كيف تناقض رد فعل ترامب على هجومي نيويورك ولاس فيجاس؟
في نيويورك دونالد ترامب تقدم بمقترحات فورية لمعالجة قضية الهجرة، بينما في لاس فيجاس رفض ترامب الخوض في سياسات امتلاك الأسلحة بأمريكا.
أظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رد فعل مختلفا تماما تجاه هجومين وقعا في الولايات المتحدة وأسفرا عن وقوع ضحايا ومصابين بفارق كبير، ما يعكس تصورات ترامب لمرتكب كل هجوم وليس الضرر الفعلي الواقع على الناس.
وشهد أول أكتوبر/تشرين الأول هجوما بإطلاق النار وصف بأنه "الأكثر دموية " في تاريخ أمريكا عندما فتح رجل أمريكي النيران بأسلحة مختلفة في فندق بولاية لاس فيجاس ما أدى لمقتل 58 شخصا وإصابة 546 آخرين، وفي آخر يوم من الشهر ذاته دهس رجل أوزبكستاني المارة في نيويورك بشاحنته ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 11 آخرين.
ترامب يلوح بإلغاء "الهجرة العشوائية" إلى أمريكا
ترامب عن هجوم لاس فيجاس: مصدومون.. عملية شريرة للغاية
وبعد هجوم لاس فيجاس تقدم ترامب فورا بتعازيه على موقع "تويتر"، وتبعها بأيام زيارة إلى المدينة ليقدم دعمه لقوات الإغاثة والشرطة التي تعاملت مع الموقف والمصابين وعائلاتهم كذلك.
وشهدت الأيام التي تلت المذبحة سعيا للحد من تداول الأداة التي استخدمها مهاجم لاس فيجاس، ستيفن بادوك، لرفع سرعة خروج الرصاصات من سلاحه، وهو ما اكتسب دعم بعض أعضاء الحزب الجمهوري وحتى اتحاد البنادق الوطني لكن بشكل فاتر.
إلا أن البيت الأبيض لم يكن مهتما بالتحدث عن كيفية معالجة قضية حوادث إطلاق النار الجماعية في الساعات التي تبعت المذبحة، حيث كانت سارة هاكابي ساندرز، المتحدثة باسم ترامب، صريحة بشأن تأجيل أي مناقشة حول معالجة أي أسباب كامنة وراء الهجوم.
وقالت ساندرز: "هذه مأساة لا توصف. اليوم هو يوم مواساة الناجين والحزن على من فقدناهم. تعازينا ودعواتنا بالتأكيد لهؤلاء الأشخاص. هناك وقت ومكان للجدال السياسي، لكن الآن هو وقت توحيد البلاد، لأنه سيكون من السابق لأوانه مناقشة السياسة بينما لا نفهم بشكل كامل الحقائق أو ما حدث".
وكذلك الأمر انطبق على ترامب عندما سافر إلى لاس فيجاس، حيث رفض أي مناقشات حول سياسات جديدة لتقييد امتلاك الأسلحة في الولايات المتحدة، قبل أن يتحول الحوار الوطني سريعا إلى رد فعله على إعصار بورتريكو الذي تبع المذبحة بأيام.
وحسب ما رصدته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فإنه على النقيض تماما جاء رد ترامب، الأربعاء، على هجوم نيويورك متوجها لموقع "تويتر" ليكتب 6 تغريدات متتالية حول الحاجة لتغيير سياسات الدولة لمعالجة تلك القضية.
وهذا ليس بأمر جديد على ترامب، فدائما ما سارع إلى ربط الهجمات الإرهابية (وكذلك الحوادث التي يتبين لاحقا أنها ليست هجمات إرهابية) إلى الحاجة لتشديد الهجرة إلى الولايات المتحدة.
وأوضحت الصحيفة أن هذا كان أحد أركان حملته الانتخابية التي روج خلالها للمخاطر التي يشكلها المهاجرون كمصدر قلق مركزي للعامة وكذلك لسياساته الخاصة على أنها الطريقة الوحيدة لمعالجة تلك القضية.
وفي حالة سيف الله سيبوف منفذ هجوم مانهاتن، الثلاثاء، سارع ترامب لتقديم مقترحات سياسية لمعالجة التهديد المتصور الذي يشكله المهاجرون، حتى إذا كانت تلك المقترحات ليست مبنية بالضرورة على فهم دقيق للأزمة.
ويعكس التناقض بين الواقعتين اللتين شهدهما شهر أكتوبر/تشرين الأول الاختلاف الكامل بين العنف الناتج عن امتلاك الأسلحة بحرية والإرهاب الأجنبي.
فمنذ تولي ترامب الرئاسة في يناير/كانون الثاني، وقعت 283 حادثة في الولايات المتحدة شهدت إطلاق النار على 4 أشخاص أو أكثر، وأسفرت تلك الحوادث باستثناء هجوم لاس فيجاس عن 224 قتيلا، ومن بين تلك الحوادث عدد لا بأس به من الهجمات الإرهابية لكن 3 فقط منهم تقريبا تضمنوا مسلما أو مهاجرا نفذ الهجمات التي أسفرت مجملا عن مقتل شخصين فقط.
وأكدت الصحيفة أن كلتا الواقعتين بنيويورك ولاس فيجاس كانت مأساة، وفي كلتيهما سيدقق العديد من المسؤولين المنتخبين للبحث عن طرق لمنع حدوث حوادث مشابهة لهما في المستقبل.
لكن بالنسبة لترامب، فإن الحادثتين تشكلان مخاطر مختلفة على الشعب الأمريكي، فالأول يجسد التهديد الوجودي من الإرهابيين المتطرفين الذي تجب معالجته، أما الثاني -الأكثر دموية وفتكا- فمجرد شيء يحدث.