«لأنه ترامب».. لهذا فاز مرشح الجمهوريين
المؤكد أن وعود دونالد ترامب بإصلاح الاقتصاد وحماية الحدود لم تكن التوليفة السرية التي أعادت إليه مفاتيح البيت الأبيض.
وخلال حملته الانتخابية، استمر ترامب في التحدث عن أي شيء يخطر بباله، ومهد طريق عودته إلى البيت الأبيض من خلال مضاعفة الأشياء التي حذر منها الديمقراطيون وقالوا إنها تجعله غير لائق لولاية ثانية، وذلك وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".
وفي تجمعاته الانتخابية، كان ترامب ثرثارًا ومبتذلًا وغير صادق في كثير من الأحيان، وكرر ادعاءاته حول سرقة انتخابات 2020.
وأكد أنه لا يتحمل أي مسؤولية عن هجوم الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021، واتهم الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن بتدبير لوائح الاتهام الجنائية ضده.
ومع ذلك، فاز ترامب في الانتخابات حيث فشل الضغط الذي مارسه الحزب الديمقراطي ومرشحته نائبة الرئيس كامالا هاريس في تسليط الضوء على أقوال ترامب وأفعاله وتصويره على أنه خطر على البلاد، في إضعاف قبضته، وبدلا من إعاقة ترشيحه، أدت مشكلات ترامب القانونية إلى زيادة التبرعات.
ويراهن الناخبون الأمريكيون على وعود ترامب بتعزيز الاقتصاد الأمريكي وخفض الأسعار والضرائب وتسوية النزاعات الأجنبية ووقف الهجرة غير النظامية.
ونجح زعيم الحزب الجمهوري في تصوير نفسه كناج تمكن من تجنب رصاصة كادت تودي بحياته في تجمع انتخابي، كما صور نفسه ضحية للمعارضين السياسيين ووسائل الإعلام وخصوم الدولة العميقة المزعومين.
ونجح ترامب أيضا في توسيع قاعدته بين الناخبين اللاتينيين ومن أصول أفريقية وأيضا بين الشباب، وبالإضافة إلى ذلك، بنى ترامب تحالفا من شأنه أن يعزز الحزب الجمهوري في المستقبل.
وفي الوقت نفسه، استغل ترامب بمهارة المسؤولية السياسية لإدارة بايدن-هاريس وألقى باللوم على منافسته الديمقراطية بسبب معدل التضخم الأعلى في أربعة عقود والعدد القياسي من المعابر غير القانونية للحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
الأسلوب
أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية الأمريكيين يعتقدون أن الولايات المتحدة تسير على المسار الخطأ، وهو ما يكشف كيف كان الناخبون يتوقون إلى التغيير.
ورغم أن هاريس جمعت أكثر من مليار دولار ونظمت عملية انتخابية أكبر في الولايات المتأرجحة، إلا أن ترامب تغلب على هذه المميزات من خلال حملة خاضها كمرشح تقليدي، لكن أسلوبه العدواني والمتحرر كان يتناقض مع نائبة الرئيس.
وفي محاولة لتحويل عقبة سياسية إلى فرصة لجني المال، باعت حملة ترامب قمصانا عليها صورة ترامب التي تضمنتها لائحة اتهامه في قضية السعي إلى قلب نتيجة انتخابات 2020.
كما تعاون ترامب مع إيلون ماسك أغنى رجل في العالم، والذي أنفق عشرات الملايين من الدولارات لتعزيز الإقبال على التصويت في الولايات المتأرجحة.
وحصل على دعم روبرت ف. كينيدي جونيور المرشح المستقل السابق وابن العائلة السياسية الكبيرة.
ورغم الحماس الكبير الذي أثاره دخول هاريس للسباق بعد انسحاب بايدن، إلا أنها تعرضت لانتقادات شديدة من قبل ترامب والجمهوريين بسبب مواقفها السابقة الأكثر ليبرالية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أطلق ترامب حملته الرئاسية في لحظة صعبة من حياته السياسية حيث تعرض للوم بسبب الأداء الضعيف للجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي.
وخلف الكواليس، بدأ ترامب في تجميع فريقه وخاض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في مواجهة عدد من المرشحين الذين قدموا أنفسهم بدائل للفوضى التي أحدثها الرئيس السابق الذي وصفهم بالخونة.
وابتعد ترامب عن المناظرات التمهيدية ونجح بسهولة في انتخابات الحزب وحسم ترشحه للبيت الأبيض بحلول مارس/آذار الماضي.
فوق الاتهامات
لم تعرقل الاتهامات الجنائية ترامب حيث نجح محاموه في تأخير المحاكمات، كما حول الرئيس السابق ظهوره في المحكمة إلى فرصة لجمع التبرعات.
ونشطت القضايا حملة ترامب التي اتبعت استراتيجية تجمع بين انتقاد سياسات بايدن الاقتصادية والحدودية والهجمات على لياقته للمنصب.
وبدلا من اختيار مرشح أكثر جاذبية للوسطيين، اختار ترامب شعبويا صريحا هو سيناتور أوهايو جي دي فانس ليكون نائبه.
وبعد محاولة اغتياله، ظهر ترامب متواضعا في مؤتمر الحزب الجمهوري ليقبل ترشحه قائلا "كان الله في صفي".
وإثر انسحاب بايدن وتأييده لهاريس، اعتبر ترامب ما حدث بأنه انقلاب وندم بعض أعضاء فريقه لخسارة الخصم السهل حيث أحيت نائبة الرئيس آمال الديمقراطيين.
وبدا ترامب في حيرة حول أفضل طريقة لمهاجمة هاريس لكنه اعتبر أن قضية الهجرة أقوى من فضية الاقتصاد لجذب الناخبين.
غير أنه انتقد أيضا برنامج منافسته لدعم الأسعار ووتساءل لماذا لم تفعل ذلك وهي نائبة للرئيس؟
وسعت حملة ترامب إلى الوصول إلى المزيد من الرجال ولتوغل في صفوف النقابات، كما انتقدت هاريس بسبب آرائها السابقة ووصفتها بأنها مرشحة أقصى اليسار.
ورغم معارضته للتصويت المبكر، ضغطت الحملة على ترامب لدعمه وبالفعل أغلق الجمهوريون الفجوة مع الديمقراطيين.
وفي الأيام الأخيرة من الحملة، استمر ترامب في إثارة الجدل فقال إنه سيكون "حاميًا" للنساء، "سواء أعجبت النساء بذلك أم لا"،.
ووصف ترامب النائبة الجمهورية السابقة ليز تشيني التي دعمت هاريس بأنها من دعاة الحرب وسألها كيف قد تشعر إذا تم توجيه البنادق "إلى وجهها".