"العين الإخبارية" تفك لغز ليلة الاعتقال.. أسرار خطيرة على مكتب الغنوشي
لم تكن ليلة عادية تلك التي اعتقل فيها زعيم إخوان تونس، فما صادره الأمن بمكتبه في منزله كان أكبر من القضية المعنية بمذكرة الاعتقال.
في تلك الليلة التي صادفت الـ17 من أبريل/نيسان الماضي، داهم الأمن التونسي منزل راشد الغنوشي وفتشه، وحينها كان الأمر يتعلق بقضية يواجه فيها اتهامات بالتحريض والدعوة للفوضى والفتنة.
لكن ما وجده الأمنيون في مكتبه تجاوز القضية المعنية، حيث تم العثور على وثائق خطيرة جدا تمس الأمن القومي لتونس، في كشف لم يشكل مفاجأة بالنسبة لرجل جمع ثروة ضخمة من المتاجرة بأمن التونسيين.
وبعد 82 يوما قضاها الغنوشي موقوفا في السجن، بدأت أوراق قضية التآمر على أمن الدولة التي يقودها تتوضح وتنكشف.
ويُحاكم الغنوشي طبقاً لأحكام الفصل 72 من المجلة الجزائية التي تنص على أنه "يعاقب بالإعدام مرتكب الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي".
وأمس الخميس، احتفل الغنوشي بعيد ميلاده الـ82 وهو قابع بين جدران سجن بضواحي العاصمة يعاقب على جرائم متعددة تشمل الإرهاب والتآمر على أمن الدولة والجهاز السري للإخوان.
مخطط فوضى
بعد نحو 3 أشهر على اعتقاله، تفك "العين الإخبارية" شفرة ليلة القبض على الغنوشي، وتكشف ما صادره الأمن من مكتبه.
مصادر أمنية مطلعة قالت إنه بتفتيش منزل الغنوشي تم العثور على مضبوطات في غاية من الخطورة، موضحة أنه تم العثور فوق مكتبه على مخطط مكتوب بخط اليد، هدفه ضرب السلم الأهلية وزعزعة أمن واستقرار البلاد.
وأشارت ذات المصادر إلى أن مخططا كامل الملامح تم العثور عليه يقوم على ضرورة تشكيل "لجان شعبية" في كل المدن والقرى من أبناء حركة النهضة غير المنتسبين والمنتمين هيكليا للحزب.
وتابعت المصادر نفسها أن "هذا المخطط ينص على ضرورة أن تستهدف هذه "اللجان الشعبية" التي سيتم تشكيلها فئات معينة في المجتمع التونسي لتحريضها على الدولة وعلى الرئيس قيس سعيد تحديدا".
ولفتت إلى أن "هذا المخطط يتحدث أيضا عن رصد مبالغ مالية محددة لتلك الأعمال".
كما تم العثور أيضا على قائمة تضم أسماء قيادات أمنية وعسكرية سابقة من أجل إعادة اختراق الأمن والجيش التونسيين.
و"اللجان الشعبية" مصطلح تطلقه حركة النهضة على مليشيات تشكلها من اللصوص وأصحاب السوابق ومن تسول له نفسه القيام بأي جريمة مقابل المال، وتوظفها لاستهداف أشخاص أو أحزاب منافسة، تماما كما فعلت في 2011 تحت مسمى "لجان ورابطات حماية الثورة".
وقبل يومين من اعتقاله، قال الغنوشي في خطاب أمام أنصاره إن "إبعاد حزب النهضة من السلطة هو تمهيد للحرب الأهلية في تونس وبداية لانطلاقة الفوضى في البلاد".
وأضاف أن "تونس بدون النهضة والإسلام السياسي مشروع حرب أهلية".
وجاءت تهديدات الغنوشي خلال اجتماع حزبي، وفي سياق يواجه فيه تتبعات قضائية لتورطه في مجموعة قضايا منها اغتيال كل من القيادي اليساري شكري بلعيد في 6 فبراير/شباط 2013 والنائب محمد البراهمي في يوليو/تموز من العام ذاته.
وإثر اعتقال الغنوشي أغلقت قوات الأمن مقار النهضة الإخوانية بعد تفتيشها، كما تقرر حظر الاجتماعات بمقار الحركة في جميع أنحاء البلاد.
كما تقرر حظر الاجتماعات بمقرات جبهة الخلاص الموالية للإخوان.
نهاية في السجن
في تعقيب على الموضوع، يرى المحلل السياسي التونسي حسن التميمي أن الغنوشي لم يستوعب فكرة خروجه من الحكم التي جاهد من أجلها لمدة عقود طويلة.
ويقول التميمي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الغنوشي لم يكن يريد إنهاء حياته وهو قابع في زنازين السجون، لذلك حاول وضع مخططات للانقلاب على حكم قيس سعيد أملا بالعودة للسلطة والنفوذ.
وأكد أن الغنوشي منذ بداية مسيرته السياسية في 1969 تعرض للاعتقال في الثمانينيات، وحكم عليه بالإعدام مرتين في التسعينيات، مما أجبره على البقاء في المنفى بلندن لمدة 21 عاما.
وتابع أنه عندما عاد لبلاده بدأ في مخططاته الإرهابية وتحويل تونس من دولة تعيش السلم الأهلي والرخاء الاقتصادي والانفتاح الفكري إلى دولة مفلسة ومتقهقرة ومصدرة للإرهاب.
وبحسب الخبير، فإن الغنوشي تآمر على أمن الدولة منذ وصوله إلى مطار تونس قرطاج في 2011 عندما عاد منتقما لينفث سمومه على أهلها، لكن نهاية كل مجرم تكون السجن، قائلا "كل مخاوف الغنوشي تحققت حيث انتهى به الحال في السجن وعائلته مشردة في المنافي".
aXA6IDEzLjU5LjExMi4xNjkg جزيرة ام اند امز