«تاكو».. لقب ترامب الجديد في أسواق الأسهم الأمريكية

لم يكتم الرئيس دونالد ترامب غيظه عندما سأله صحفي هذا الأسبوع عن "تاكو"، وهي مفردة لقيت انتشارا في أوساط أسواق الأسهم الأمريكية خلال الآونة الأخيرة، تختصر بالأحرف الأولى عبارة "ترامب دائما يتراجع".
تعود "نظرية تاكو" الى مراسل صحيفة فايننشال تايمز البريطانية روبرت أرمسترونغ الذي استخدمها للإشارة إلى أن الرئيس الجمهوري غالبا ما يتراجع عن السياسات التي يقرّها بنفسه، ما إن تنعكس اضطرابات في أسواق الأسهم.
وخلص إلى أن المستثمرين باتوا على قناعة بأن إدارة ترامب "لا تبدي مرونة كبيرة إزاء ضغوط الأسواق والاقتصاد، وستتراجع سريعا عن التعرفات متى (شعرت بأنها) تسبب تداعيات مؤلمة".
أضاف "هذه هي نظرية تاكو (TACO theory): ترامب يتراجع دائما"، في إشارة الى الأحرف الأربعة الأولى من عبارة TRUMP ALWAYS CHICKENS OUT.
استخدم أرمسترونغ هذه العبارة في وقت سابق من مايو/أيار بعيد تحقيق أسواق الأسهم مكاسب كبيرة إثر إعلان الرئيس الأمريكي تعليق تطبيق تعرفات جمركية باهظة فرضها على غالبية دول العالم.
وما زاد الطين بلة، إعلان ترامب الأسبوع الماضي أن تعرفات نسبتها 50% على الواردات من الاتحاد الأوروبي ستدخل حيز التنفيذ في الأول من يونيو/حزيران، قبل أن يرجئ التاريخ بعد يومين الى التاسع من يوليو/تموز.
تفاوض
تعود تبدلات ترامب إلى قدرته الفائقة على استشعار الصعود والهبوط في أسواق الأسهم، والتي صقلها الثري الأمريكي خلال مسيرته الطويلة في الاستثمارات وقطاع العقارات خلال الثمانينات.
وخلال ولايته الأولى بين 2017 و2021، كان السبب الوحيد القادر أحيانا على دفع ترامب الى تبديل موقفه، هو تبدّل حاد في اتجاهات بورصة وول ستريت.
بعد مقالة الفايننشال تايمز، لقيت "نظرية تاكو" رواجا واسعا في أوساط المستثمرين في وول ستريت الذين رأوا فيها أكثر من مجرد نكتة ساخرة في ما بينهم، بحسب محللين. وتغمز العبارة من قنوات عدة، فالـ"تاكو" هي شطيرة مكسيكية شهيرة، وعبارة CHICKENS OUT تحمل في طياتها معنى تراجعٍ جبان.
- قبول طعن إدارة ترامب.. محكمة استئناف أمريكية تعيد فرض رسوم «يوم التحرير»
- في حضرة ترامب بالبيت الأبيض.. «باول» يؤكد: الاقتصاد وحده يحدد مسار قرارات الفائدة
ويقول مسؤول تخطيط الاقتصاد الكلي في مصرف "ساكسو" الدنماركي جون هاردي إن "استراتيجية تداول تاكو تلقى اهتماما متجددا".
دارت العبارة دورتها ووصلت إلى المكتب البيضوي في البيت الأبيض، إذ سئل عنها ترامب الأربعاء، لينفي بشكل قاطع أن يكون يتراجع عن سياساته المعلنة خشية التذبذب في الأسواق.
وتابع في ردّ حاد على صحفي طرح عليه سؤالا بشأن هذه النظرية"أنا أتراجع بجَبَن؟ لم أسمع بذلك مطلقا.. لا تكرر ما قلته، هذا سؤال خبيث".
وشدد ترامب على أن ما يقوم به هو محاولة لإبرام صفقات دولية ضخمة، مضيفا بسخرية "هذا تفاوض".
ويرى ستيف سوسنيك من "انتراكتيف بروكرز" أن نظرية تاكو "هي وسيلة غير سياسية للأسواق لكشف خداع الإدارة".
رد فعل
من جهته، يلحظ المحلل لدى "ميل ستريت ريسيرتش" سام بورنز أن رد فعل وول ستريت على إعلانات التعرفات الجديدة بات أكثر اتزانا، بعدما كان في مراحل سابقة "أكبر بكثير ومباشرا".
ويوضح بورنز لوكالة فرانس برس بأنه بعدما كان الحديث عن التعرفات يسبب تشنجا في الأسواق، بات ينظر إليها حاليا على أنها "قابلة للتراجع عنها وغير موثوق بها"، وبالتالي بات المستثمرون على استعداد أكبر لتجنب التصرفات المتسرعة في الأسواق.
بدا هذا الهدوء المكتسب جليا في بورصة نيويورك عقب إعلان ترامب فرض تعريفات جديدة على الواردات الأوروبية، وكذلك في مواجهة القرارات القضائية المتتالية التي علّقت بعض التعريفات قبل أن تعيد العمل ببعضها موقتا.
على رغم ذلك، يحذّر المحلل هاردي من أن التبدلات المتكررة في مواقف ترامب، لا يجب أن تصرف الاهتمام عن النزعة الحمائية لسياساته العامة.
وكتب هاردي في تعليق على موقع مصرف ساكسو "ربما يتراجع ترامب أحيانا.. لكن التحركات السياسية الأساسية هي واقع، وتمثّل تحولا بالغا ومدمّرا في الحكم الاقتصادي والسياسة الصناعية في الولايات المتحدة، وهو استجابة لعدم استقرار هائل يتنامى منذ أعوام".