العكرمي بقبضة الأمن التونسي.. بداية محاسبة "غطاء الإخوان"
كتم على أنفاس التونسيين طيلة عقد من الزمن، وكان أداة الإخوان الإرهابية داخل جهاز القضاء؛ فكان يتستر على ملفات الجماعة ومخالفاتها.
وفي هذه المحاباة، لم يراع القاضي المعزول البشير العكرمي، القسم الذي أداه عندما أصبح قاضيا، فكانت النهاية من جنس العمل، وجرى توقيفه مساء أمسِ الأحد، بعد مداهمة منزله.
وسبق أن كشفت هيئة الدفاع عن السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي (وهما معارضان يساريان جرى اغتيالهما عام 2013)، عن أن هناك تتبعا مثارا ضد البشير العكرمي من قبل القضاء العسكري، يتعلق بجرائم الخيانة والتجسّس والمساهمة في وقف وتعطيل جميع أعمال التنصت التي كانت ستكشف تورطه في جرائم الاغتيالات.
وأضافت هيئة الدفاع أن هناك قضية أمام القطب القضائي المالي والاقتصادي حول علاقة العكرمي بالجهاز السري المالي لرئيس حركة النهضة الإخوانية، راشد الغنوشي.
ومضت قائلة إن "العكرمي وضع نفسه على ذمة دول أجنبية وتخابر معها وتلقى أموالا"، حسب قولها.
من العزل للاعتقال
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قرر في يونيو/حزيران الماضي، عزل 57 قاضيا من بينهم رئيس المجلس الأعلى للقضاء المنحل، والبشير العكرمي، وذلك على خلفية اتهامات بالفساد والتستر على متهمين في قضايا إرهاب.
والعكرمي، يوصف على نطاق واسع بأنه "رجل النهضة وأداتها لتطويع الجهاز القضائي لخدمة مصالحها".
وشغل العكرمي، منصب قاضي التحقيق المكلف في جريمة اغتيال السياسيين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي منذ 2013، قبل أن يتولى بداية من 2016 منصب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية (المدعي العام).
وكانت إقالة العكرمي من منصبه وفق المرسوم الرئاسي في يونيو الماضي، بداية رفع الغطاء الذي حال دون فتح ملف تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، والتستر على جرائم إرهابية وتعطيل التحقيق في آلاف الملفات المتعلقة بالإرهاب.
الإقالة تتبعها اعتقال أمس الأحد، ما أثار ترحيبا كبيرا من قبل التونسيين، الذين اعتبروا الخطوة "بداية المحاسبة".
فيما أكدت مصادر أمنية مطلعة لـ"العين الإخبارية"، أنه "عند تفتيش منزل العكرمي، تمت مصادرة 1200 محضر بحث و4800 شكاية ووثائق تخص قضايا القياديين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، سيتم التدقيق فيها جميعا".
وتابعت أنه "تمت مصادرة هاتفه الجوال"، مضيفة "بالنسبة لحاسوبه الشخصي، فقد تم إيجاد توثيق لقضايا إرهابية".
بداية المحاسبة
بدوره، اعتبر حزب الوطنيين الديمقراطيين (حزب شكري بلعيد)، اليوم الإثنين، أن توقيف البشير العكرمي بداية لمحاسبة لكلّ المتلاعبين باستقلالية القضاء وملفّات الاغتيالات السياسية وملفات التسفير والإرهاب الذي طال الأمنيون والعسكريون والمدنيون.
ودع الحزب، القضاء التونسي لملاحقة كلّ المتورطين في جرائم الاغتيالات السياسيّة والأطراف المتستّرة عليها من أجل تكريس الاستقلالية الحقيقيّة للقضاء وإنقاذ المسار الثوريّ الذي قتل من أجله شكري بلعيد ومحمد البراهمي.”
وثمن الحزب “عاليا المجهودات الجبّارة لهيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي وتصديها لكلّ محاولات قضاء التحالف الطبقيّ الحاكم بقيادة حركة النهضة تفكيك ملف الاغتيالات السياسية وطمس الحقيقة طيلة عشريّة كاملة”.
كما ثمن نجاح هيئة الدفاع في كشف الأطراف المتورّطة في التلاعب بالقضيّة.
خطوة أولى
أما المحامي الفرنسي عن ضحايا ''هجوم باردو"(عام 2015)، فيليب دي فيل، فقال إن توقيف العكرمي انتصار كبير للأطراف المدنية التي تمثّل عائلات الضحايا في هذا الهجوم.
وشدّد المتحدّث في تصريح إعلامي على أنّ هذا الاعتقال هو خطوة أولى ويجب انتظار الحكم القضائي، وإعادة مراجعة حكم "هجوم باردو"، حسب قوله.
وقال: "في ظلّ الوضع السياسي، وبدعم من النهضة، بشير العكرمي كان محصّنا ولم يكن من الممكن المساس به".
وأضاف: "أحيي العمل الشجاع الذي يقوم به الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي بادر بسياسة الشفافية".
وختم: "مرّت 8 سنوات.. لن أستسلم، حتّى لو تعرضت للتهديد والمجازفة في هذه القضية"
وهجوم متحف باردو هو احتجاز رهائن بخلفية إرهابية وقع في 18 مارس/آذار 2015 في باردو قرب مدينة تونس العاصمة، ما خلف 22 قتيلا إضافة و45 جريح، بعد أن تم احتجاز حوالي 200 سائح.
aXA6IDMuMTMzLjEyNC4xNjEg
جزيرة ام اند امز