قانون ترامب «العظيم والجميل».. 5 مغالطات كبرى تهدد المواطن الأمريكي

بين وعود بتخفيض الضرائب، وزيادة الرواتب، وتحصين الحدود، وتضخيم الجيش، يروّج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لما يسميه "قانونه الكبير والجميل" كركيزة اقتصادية لحلمه الأمريكي الجديد.
لكن خلف الشعارات البرّاقة، يخفي المشروع أكبر موازنة تشريعية في تاريخ الولايات المتحدة، محمّلة بتخفيضات اجتماعية تاريخية وأرقام صادمة حول الدين العام.
ويكشف خبراء اقتصاديون وسياسيون عن خمس مغالطات رئيسية في وعود ترامب، أبرزها ما يتعلّق بمعاشات التقاعد، والشيكات الغذائية، والسيارات الكهربائية. فبينما يُسوّق الرئيس القانون كفتح اقتصادي، تتّجه أصابع الاتهام نحوه باعتباره بوابة لتقليص المكتسبات الاجتماعية وزيادة الدين العام بمليارات الدولارات. فما هي أبرز المغالطات التي يخفيها هذا المشروع التشريعي الضخم؟
وفي خطوة اعتبرها ترامب حجر الزاوية لولايته الثانية، اقترب "قانونه الكبير والجميل" من خط النهاية، وهو مشروع موازنة ضخم يجمع معظم وعوده الانتخابية في تشريع واحد يتجاوز الألف صفحة، وتُقدّر كلفته بأنها غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة، بحسب صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية.
رفع المعاشات.. وعد مزيف؟
أعلن ترامب أن القانون سيحمي معاشات التقاعد ويرفعها، لكن ما يخفيه المشروع هو اقتطاعات تدريجية من تمويل برنامج Medicaid (الرعاية الصحية للفئات الفقيرة وكبار السن)، مما سينعكس سلبًا على خدمات التقاعد والرعاية لكبار السن. بل إن مكتب الميزانية في الكونغرس (CBO) حذّر من أن الإصلاحات المقترحة قد تؤثر سلبًا على استدامة نظام التقاعد نفسه.
تخفيضات ضريبية للأثرياء.. وليست للأسر المتوسطة
يُسوّق ترامب بأن مشروعه يمنح إعفاءات ضريبية دائمة للأسر الأمريكية. في الواقع، معظم التخفيضات تطال أصحاب الثروات الكبرى والشركات، في حين أن الأسر ذات الدخل المتوسط أو المنخفض لن ترى تحسنًا يُذكر، بل قد تواجه ارتفاعًا غير مباشر في تكاليف المعيشة بسبب تقليص الخدمات العامة.
وعود غير واقعية بتوسيع الشيكات الغذائية
روّج ترامب لفكرة أن القانون سيعزّز الأمن الغذائي للفقراء عبر الشيكات الغذائية (برنامج SNAP). الحقيقة أن النص يتضمّن اقتطاعًا كبيرًا من مخصّصات هذا البرنامج الحيوي، مما سيُقصي ملايين الأمريكيين من حقهم في الاستفادة من هذا الدعم الغذائي، لا سيما الأطفال والعائلات ذات الدخل المحدود.
دعم خادع لشراء السيارات الكهربائية
رغم تأكيد ترامب أنه سيدعم السيارات الكهربائية، فإن القانون يُلغي العديد من الحوافز الضريبية التي تم اعتمادها خلال فترة جو بايدن لدعم هذا القطاع. كما أنه لا يتضمّن أي خطة واضحة للبنية التحتية الخاصة بمحطات الشحن أو دعم الصناعة المحلية للبطاريات. أي أن الدعم المفترض لا يتعدى كونه مجرّد عنوان دعائي.
تجاهل الكارثة المالية القادمة
أخطر ما في القانون، بحسب تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس، أنه سيرفع العجز الفيدرالي بأكثر من 3.3 تريليون دولار خلال عشر سنوات. وبدلًا من أن يكون أداة لتحقيق الانضباط المالي، يُعتبر هذا المشروع أحد أكثر القوانين تكلفة في التاريخ الأمريكي. ومع غياب مصادر تمويل كافية، سيجد المواطن الأمريكي نفسه في النهاية هو من يدفع الثمن.
عصر ذهبي... لمن؟
رغم لغة النصر التي يستخدمها ترامب، إلا أن المضمون الاقتصادي لمشروعه يثير مخاوف حقيقية بشأن مستقبل العدالة الاجتماعية والعبء المالي على الأجيال القادمة. وبينما يتحدث الرئيس عن "ازدهار وطني"، يتساءل مراقبون: هل يُقاس الازدهار بخفض الضرائب عن الأغنياء على حساب قوت الفقراء؟ وهل يمكن لاقتصاد هش أن ينهض على ظهر خدمات عامة منهارة؟
وفي انتظار تصويت مجلس النواب، لا يزال مصير هذا المشروع معلّقًا. لكن ما هو مؤكّد، أن "القانون العظيم والجميل" قد لا يكون جميلًا على الإطلاق بالنسبة لغالبية الأمريكيين.
وفي يوم الثلاثاء، أقرّ مجلس الشيوخ نسخة معدّلة من المشروع بصعوبة بالغة، بعد جلسة استمرت أكثر من ثلاثين ساعة دون انقطاع، حيث صوّت له 51 عضوًا مقابل 50، وكان صوت نائب الرئيس جي دي فانس حاسمًا في تمرير القانون، بعد انشقاق ثلاثة من أعضاء الحزب الجمهوري وانضمامهم إلى الديمقراطيين في التصويت ضده.
ونشر ترامب على منصته "تروث سوشيال" رسالة مبتهجة، قال فيها إن بلاده "تمضي نحو ازدهار هائل في العصر الذهبي الجديد لأمريكا"، ودعا "أصدقاءه الجمهوريين" في مجلس النواب إلى "الوحدة والفرح والتصويت بنعم". إذ ينتقل المشروع الآن إلى مجلس النواب لمناقشته والتصويت عليه.
فوز مرتقب... لكن بشق الأنفس
يعوّل ترامب على تمرير هذا القانون ليكون أول انتصار تشريعي كبير له في ولايته الثانية. وبعد التصويت في مجلس الشيوخ، يُتوقّع أن يُطرح القانون على التصويت في مجلس النواب صباح الأربعاء في واشنطن.
ويصف ترامب المشروع بأنه يمثّل أساس برنامجه الاقتصادي الجديد، قائلًا: "الرابح الأكبر سيكون الشعب الأمريكي، إذ سيحظى بضرائب أقل بشكل دائم، ورواتب أعلى، وحدود أكثر أمانًا، وقوات مسلّحة أقوى".
ثم وجّه نداءً إلى الجمهوريين قائلًا: "يمكننا الحصول على كل هذا الآن، لكن فقط إذا اتحد الجمهوريون في مجلس النواب، وتجاهلوا من يحبون التميز عن الآخرين (أنتم تعرفون من أعني!)، وقاموا بما هو صواب، وهو إرسال هذا القانون إلى مكتبي".
أزمة داخل المعسكر الجمهوري
لكن هذا الدعم ليس بالإجماع. ففي مجلس النواب، حيث يمتلك الجمهوريون غالبية هشّة، أعلن عدد من النواب المحافظين معارضتهم للنسخة المعدّلة التي أقرها الشيوخ. وقال النائب الجمهوري آندي بيغز من أريزونا: "من الصعب تخيّل أن يتم تمريره بصيغته الحالية. هناك أشياء سيئة للغاية بداخله".
ويشعر قادة الجمهوريين بالضغط، خصوصًا أن ترامب يريد توقيع القانون في يوم رمزي، عيد الاستقلال الأمريكي في الرابع من يوليو/ تموز.
انتقادات لاذعة من الديمقراطيين
الحزب الديمقراطي بأكمله رفض المشروع. ووصف زعيمهم في مجلس النواب، هاكيم جيفريز، المشروع بأنه: "مسخ مثير للاشمئزاز سيزيد معاناة الأمريكيين العاديين لصالح الأثرياء فقط".