أوروبا تترقب "اتفاقا سياسيا" مع تونس لوقف "رحلات الموت"
تترقب أوروبا في الأيام القليلة المقبلة توقيع اتفاق جديد مع تونس حول الهجرة غير النظامية.
والخميس، درس قادة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، إنجاز اتفاق مع تونس يهدف بشكل رئيسي إلى مكافحة الهجرة وضبط شبكات المهربين.
وكانت المفوضية الأوروبية تأمل أن تنجز قبل موعد القمة القارية، بروتوكول تعاون مع تونس من أجل "شراكة شاملة"من بينها ملف الهجرة.
لكن المباحثات الحساسة مع تونس طالت أكثر من المتوقع، ومن المقرر أن تستكمل، الإثنين المقبل، بعد عطلة الأضحى.
والشراكة التي تشمل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والتعاون في مجال الطاقة النظيفة، تترقب مساعدة مالية تتجاوز قيمتها مليار يورو.
وتوقع الجمعة، وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني، أن يتم توقيع اتفاق جديد مع تونس خلال الأيام القليلة المقبلة.
وتحدث لوسائل إعلام إيطالية عن احتمال المضي قدماً في الاتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي حول الهجرة غير النظامية بعد ثلاثة أيام من عيد الأضحى، مضيفاً: "لنترك العمل للمفاوضين".
واستدرك بالقول "المهم أن تجد تونس دعماً سياسياً من الاتحاد الأوروبي وأن يدرك الجميع مدى أهمية استقرار ذلك البلد لكامل منطقة شمال أفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط".
وجدد التأكيد أن “إيطاليا ملتزمة بقوة في هذا الاتجاه"، لافتاً إلى أن المسألة "لا تتعلق بالهجرة فحسب، وإنما هي أوسع بكثير".
ويشمل الاقتراح الأوروبي مساعدة مالية طويلة الأمد بقيمة 900 مليون يورو (982 مليون دولار) ومساعدة بقيمة 150 مليونا (163 مليون دولار) يتم صرفها "فوراً" في الميزانية، وحزمة بقيمة 105 ملايين لإدارة الهجرة في 2023.
ويعتزم الاتحاد الأوروبي منح تونس بحلول أواخر الصيف، قوارب ورادارات نقالة وكاميرات وعربات لمساعدتها في تعزيز ضبط حدودها البرية والبحرية، كما يلحظ اقتراحه تعزيز التعاون في مجالي الشرطة والقضاء لمكافحة شبكات المهربين، ويهدف إلى تسهيل إعادة التونسيين المقيمين بشكل غير قانوني في أوروبا إلى بلادهم.
ويتولى الاتحاد الأوروبي تمويل العودة "الطوعية" للمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء عبر تونس إلى بلادهم. ووفق المفوضية الأوروبية، مول التكتل 407 عمليات كهذه حتى الآن هذا العام.
حارس حدود
ويرى مراقبون للمشهد السياسي أن الأوروبيين يريدون من خلال هذا الاتفاق أن تصبح حارس حدود للجانب الأوروبي لمنع تدفق المهاجرين غير النظاميين لكن الرئيس التونسي قيس سعيد رفض ذلك.
وسبق أن قال الرئيس التونسي قيس سعيد، إن تونس لن تقبل أن تصبح حارس حدود لدول أخرى. وأكد أن الحل لن يكون على حساب تونس.. لا يمكن أن نقوم بالدور الذي يفصح عنه بعضهم ويخفيه البعض الآخر، لا يمكن أن نكون حرسا لدولهم".
والأربعاء، نفت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني مطالبتها الرئيس التونسي قيس سعيد بأن تلعب السلطات التونسية دور شرطي الحدود لمنع تدفقات المهاجرين غير النظاميين نحو سواحل أوروبا.
كما نفت في معرض ردها على تعليقات برلمانيين بالمعارضة في مجلس الشيوخ الإيطالي إغلاق تونس أبوابها في وجه إيطاليا، مؤكدة أن المفاوضات لا تزال جارية.
وأكدت ميلوني أن بلادها تحاول منع تخلف تونس عن سداد ديونها، وفق ما نقلته وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.
ومنذ أسبوع، عبرت جمعيات تونسية في بيان مشترك، عن رفض أي اتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي قوامه مقايضة وضع البلاد الاقتصادي والاجتماعي الصّعب بحزمة من المقترحات مقابل ترحيل اللّاجئين من جنوب الصّحراء بأوروبا لتوطينهم بـ”محتشدات” على أرض تونس وإرجاع التّونسيين الذين دخلوا أوروبا عن طريق الهجرة غير النّظامية.
من جهته، قال عبد المجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي إنه تم تكليف وزير الشؤون الخارجية والمفوض الأوروبي لدول الجوار، والتوسع بإعداد مذكرة تفاهم حول هذا الاتفاق يتم اعتمادها من قبل تونس والاتحاد الأوروبي والذي كان من المقرر أن يتم قبل نهاية شهر يونيو (حزيران) الجاري".
وأكد، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن قبول تونس أن تكون حارسا للحدود غير صحيح لأن الرئيس التونسي قيس سعيد أكد مرارا وتكرارا أن بلاده لن تقبل بذلك لأنه سيزيد من تعميق الأزمة ولا حلحلتها".
وأشار إلى أن العرض الأوروبي يمنح أرضية جيدة للنقاش حول رفع مستوى التعاون بين تونس ومنطقة الاتحاد الأوروبي، متوقعا أن الجانب التونسي سيوسع من دائرة التفاوض وأنه سيتناول نقاطا إضافية قادرة على إنعاش الاقتصاد التونسي خاصة وأن الرئيس التونسي قيس سعيد سبق وأن دعاهم إلى إسقاط الديون وتحويلها إلى استثمارات.
حيث دعا الرئيس التونسي قيس سعيّد، سابقا، الدول الغربية الدائنة إلى "إسقاط ديون بلاده وإعادة أموالها المنهوبة إذا كانت تريد الوقوف إلى جانبها".
وباتت تونس خلال السنوات الأخيرة قبلة آلاف المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء الذين يحاولون العبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط بأي ثمن.
وسبق أن أعلنت إيطاليا أنها استقبلت خلال العام الماضي 32 ألف مهاجر غير نظامي من السواحل التونسية، بينهم 18 ألف تونسي.
وتعاني تونس ديوناً تبلغ حوالي 80% من إجمالي ناتجها المحلي ولم تعد قادرة على الاقتراض من الخارج مما يؤدي إلى نقص متكرر في بعض المنتجات الأساسية مثل الدقيق والسكر والأرز، التي تشتريها الدولة وتستوردها.