استراتيجية ترامب للسلام بأوكرانيا..«صانع الصفقات» تحت الاختبار

بينما يسعى ترامب إلى تحقيق انفراجة في الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا، يجد نفسه في "مأزق"، مع تزايد الضغوط على موسكو لقبول وقف إطلاق النار.
فبعد أن صوّر نفسه كصانع صفقات بارع، يقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم أمام تحد حقيقي: هل ينجح في إقناع الكرملين بالهدنة، أم أنه سيضطر إلى فرض عقوبات جديدة قد تعقد المشهد أكثر؟
ترامب أمام الخيار الأصعب
نتيجةٌ تقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إنها مرتبطة برفض روسيا مقترح وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في الصحيفة الأمريكية، سيكون ترامب أمام قرار فرض عقوبات جديدة على موسكو إذا رفض الكرملين الخطة التي توسطت فيها الولايات المتحدة.
لكن معاقبة موسكو قد تضيف عقبة أخرى على الطريق الشاق نحو التوصل إلى اتفاق، وهو ما من شأنه أن يعرض الهدف الأكبر لترامب والمتمثل في تحسين العلاقات مع روسيا للخطر. بحسب المصدر ذاته.
وفي تصريحات للصحفيين بالبيت الأبيض، الخميس، تجنب ترامب الإجابة عن طبيعة الضغوط التي قد يمارسها على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مكتفيا بالقول: "يجب أن ننهي هذا النزاع بسرعة".
غير أن المعطيات على الأرض تشير إلى أن تحقيق هذا الهدف يعتمد على كيفية إدارة واشنطن للمفاوضات مع موسكو خلال الأيام المقبلة.
فبدلا من الرفض القاطع للهدنة، يلمح المسؤولون الروس إلى أنهم قد يطالبون بتنازلات قبل الدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب، وهو ما يزيد من الضغط على ترامب. وفق الصحيفة.
السؤال الأهم
لكن السؤال الأهم بنظر "وول ستريت جورنال" هو "ما إذا كان بوتين ملتزما بالسلام" كما أصرّ ترامب، وهل التنازلات المطلوبة لإقناعه ستُضعف موقف أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين، الذين يخشون أن تستغل موسكو وقف إطلاق النار لإعادة ترتيب صفوفها واستئناف القتال لاحقا.
وأمس الخميس، صرح ترامب أن المفاوضين ناقشوا بالفعل الخطوط العريضة لاتفاق، بما في ذلك التنازلات الإقليمية المطلوبة وقضايا أضيق نطاقا، مثل السيطرة على محطة زابوروجيا للطاقة النووية الأوكرانية التي أصبحت الآن في أيدي الروس.
ويصر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، برايان هيوز، على أن ترامب "يركز على هدف واحد: التوصل إلى حل سلمي لهذا الصراع" من خلال إقناع روسيا أولا بالموافقة على وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما.
رغم تأكيد البيت الأبيض أن ترامب يركز على تحقيق "حل سلمي للنزاع"،إلا أن العديد من المحللين ما زالوا متشككين في أن بوتين سيوافق في النهاية على هذا الاقتراح أو أي اقتراح آخر.
وفي هذا الصدد، قالت ألينا بولياكوفا، الرئيسة والمديرة التنفيذية لمركز تحليل السياسات الأوروبية في واشنطن: "لا يوجد اتفاق مع الروس، وسيرفضون أي اتفاق تتفاوض عليه الولايات المتحدة مع أوكرانيا".
وكان ترامب قد أكد سابقا أن إنهاء الحرب سيكون أمرا سهلا، ويمكن تحقيقه في غضون "24 ساعة".
وفي هذه الجزئية، اعتبرت الصحيفة الأمريكية أن ترامب "فشل في الوفاء بهذا الموعد النهائي بعد عودته إلى منصبه، ولجأ إلى التودد إلى روسيا والضغط على أوكرانيا لتحفيز التوصل إلى اتفاق".
ومن أبرز قرارات ترامب التي أثارت جدلا واسعا كان إيقاف المساعدات العسكرية والاستخباراتية لأوكرانيا بعد اجتماع متوتر في البيت الأبيض مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
هذه الخطوة، التي لم تعجب العديد من السياسيين الأمريكيين، دفعت كييف إلى الموافقة على خطة وقف إطلاق النار التي اقترحتها واشنطن. وبهذا، أصبح مستقبل الحرب الآن في يد بوتين.
هكذا ردت روسيا على المقترح
ويوم أمس، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن لديه "أسئلة جدية" بشأن مقترح واشنطن لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما في أوكرانيا، معربا عن استعداد موسكو لمناقشتها مع ترامب.
كانت تلك التصريحات هي الأولى لبوتين حول الخطة التي وافقت عليها أوكرانيا، الثلاثاء، إثر محادثات مع الولايات المتحدة.
وأكد الرئيس الروسي أنه "يؤيد" وقف إطلاق النار المقترح لكن هناك "خلافات دقيقة" ما زالت عالقة وتحتاج الى تواصل مع الأمريكيين.
وفي معرض طرحه بعض أسئلته حول آلية تطبيق وقف إطلاق النار، تساءل بوتين: "كيف ستُستغل هذه الأيام الثلاثين؟، هل تستغلها أوكرانيا للتعبئة وإعادة التسلح وتدريب الأفراد؟ أم لا شيء من هذا؟ ثم كيف سيتم التحكم في ذلك؟".
وفي تعقيب على هذه التصريحات، اعتبر زيلينسكي أنها تنطوي على "تلاعب".
ضغوط الجمهوريين
ويدعو الجمهوريون في مجلس الشيوخ، بمن فيهم بعضٌ من أشد حلفاء ترامب، الرئيس إلى الرد على روسيا إذا انسحبت موسكو من المفاوضات.
وقال السيناتور مايك راوندز (جمهوري، داكوتا الجنوبية): "يستحق بوتين ضغطا أكبر بكثير مما تستحقه أوكرانيا"، مضيفا أنه سيكون هناك "دعم مطلق" من الكونغرس لفرض عقوبات أوسع نطاقا على موسكو.
وكتب السيناتور ليندسي غراهام (جمهوري، ساوث كارولينا)، الذي يقال إنه أقرب المقربين لترامب في مجلس الشيوخ، رسالة على "إكس، الأربعاء، قال فيها "أنا متشكك للغاية في أن روسيا ستقبل بوقف إطلاق النار، وأشك بشدة في رغبتهم في إنهاء هذه الحرب".
وكشف المشرع أنه سيُدخل "عقوبات ورسوما جمركية قاسية" على الكرملين بحلول نهاية الأسبوع.
لم يُبد ترامب أي علامات تشير إلى شعوره بالقيود بسبب تشكك حلفائه، سواء في الكونغرس أو في الخارج، في مفاوضات أوكرانيا. وقال محللون إنه يعمل وفقا لغرائزه ولأسبابه الخاصة، غير مُبال بأي آراء سوى آرائه الشخصية.
وفي هذا السياق، قالت إليزابيث سوندرز، وهي مستشارة داخلية: "لقد انقطعت آخر خيوط القيود على السلطة الرئاسية في السياسة الخارجية".
aXA6IDE4LjExNy4xMDYuMjA2IA== جزيرة ام اند امز