بعد محاسبة المنفذين.. دماء البراهمي تلاحق إخوان تونس

مسؤولية اغتيال النائب التونسي محمد البراهمي لا يتحملها المنفذون فحسب، وإنما تطارد دماؤه أيضا «كل من تورط تدبيرا وتحريضا وتمويلا».
هذا ما يجمع عليه مراقبون للشأن التونسي ممن يرون أن إصدار أحكام قضائية بحق مجموعة التنفيذ في اغتيال البراهمي يعد خطوة إيجابية لكن غير كافية.
وبعد مرور 12 عاما على اغتيال البراهمي، أصدرت محكمة تونسية، مساء أمس الثلاثاء، حكما بإعدام 8 أشخاص، كما قضت بسجن متهم تاسع لمدة 5 سنوات.
وهذه الأحكام هي الأولى في قضية البراهمي الذي اغتيل أمام منزله في 25 يوليو/تموز 2013، وتم تأجيل قضيته عدة مرات كان آخرها 18 فبراير/شباط الجاري.
- بعد 12 عاما من اغتياله.. الإعدام لقتلة البراهمي في تونس
- قطار المحاسبة يدك أوهام الإخوان.. تونس تؤيد سجن الغنوشي
ومع أن الأحكام الصادرة بحق المنفذين تعتبر خطوة إيجابية في مسار المحاسبة، إلا أن محاسبة قيادات حركة النهضة الإخوانية تظل ضرورة، وفق خبراء، إما كمحرضين أو ممولين أو حتى كغطاء سياسي باعتبارهم كانوا في السلطة زمن الاغتيال.
الإخوان.. حلقة مهمة
واعتبر زهير حمدي الأمين العام لحزب «التيار الشعبي» في تونس أن الأحكام الصادرة بحق مجموعة التنفيذ تعتبر خطوة ايجابية في مسار كشف الحقيقة.
وقال حمدي، في تصريح لـ«العين الإخبارية»، إنه «تمت محاكمة الجهاز التنفيذي والمتكون أغلبه من عناصر مرتبطة بتنظيم أنصار الشريعة (المحظور) مع حلقة الوصل القيادي بحركة النهضة مصطفى خذر (فر خارج البلاد منذ سنة 2021)».
وأشار إلى أن «حزب التيار الشعبي (الذي ينتمي له البراهمي) وهيئة الدفاع سيستمران في متابعة مسار كشف الحقيقة من خلال مواصلة محاكمة القيادات الأمنية التي تمثل جزءا من ملف محمد البراهمي والتي مازالت في طور التحقيق».
كما لفت إلى أن ما تقدم سيجري أيضا «من خلال وجود ملف تحقيقي آخر يثبت إشراف قيادات من حركة النهضة على إدارة عملية اغتيال البراهمي مع ضمان وتأمين فرار المنفذين».
وبحسب حمدي، فإن «عملية اغتيال البراهمي هي جريمة دولة ارتكبت بعناصر من أجهزة الدولة بإشراف طرف سياسي (النهضة) مستهدفة طرفا سياسيا آخر باستعمال وسائل الدولة».
وأعرب عن إصراره على «ملاحقة كل من تورط في دم محمد البراهمي تنفيذا وتدبيرا وتحريضا وتمويلا لكشف الحقيقة وعدم الإفلات من العقاب».
«الحقيقة الكاملة»
من جهته، قال المحلل السياسي التونسي حسن التميمي إن «هذا التقدم مهم جدا في المسار القضائي لملف الاغتيالات السياسية ،بعد كافة الضغوطات التي مارستها سابقا حركة النهضة الإخوانية وحلفاؤها من أجل عدم المحاسبة والإفلات من العقاب».
ودعا التميمي، في تصريح لـ«العين الإخبارية»، إلى «ضرورة كشف الحقيقة كاملة في اغتيال البراهمي ومحاسبة ومعاقبة كل من تورطوا فيها سواء بالتحريض أو التخطيط أو التمويل أو التنفيذ».
وأشار إلى أن «التحقيقات أثبتت وجود علاقة بين قيادات ومنتمين لتنظيم أنصار الشريعة، وقيادات أمنية وأشخاص من الجهاز السري التابع لحركة النهضة».
وختم بالقول إن «هؤلاء المتهمين الذين صدرت بحقهم الأحكام ترعرعوا في حضن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي»، مشيرا إلى أن «مصطفى خذر كان همزة الوصل مع الجهاز السرّي» للإخوان.
القضية
في 25 يوليو/ تموز 2013، استُهدف البراهمي، المنسق العام لحزب التيار الشعبي، بـ14 طلقة نارية أمام منزله بضواحي العاصمة، 6 منها اخترقت الجانب العلوي من جسده، و8 طلقات رجله اليسرى، في حادثة مروعة جرت على مرأى ومسمع من زوجته وأبنائه.
وكان مطلقا النار يستقلان دراجة نارية واستعملا مسدسًا من عيار 9 ملم، وقد كشفت التحقيقات إثر ذلك أنهما إرهابيان من تنظيم يسمى "أنصار الشريعة" المحظور.
وسبق أن وجهت هيئة الدفاع عن البراهمي الاتهام إلى "الجهاز السري" للإخوان، وعلى رأسه راشد الغنوشي زعيم إخوان تونس، معتبرة أن الأخير، إلى جانب وزير الداخلية ورئيس الحكومة الإخواني الأسبق علي العريض، هما من أصدرا الأمر بتنفيذ عملية الاغتيال.
aXA6IDMuMTM4LjE5Mi45NiA= جزيرة ام اند امز