الملياردير «السياسي».. إيلون ماسك على خطى ترامب؟
بعد دعمه الكبير لدونالد ترامب وصولا إلى البيت الأبيض، أعلن إيلون ماسك عن سلسلة من الخطط السياسية.
وأطلق ترامب على الملياردير لقب "النجم الجديد" خلال خطاب النصر، وأعلن ماسك عن خطط لدفع مرشحي الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي لعام 2026 وما بعدها.
وعلى متن طائرته الخاصة المتجهة إلى فلوريدا لمتابعة نتائج الانتخابات الرئاسية مع دونالد ترامب، أطلق قطب التكنولوجيا بثا مباشرا عبر منصته للتواصل الاجتماعي "إكس" أخبر خلاله المتابعين أن دعمه للحملة الرئاسية للمرشح الجمهوري خلال انتخابات 2024 مجرد بداية لطموحاته السياسية.
وأوضح ماسك أن "لجنة العمل السياسي الأمريكية"، وهي المجموعة السياسية المؤيدة لترامب التي أسسها ماسك ومولها بما لا يقل عن 118 مليون دولار "ستستمر في العمل بعد الانتخابات، وستستعد لانتخابات التجديد النصفي 2026 وأي انتخابات وسيطة".
ولاحقا وفي منتجع "مار إيه لاغو" حيث كان ماسك يقضي وقته مع ترامب وعدد من المانحين الأغنياء، بدا فوز ترامب مضمونا وتوالت منشورات للرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" وشركة "سبيس إكس" وأصبحت نبرته حماسية أكثر.
نقطة تحول
كان وجود ماسك إلى جانب ترامب بمثابة نقطة تحول غير مسبوق حيث تعهد أغنى رجل في العالم بصياغة تحركاته في رؤية سياسية أكثر اكتمالا وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية..
وقالت الصحيفة إن ماسك تحول إلى قوة بارزة في الحركة السياسية المحافظة التي عادت إلى البيت الأبيض.
ومع توالي نتائج الانتخابات، أشار ماسك إلى حماسه للعمل مع ترامب في لجنة خفض الإنفاق الحكومي التي سبق وأعلن عنها الرئيس المنتخب في حملته.
في المقابل، أشاد ترامب بماسك وصواريخه وخدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية التي يقدمها، وقال في خطاب النصر "لدينا نجم جديد.. ولد نجم إيلون!"
وعادة ما يستخدم المانحون الأثرياء أموالهم لتشكيل المشهد السياسي، لكن ماسك يتمتع بقوة وجاذبية فريدة بحسب تعبير عدد من الاستراتيجيين الجمهوريين.
وبالإضافة إلى ثروته الهائلة التي تقدرها وكالة بلومبرغ بمبلغ صاف يزيد على 260 مليار دولار، يتمتع ماسك بمتابعة نشطة عبر الإنترنت تصل إلى مئات الملايين من المتابعين.
فضلا عن سيطرة على منصة رئيسية من منصات التواصل الاجتماعي وهي منصة إكس، كما أنه على استعداد لدفع الحدود السياسية والقانونية، الأمر الذي يسمح له بإعادة تعريف المفاهيم حول طريقة تعامله مع السياسة.
وعلى مدار عقدين كان ماسك شخصية رئيسية في عالم التكنولوجيا لكنه كان يتجنب السياسة بشكل عام.
وفي الماضي كانت ميول ماسك ديمقراطية حيث قال إنه صوت في 2016 لصالح هيلاري كلينتون، وفي 2020 لصالح جو بايدن، وفي مارس/آذار الماضي، كتب على منصته إكس يقول "لن أتبرع بالمال لأي من المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة".
من أجل «موجة حمراء»
لكن مواقف ماسك تغيرت هذا الربيع حيث انحاز إلى ترامب وشكل لجنة عمل سياسي أمريكية بطموحات كبيرة لإحداث "موجة حمراء" في الانتخابات.
واللجنة أطلقت حملة طرق أبواب ضخمة في الولايات المتأرجحة، وركزت على تشجيع الناس في المناطق الريفية على التسجيل للتصويت والوصول إلى صناديق الاقتراع مبكرًا، وهي الاستراتيجية التي أتت بثمارها لصالح ترامب.
وانخرط ماسك عن قرب في التفاصيل التكتيكية، وفي وقت ما انضم إلى مكالمات زووم الأسبوعية لتلقي تحديثات حول عدد الناخبين الجدد الذين وصلت إليهم لجنة العمل السياسي.
ومع ذلك لم يعلن ماسك دعمه الرسمي لترامب حتى 13 يوليو/تموز الماضي عندما تعرض الرئيس السابق لمحاولة الاغتيال الأولى في تجمع جماهيري في بتلر بولاية بنسلفانيا.
ومنذ ذلك الوقت، بذل ماسك قصارى جهده ليصبح أحد أبرز وكلاء ترامب واستضاف خلال الأسابيع الأخيرة الحملة اجتماعات عامة في ولايات متأرجحة ومنح الناخبين فيها شيكات بقيمة مليون دولار مقابل التوقيع على عريضة تؤيد التعديلين الأول والثاني للدستور.
كما استخدم ماسك حسابه على إكس لبث نظريات المؤامرة حول الجرائم التي ارتكبها المهاجرون غير النظاميين والمزاعم حول تزوير الانتخابات.
وكان انخراط ماسك مثيرًا للناخبين الذين صوتوا لترامب وللاستراتيجيين في لجنة العمل السياسي، وقال أحدهم لـ"بوليتيكو" بشرط عدم كشف هويته "لقد اعتدنا على أن يقدم المانحون المال ثم يواصلون طريقهم.. لكن ماسك مبتكر وشاب وعاطفي".
وماسك (53 عاما) والمولود في جنوب أفريقيا قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة عبر كندا، قال إنه يدعم ترامب لأنه المرشح الوحيد القادر على "الحفاظ على الديمقراطية في أمريكا".
وأضاف أنه يتقاسم معه وجهات النظر بشأن الجريمة والاقتصاد ووقف الهجرة غير النظامية، على الرغم من أن ماسك بدأ حياته المهنية أثناء عمله في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني.
ويشارك ماسك أيضًا قيمًا ثقافية رئيسية مع حركة ترامب المحافظة، فماسك الذي لديه 11 طفلا من 3 نساء يؤكد دوما على الضرورة الأخلاقية لتكوين أسرة، كما أصبح متعاطفًا بشكل متزايد مع وجهات النظر اليمينية مع تدهور علاقته بابنته المتحولة جنسيا.
وبفضل دوره البارز في فوز ترامب، فإنه الآن في موقف يسمح له بالمساعدة في الإدارة حيث ناقش الرجلان فكرة انضمام قطب التكنولوجيا إلى لجنة جديدة لخفض الإنفاق الفيدرالي بما يصل إلى 2 تريليون دولار.
وهذا المسعى قد ينطوي على خفض أعداد كبيرة من العمال الفيدراليين وهو ما يعكس استراتيجية ماسك في إدارة العديد من شركاته.
مليارات أخرى؟
من جهة أخرى، يقول خبراء الصناعة إن شركات ماسك في صناعات الفضاء والسيارات، وهي بالفعل من أكبر المقاولين الفيدراليين، تستعد لكسب مليارات أخرى خلال إدارة ترامب.
فمثلا تعتمد وكالة ناسا على شركة "سبيس إكس" فيما يتعلق بإطلاق الصواريخ، بما في ذلك لتزويد محطة الفضاء الدولية، كما يتوسع قسم أقمار الاتصالات "ستارلينك" التابع للشركة في عقود المراقبة.
وبالإضافة لذلك، تعمل شركة "تيسلا" على إطلاق مركبات أجرة ذاتية القيادة بدون عجلات قيادة أو دواسات، وهو هدف يتطلب موافقة فيدرالية.
وماسك معروف بغرس روح الإبداع الحر في شركاته والتي يمكن أن تكسر الحدود التقنية، لكنها تتجنب أيضًا القيود التنظيمية كما أن سمعته سيئة فيما يتعلق بوضع توقعات عالية جدًا للموظفين ثم التخلص من الأفراد أو الفرق بأكملها التي تخيب أمله.
وهذه السمات ظهرت بوضوح مع نشاط ماسك السياسي حيث تم فصل عدد من العاملين مع لجنة العمل السياسي فجأة، كما تلقت المجموعة تحذيرًا من وزارة العدل الشهر الماضي بأن تبرع ماسك اليومي بمليون دولار للناخبين قد ينتهك قوانين الانتخابات.
ورغم حماس بعض الاستراتيجيين الجمهوريين لدعم ماسك، شكك آخرون في التزامه طويل الأجل بالسياسة.
وقال بليك ماسترز، وهو مستثمر رأسمالي مغامر ومرشح سابق للحزب الجمهوري في الكونغرس إنه لا يتوقع أن يكون ماسك "لاعبًا مؤسسيًا يمكن التنبؤ به".