عقدة "البارانويا" هذه من المتوقع أن تستمر في ظل حالة الجدل والانقسام الداخلي الحاد، خصوصاً بعد تبرئة ترامب في الكونجرس
مرة أخرى تعود قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية إلى واجهة الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وفي ظل أجواء متوترة بعد تبرئة ترامب في الكونجرس من تهمتي استغلال السلطة المعروفة باسم "قضية أوكرانيا" وعرقلة عمل مجلس الشيوخ.
بعد الانتخابات الأمريكية الأخيرة في عام 2016، ظهرت القضية الأولى بشأن التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأمريكية بعدما نشر موقع "ويكيليكس" وثائق سرية سرقها قراصنة من موقع اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي اعتبرت أنها تضر بسمعة منافسة ترامب المرشحة الديمقراطية للرئاسة آنذاك هيلاري كلينتون، وما قيل عن اختراق البريد الإلكتروني لهيلاري، واستخدامها لهذا البريد العادي في مراسلات في غاية الأهمية عندما كانت وزيرة للخارجية.
ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد انهالت تحذيرات المخابرات واللوبيات النافذة من وجود تدخل روسي لمساعدة ترامب في الفوز بتلك الانتخابات من خلال التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي لمصلحته أمام منافسته الديمقراطية. وقد ترافقت هذه التحذيرات مع حالة من الصخب والانفعال أدت إلى فتح سلسلة طويلة من التحقيقات شملت مسؤولين في أجهزة المخابرات، وآخرين في حملة ترامب الانتخابية، انتهت بإقالة مسؤولين كبار في حملة ترامب، وبعضهم من أبرز مساعديه، كان آخرها قبل أيام عندما أصدر قاضٍ فيدرالي حكماً بالسجن على روجر ستون المستشار السابق للرئيس الأمريكي، لمدة 40 شهراً بتهم الكذب على المحققين في قضية التدخل الروسي المزعوم بالانتخابات الأمريكية عام 2016.
عقدة "البارانويا" هذه من المتوقع أن تستمر في ظل حالة الجدل والانقسام الداخلي الحاد، خصوصاً بعد تبرئة ترامب في الكونجرس، ولكن السؤال هو: إلى متى يبقى التدخل الروسي المزعوم شماعة لفشل هذه الجهة أو تلك في الفوز بالانتخابات؟
لكن لم يكد هذا الملف يوشك على الإغلاق حتى عادت القضية مجدداً إلى الظهور حين أعرب مشرعون ديمقراطيون عن قلقهم بعد استماعهم في جلسة مغلقة إلى مدير الاستخبارات جوزيف ماغواير الذي حذر من تدخل روسي جديد لتعزيز فرص ترامب بالفوز مرة ثانية. وبطبيعة الحال، لم يتردد ترامب الذي استشاط غضباً في توبيخ ماغواير على إحاطته التي قدمها في الكونجرس، وإقالته على الفور، وتعيين أحد المقربين إليه في مكانه، رافضاً فكرة أن تكون روسيا تسعى لفوزه مجدداً في الانتخابات المقبلة، وواصفاً الفكرة بأنها "حملة تضليل" أطلقها الديمقراطيون ضده.
وكتب ترامب على "تويتر": "هناك حملة تضليل أخرى يطلقها الديمقراطيون في الكونجرس، قائلين: إن روسيا تفضلني على أي مرشح لا يفعل شيئاً من الديمقراطيين الذين ما زالوا غير قادرين بعد أسبوعين، على فرز أصواتهم في أيوا». «الخدعة رقم 7؟!». وبالمقابل، اعتبرت موسكو اتهامات مسؤولي المخابرات الأمريكية لها بالتدخل في الانتخابات المقبلة لمصلحة إعادة انتخاب ترامب بأنها تدخل في خانة "البارانويا". وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف: إن "هذا لا صلة له بأي شكل بالحقيقة"، وندد بما سماه "رسائل جديدة تتصف بالبارانويا ستزداد للأسف مع اقتراب موعد الانتخابات" في الولايات المتحدة.
عقدة "البارانويا" هذه من المتوقع أن تستمر في ظل حالة الجدل والانقسام الداخلي الحاد، خصوصاً بعد تبرئة ترامب في الكونجرس، ولكن السؤال هو: إلى متى يبقى التدخل الروسي المزعوم شماعة لفشل هذه الجهة أو تلك في الفوز بالانتخابات؟
نقلاً عن " الخليج" الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة