ترامب وبوتين و«الدبلوماسية الشاملة».. هل تتغير قواعد اللعبة؟

بعد أكثر من أسبوعين من قمة ألاسكا، يبدو موقف روسيا أكثر تشددا تجاه أوكرانيا، وهو ما يدفع البعض لانتقاد الرئيس الأمريكي.
فبدلا من الوصول إلى تسوية، تعقدت الأوضاع في أوكرانيا أكثر حتى إن بعض المنتقدين باتوا يرون أن قمة ألاسكا بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب كانت مضيعة للوقت.
وبحسب موقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي، ذهب البعض إلى أبعد من ذلك، وزعموا أن ترامب استسلم فعليًا لبوتين في الاجتماع، وقارنوا ذلك بمحاولة رئيس الوزراء البريطاني السابق نيفيل تشامبرلين استرضاء الزعيم النازي أدولف هتلر في ميونخ عام 1938.
تغيير قواعد اللعبة
لكن هذا التحليل سطحي، بحسب الموقع، الذي اعتبر أن دبلوماسية ترامب مع بوتين خطوة قد تُغير قواعد اللعبة، وقد تُحقق مكاسب استراتيجية كبيرة في المستقبل، حيث إن التركيز على النتائج الفورية يتجاهل منطق الرئيس الأمريكي وفوائده المحتملة لواشنطن والاستقرار الدولي.
بداية، يُساهم التحدث مع روسيا في تخفيف الخطر الرئيسي الذي تواجهه واشنطن، وهو احتمال نشوب حرب على جبهات متعددة تتجاوز قدرة واشنطن على الانتصار بسبب عدم استغلالها أو استغلال أوروبا السنوات الأربع الماضية لزيادة إنتاجهما الدفاعي وذلك على النقيض من روسيا والصين.
وتقدر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن تجديد الذخائر الرئيسية التي أُرسلت إلى أوكرانيا سيستغرق ما بين 3 و18 سنة، وبالتالي فإن أسرع طريقة لتعزيز الردع في شرق آسيا هي التخطيط لحلٍّ نهائي في أوروبا الشرقية.
من جهة أخرى، يجب النظر إلى قمة ألاسكا في سياق استراتيجية ترامب الشاملة، التي تُقيّد مجال المناورة الجيوسياسي لبوتين حيث استخدم الرئيس الأمريكي دبلوماسيته للحفاظ على إمدادات النفط العالمي وبالتالي خفض إيرادات روسيا.
كما أقنع الأوروبيين برفع الإنفاق الدفاعي إلى 5% إضافة إلى إقناع أرمينيا وأذربيجان بالتوصل لاتفاق سلام، مما أدى إلى تآكل نفوذ روسيا في منطقتها.
وفي الوقت نفسه، عمل ترامب على سد ثغرات سلفه جو بايدن في العقوبات المصرفية المتعلقة بالطاقة، كما سعى إلى اشتراط خفض دعم بكين لروسيا كجزء من أي اتفاقية تجارية مستقبلية بين الولايات المتحدة والصين.
كل هذه الأمور تعني أن الولايات المتحدة تُشدد الخناق بيد، في حين تدفع روسيا نحو طاولة السلام باليد الأخرى، وهو ما يتناقض مع سياسة بايدن والرئيس الأسبق باراك أوباما في تقديم تنازلات صريحة لتسهيل التعامل مع بوتين.
نتائج أفضل
وبفضل نهج ترامب الأكثر واقعية فمن المرجح أن تكون نتائج قمة ألاسكا أفضل بكثير من نتائج اجتماع بايدن مع بوتين 2021 أو اجتماع أوباما مع بوتين 2009.
ووفق الموقع نفسه، فبالإضافة إلى ذلك، فإن دبلوماسية ترامب تجبر جميع الأطراف في أوكرانيا على إعادة النظر في أوراقها وفي مواقفها السابقة، فمثلا أجبر تهديده بفرض عقوبات، بوتين على التخلي عن أسلوبه المفضل في المماطلة.
كما أخرج نهج ترامب الأكثر صرامة أوكرانيا من أسلوبها المفضل الرافض للحوار مع افتراض وجود خط إمداد مفتوح من الغرب، وفي الوقت نفسه تخلى قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن فكرة أنه يتعين على واشنطن إنقاذهم من كل مأزق.
وعلى المدى القريب، لم يتضح بعد نتائج نهج ترامب على أوكرانيا، فعلى الأرجح سيواصل بوتين هجومه حتى حلول موسم الأمطار الخريفي في أوائل أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
لكن على المدى البعيد، يمكن أن تقدم الحرب الكورية لمحة عن الاتفاق المحتمل، حيث استغرق إنهاء الصراع عامين من المفاوضات دون التوصل إلى تسوية نهائية.
وقد يتضمن الاتفاق النهائي بشأن أوكرانيا هدنة بدلًا من وقف إطلاق النار، مصحوبًا بتبادل للأسرى وممرات إنسانية وتقسيم فعلي لا تعترف به جميع الأطراف.
وأيا كانت النتائج، فإن نهج ترامب أفضل من سابقه حيث إن انخراطه في دبلوماسية استراتيجية، ليس فقط مع بوتين، بل أيضًا مع لاعبين آخرين، أدى إلى تغيير الديناميكية.
وخلص الموقع إلى أن هذا سيصب في مصلحة واشنطن بغض النظر عن شكل السلام في النهاية، إن تحقق أصلًا.