمة لإبلاغه رسمياً بتوجيه تهم جنائية إليه في قضية دفع أموال لنجمة أفلام إباحية لشراء صمتها، في حدث غير مسبوق لرئيس أمريكي سابق.
وحطّت الطائرة الخاصة التي أقلّت ترامب في مطار لاغوارديا قادمة من فلوريدا بعد رحلة استمرّت ساعتين ونصف الساعة.
ومن المطار إلى برج ترامب مباشرة، دخل الرئيس السابق مقره الرئيسي تحت حراسة أمنية مشدّدة قرابة الساعة 16,15 بالتوقيت المحلي (20,15 ت غ)، ويعتقد أنه سيمضي ليلته فيه.
وكانت لقطات تلفزيونية أظهرت موكبًا يغادر منزل ترامب في مار لاغو عند الساعة 12,20 (16,20 بتوقيت غرينتش)، للتوجّه إلى نيويورك؛ إذ يأمل في استغلال مثوله أمام المحكمة لاستثارة حملة تأييد لترشحه للانتخابات الرئاسية في العام 2024.
وحمل العشرات أعلامًا مؤيدة لترامب وأعلامًا أمريكية واصطفوا على طول الطريق الذي مرّ فيه الموكب.
وكتب على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشل" قبل دقائق من إقلاع الطائرة عند الواحدة ظهرًا، "متّجه إلى نيويورك. فلنجعل أمريكا عظيمة مجددًا!!!".
وأضاف "هذه حملة اضطهاد. دولتنا التي كانت عظيمة في يوم من الأيام تتّجه إلى الجحيم".
"رسالة قوة"
رحلة ترامب إلى نيويورك أظهرت مدى إصرار الرئيس السابق على رؤية "الفرصة" في قلب "العاصفة"، إذ عمد إلى السير في موكب لسيارات الدفع الرباعي السوداء التابعة للخدمة السرية، واستخدام طائرته الفارهة.
ووفق شبكة "سي إن إن"، فإن ترامب عمد إلى استخدام الموكب في "مظهر رئاسي" يرمي إلى إرسال رسالة قوة في لعبة عض الأصابع الجارية حاليا.
وبعد المحاكمة، يعود ترامب إلى مار لاجو، لمواصلة اللعب على "أوتار الفرصة"، إذ من المقرر أن يحاول استعادة الأضواء الإعلامية الإيجابية عبر خطاب في وقت الذروة، سيستخدمه على الأرجح لإعلان براءته، ومهاجمة قضية نيويورك باعتبارها اضطهادًا سياسيًا ويحاول تشتيت الانتباه عن حقيقة أنه "متهما في قضية جنائية".
ووفق "سي إن إن"، فإن بعض المحللين يتحدثون عن إمكانية أن يعكس ترامب الأمور، ويحول مشاكله القانونية إلى ذهب سياسي، في وقت حرج انتخابيا.
الشبكة أقرت بأن الرأي العام سيلعب دورا كبيرا في تحديد الأثر السياسي لمسار محاكمة ترامب، لكنها أكدت في الوقت ذاته، أن القضاة محصنون ضد الضغوط السياسية التي من المقرر أن يحاول ترامب تحريكها عبر التأثير على أنصاره والمتعاطفين معه.
وتابعت أن الأمر سيشبه في النهاية انتخابات الرئاسة التي جرت عام 2020، عندما سادت إرادة الناخبين في النهاية، رغم محاولة ترامب ممارسة ضغوط سياسية وتحريك أنصاره والمتعاطفين معه.
جمع التبرعات
وبعيدا عن الخطاب ومحاولة التأثير على الرأي العام، يقود ترامب محاولة أخرى لفتح نافذة في قلب الأزمة، تتمثل في حملات جمع التبرعات لصالح حملته الانتخابية.
إذ نشر الرئيس الأمريكي السابق مقطع فيديو له وهو يسافر في موكبه، على تويتر، وكتب معلّقًا: "إذا كنت فقيرًا كالكثير منكم، فلا ترسل أي شيء. وإذا كنت تجني أموالا بما يكفي، أرسل مساهمتك إلى Donaldjtrump.com".
وتعليقا على ذلك، قالت سارة موراي، مراسلة "سي إن إن" للشؤون السياسية: "لقد أمضوا (أي حملة ترامب) يوما في جمع التبرعات، ويحاولون إيجاد طريقة للقيام بذلك مرة أخرى، ويبدو أن هذا فعّال، إذا كنت تؤمن على الأقل بالأرقام التي تشاركها الحملة".
واعتبرت موراي أن الحملة تحاول تحويل الأزمة الحالية إلى "فرصة".
يقظة أمنية
أمنيا، تضع عودة ترامب إلى نيويورك، شرطة المدينة في حالة تأهب قبل مثول ترامب أمام المحكمة.
وحذّر رئيس بلدية نيويورك إريك آدمز، الإثنين، من أنّ أيّ شخص في المدينة سيتوسّل العنف للاحتجاج خلال المحاكمة التاريخية للرئيس السابق سيتمّ "توقيفه ومحاسبته أيّاً كان".
وقال آدامز خلال مؤتمر صحفي "في الوقت الذي يفكّر فيه بعض مثيري الشغب بالمجيء إلى مدينتنا غدًا (الثلاثاء)، رسالتنا واضحة وبسيطة: تحكّموا بأنفسكم".
سيناريو غير مسبوق
ومن المنتظر أن، يُصبح الرئيس الجمهوري السابق البالغ 76 عامًا أوّل رئيس سابق أو حالي، يُوجَّه إليه الاتّهام بارتكاب جناية، وذلك على أعتاب الانتخابات الرئاسيّة التي يسعى ترامب إلى خوضها في 2024.
ووجّه المدّعي العام في مانهاتن ألفين براج الذي يتبع مكتبه لقضاء ولاية نيويورك، التهمة رسميا إلى الرئيس السابق في قضية دفع مبلغ 130 ألف دولار لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز، واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد، لشراء صمتها قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
والشاهد الأساسي في الملف هو المحامي السابق لترامب، مايكل كوهين الذي أصبح عدوّه اللدود. وكوهين هو الذي دفع المبلغ لستورمي عام 2016 وأعيد تسديده له لاحقا.
وفي إطار الإجراءات المتوقعة لتوجيه التهمة الجنائية له، سيخضع الرئيس الأمريكي السابق لإجراءات الحجز المعتادة عبر أخذ بصماته والتقاط صورته التي قد تؤدي لواحدة من أشهر الصور الجنائية في العصر الحديث.
وترامب الذي يطمح للعودة إلى البيت الأبيض ندّد بهذا الاتّهام "الزائف والمخزي"، معتبراً إيّاه من "تدبير الديمقراطيين"، بل وصف الملاحقات القضائية بحقّه بأنّها "حملة اضطهاد".