أوكرانيا والناتو وروسيا والصين.. هل يعيد ترامب رسم خريطة التحالفات؟
من الناتو إلى أوكرانيا إلى الصين، أعاد فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالانتخابات، للواجهة تصريحاته ووعوده التي قطعها على نفسه.
وما بين الوعد والوعيد والتنفيذ، تباينت آراء خبراء ومحللين تحدثت إليهم «العين الإخبارية»، حول مدى قدرة الرئيس المنتخب ترامب على التنفيذ، ونجاعة الخطوات التي سيتخذها، وما سيواجهه حال الشروع بتنفيذها، وتأثير سياسات على مستقبل العلاقات والتحالفات.
- الناتو يتأهب لعودته.. لقاءات غير رسمية مع «رجال ترامب»
- سباق ترامب وهاريس.. أوكرانيا تترقب وتستعد للتغيرات القادمة
الناتو وأوكرانيا
وخلال حملته الانتخابية، قال ترامب إن "الأمر سيستغرق 24 ساعة فقط للتفاوض على إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا وأنه سينجز ذلك قبل تنصيبه في يناير/كانون الثاني المقبل".
وفي هذا الإطار، يعتقد الباحث ومدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسي، ديميتري بريجع، أن "الرئيس ترامب سيعيد رسم تحالفات ويعيد بناء أخرى في المنطقة".
ويضيف بريجع في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "ترامب سيشتت الاتحاد الأوروبي ويتعامل معه بقسوة، ويطلب من دوله الدفع مقابل الأمن والأسلحة وما تقدمه الولايات المتحدة".
ولفت إلى أن "ترامب سيعمل على إنهاء الحرب في أوكرانيا وإعادة السلام في منطقة الشرق الأوسط مع أمن إسرائيل وهذا من ضمن وعوده".
وأكمل أن "خطواته المقبلة ستكون مزيداً من الضغط على كل من الناتو وإجبار الرئيس الأوكراني زيلينسكي على الجلوس على طاولة الحوار والتفاوض مع روسيا لوقف إطلاق النار".
وأشار إلى أن "ترامب سيفتح قنوات اتصال دبلوماسية مع روسيا لوقف الحرب في أوكرانيا وإيجاد حلول للأزمة".
وبين أنه "من ضمن خطوات إجبار الرئيس الأوكراني هي منع المساعدات الأمريكية عنه، مع الضغط على الناتو والضغط على الاتحاد الأوروبي لتغيير الوضع القائم المتعلق بروسيا وإلغاء العقوبات على موسكو".
واختلف مع بريجع، أستاذ العلوم السياسية من موسكو، عمار قناة، حول وعد إيقاف الحرب الروسية الأوكرانية سريعا، مؤكدا أنه "رغم اتباع ترامب سياسة الابتعاد عن مفهوم عسكرة الأزمات السياسية إلا أن الأزمة الأوكرانية مختلفة".
وأشار قناة في حديث لـ"العين الإخبارية" إلى أن "حل الأزمة الروسية الأوكرانية لن يكون بالسرعة التي أرادها ترامب لأنه بذلك سيخوض معركة مع الداخل الأمريكية ونخب سياسية ومراكز اتخاذ قرار حول طبيعة العلاقات مع روسيا".
ولفت إلى أن "الدافع الذي سيساعده في مقاومته لتلك النخب هو الاتجاه العام نحو تجميد الصراع العسكري دون التوصل إلى حل سياسي فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية".
روسيا والصين
وحول روسيا والصين أوضح بريجع أن "ترامب لديه كاريزما مختلفة عن جو بايدن وباراك أوباما ويحب الظهور سياسيا وخارجيا، وسيعمل على تشتيت التحالف الروسي الصيني الإيراني".
ولفت إلى أنه "سيتبع سياسة الضغط قدر الإمكان على الشركات الصينية في أمريكا، وسيفرض مزيدا من العقوبات تجاه طهران للدفع سريعا نحو شرق أوسط جديد".
فيما اعتبر عمار قناة، أن "الفريق الذي سيختاره ترامب للعمل هو من سيعمل إما على إدخاله في صدام أو إقناع النخب السياسية الداخلية في تطبيع العلاقات مع روسيا إن أراد ذلك".
وأكمل: "نظرة ترامب لحلف الناتو والتكلفة الاقتصادية والسياسية الاستراتيجية من الاستمرار في دعمه لمواجهة روسيا أو أي طرف آخر تجبره على ذلك".
وحول الصين، يعتقد أستاذ العلوم السياسية أنه "ستكون هناك تحديات مستمرة وليست جديدة لمفهوم الحروب التجارية التي خاضها ترامب في فترته الأولى لكن مع النظر للمتغيرات التي طرأت في المنظومة الجيوسياسية والسياسية والاقتصادية وفرض مزيد من الضرائب على المواطن الأمريكي الذي يستخدم منتجات بكين".
وأكد أن "أزمة تايوان هي الأخرى ستكون نقطة يوظفها في مسألة المواجهة أو احتواء الصين، لكن المسألة ستكون تجارية جزئيا واقتصادية لا أكثر".
ورغم الحديث عن العلاقة الشخصية بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الإعلام إلا أن قناة أعاد التذكير بالعقوبات الاقتصادية على روسيا أثناء فترته الأولى وتعطيل خط السيل الشمالي الخاص بنقل الغاز من موسكو إلى ألمانيا وبدوره إلى أوروبا.
إضافة إلى الخروج من أهم اتفاقيتين وهما الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى والسماء المفتوحة والتي كان من خلالهما يمكن الوصول إلى السلام في العالم.
وحول معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، أكد أنها "مرتبطة بالحوار الذي قد بدأ منذ زمن وهو الحوار حول الاستقرار الاستراتيجي وإزالة العوائق مع وجود رغبة وإرادة سياسية لدى النخبة القادمة في الولايات المتحدة، مما يمكن التوصل إلى حلول تلائم الطرفين".
خلاف قديم مع زيلينسكي
أما المحلل السياسي من باريس، كارزان حميد، فيرى أنه "منذ سنوات الرئيس الأمريكي الفائز بالانتخابات الرئاسة دونالد ترامب، يحمل الضغينة ضد الرئيس الأوكراني زيلينسكي".
وأضاف: "لا ننس قبل سنوات هدد ترامب زيلينسكي، لكشف ملفات فساد ضد نجل جو بايدن (هانتر)، الذي يعمل مستثمرا قويا في أوكرانيا، لكن الثاني لم يرضخ إلى حد ما لضغوطات ترامب".
ويكمل كارزان في حديث لـ"العين الإخبارية": "كذاك هجوم ترامب على الرئيس الأوكراني لم يتوقف خلال السنوات الماضية، وخاصة بعد اندلاع الهجوم الروسي، بحيث قال وشاهده العالم عندما وصف زيلينسكي بأنه (أكبر مندوب مبيعات، كلما يزور أمريكا يعود بالمليارات)".
مسارات المساعدات المالية
ويعتقد المحلل السياسي من باريس، أن "ترامب يحاول الآن التركيز على تحديد مسارات مساعدات واشنطن المالية لبقية العالم، بحيث سيخلق تراتبية جديدة، يكون الأولوية فيها لإسرائيل والهامش سيكون أوكرانيا".
وأضاف أنه "في المقابل سيتوجه نحو تشديد آليات الصراع وحرب تجارية جديدة، ستكون أخف من سابقتها، لأسباب داخلية أكثر منها خارجية، لأن كثيرا من قطاعات الصناعة الأمريكية لا تستطيع المنافسة أمام نظيراتها العالمية وخاصة الصينية".
ورجح أنه "سيكون هناك مفاوضات شاقة وعسيرة للوصول إلى اتفاق مشترك بين أكبر قوتين اقتصاديتين، والآن أصبحتا متساويين في المجال السياسي والعسكري إلى حد ما".
أما بالنسبة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، فيقول الخبير: "باعتقادي سيزيد عليه ضغوطات سياسية أكثر من التحرك نحو تفكيكه، حتى لو انسحبت الولايات المتحدة".
وتابع: "نعلم أنه في وقت ما سيغير من موقفه، وخاصة الآن ليس لديه ما يخسره، بل سيقوم بأمور كثيرة بفترة قصيرة، لأن ما يهم ترامب هو أن يدخل التاريخ بإتمام كثير من الأمور".