"تروث سوشال".. صاروخ ترامب يقسم الولايات المتحدة لـ"أمريكتين"
فتح إطلاق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب شبكة خاصة للتواصل الاجتماعي الباب أمام مخاوف من انقسام الولايات المتحدة لـ"أمريكتين".
وبات واضحا أن إنشاء ترامب لشبكة تروث سوشال يشير بوضوح إلى أن الرئيس الجمهوري السابق يستعد للترشح مجددا.
ويرجح أن تحتل الفكرة التي لا أساس لها بأن الديمقراطيين سرقوا الرئاسة من الجمهوري في 2020 الحيز الأكبر على المنصة الجديدة.
وستجذب الشبكة بالتأكيد عددا من المحافظين المقتنعين بفرضيات حدوث تزوير انتخابي هائل أدى إلى الهجوم على مبنى الكابيتول في السادس من يناير/كانون الثاني.
ويعول الرئيس السابق على هذه القاعدة للمتعاطفين معه التي تشكل الآن أغلبية داخل الحزب الجمهوري، لبدء حملة جديدة محتملة لانتخابات 2024 بهدف العودة إلى البيت الأبيض.
وتحدث ترامب حتى الآن عن نياته لكنه لم يؤكدها.
وحظرت شبكات التواصل الاجتماعي الكبرى "ترامب" بعد 6 يناير/كانون الثاني.
وسيطلق منصته الجديدة مطلع 2022 في عالم افتراضي منقسم أيضا سواء تعلق الأمر بشبكات التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام التقليدية.
وحين كان من الممكن أن يتفق الأمريكيين على مجموعة مشتركة من الحقائق والقيم، أصبح هناك معسكران لا يمكن التوفيق بينهما، يراقبان بتحفز بعضهما بعضا وكل منهما مسلح بنسخته الخاصة من الواقع ومضخّمة من قبل وسيلة الإعلام التي يفضلها.
إغضاب اليسار
وبين القنوات الإخبارية التقدمية مثل "ام اس ان بي سي" أو المحافظة مثل "فوكس نيوز"، يعرض ترامب بشكلين: فهو إما الحصن المنيع الأخير ضد الموجة الثقافية التي يقودها اليسار واستيلاء الشيوعيين على السلطة، أو أكبر تهديد للديمقراطية الأمريكية منذ الحرب الأهلية في القرن التاسع عشر.
ونادرا ما يواجه مؤيدو كل من هاتين الفقاعتين المتنافستين معلومات تتعارض مع مواقفهم منذ الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
وسارت التغطية الإعلامية للاحتجاجات في كل أنحاء الولايات المتحدة بعد مقتل الأمريكي من أصل إفريقي جورج فلويد على يد شرطي، على الخط نفسه، مع صور احتجاجات تطالب بالعدالة العرقية في اليسار، وصور تنقل ما هو أقرب إلى أعمال شغب عنيفة في اليمين.
والانقسام إرث اتسم به عهد ترامب. فقد صوّت أكثر من 81 مليون شخص لجو بايدن في 2020 وهو رقم قياسي، لكن 74 مليونا صوتوا لصالح ترامب وهو ثاني أكبر رقم يسجل لصالح مرشح.
في اليمين، تبنت شخصيات مثل نجل الرئيس السابق دونالد ترامب الابن، استراتيجية تسمى "التحكم بالليبراليين"، بعبارة أخرى "إغضاب مؤيدي اليسار"، أي استفزاز اليسار وإثارة السخط في صفوفه عبر الإصرار على أكثر المواضيع إثارة للانقسام.
أمريكيتان
في دوائر اليسار الأكثر تشددا، تُعزى كل نقطة خلاف حول قضية الأقليات العرقية أو الجنسية إلى التعصب الفطري للمحافظين.
ولفوكس نيوز جمهور وفي، لكن العديد من مؤيدي دونالد ترامب انتقلوا منذ الانتخابات إلى متابعة قنوات أخرى أكثر يمينية وأكثر تمسكا بنظرية المؤامرة مثل "نيوزماكس" و"وان أمريكا نيوز".
وتجذب برامج "نيوزماكس" في ساعات الذروة أكثر من مليون مشاهد.
والاستقطاب في وسائل الإعلام يعكس تشققات أوسع بين الولايات الساحلية الأميركية وولايات الداخل المحافظة التي تعتبر الأولى نخبة منفصلة عن الواقع.
وشهد تطبيق الشبكة الاجتماعية "بارلر" الذي يستضيف محافظين محظورين على تويتر وفيسبوك انتعاشا بعد انتخابات 2020 إذ بلغ عدد مستخدميه نحو تسعة ملايين شخص.
وتتغذى رسائل هؤلاء من "الحروب الثقافية" للولايات المتحدة اليوم من إزالة التماثيل التاريخية إلى ركوع الرياضيين المحترفين أثناء النشيد الوطني للتنديد بالتمييز ضد الأمريكيين من أصحاب البشرة السمراء وتعليم تاريخ عدم المساواة العرقية في المدارس.
وكتب براين ستيلتر المحلل الإعلامي لشبكة "سي إن إن" بعد الانتخابات "عندما أتنقل بين القنوات ليلا أرى أميركتين موجودتين متوازيتين حاليا".
aXA6IDMuMTM3LjIxOS42OCA= جزيرة ام اند امز