ذكرى اغتيال "البراهمي".. "العين الإخبارية" تتعقب خيوط إرهاب إخوان تونس
في مثل هذا اليوم، اخترقت 14 رصاصة جسده وأردته قتيلا أمام زوجته وأبنائه ليغادر الحياة مخلفا وراءه لغزا تتقاطع متاهاته عند متهم واحد.
محمد البراهمي، البرلماني والقيادي القومي بحزب "التيار الشعبي" في تونس، لا تزال مشاهد اغتياله عالقة بالذاكرة الجماعية للتونسيين لتوثق لأسوأ عشرية شهدوها منذ الاستقلال.
وحتى قبل صدور نتائج بعض التحقيقات، توجهت أصابع الاتهام للإخوان، التنظيم الذي جاهر القيادي بمعارضته الشرسة له، فكان عقابه 14 رصاصة قاتلة في عيد الجمهورية الموافق لـ25 يوليو/تموز 2013.
في ذلك اليوم، استهدف البراهمي بـ14 طلقة نارية أمام منزله في ضواحي العاصمة، ست منها اخترقت الجانب العلوي من جسده، في حين توجهت ثماني طلقات إلى رجله اليسرى، في حادثة مروعة جرت على مرأى ومسمع من زوجته وأبنائه الخمس.
مطلقا النار كانا يمتطيان دراجة نارية واستعملا مسدسًا من عيار 9 ملم، وقد كشفت التحقيقات إثر ذلك أنهما إرهابيان من تنظيم يسمى "أنصار الشريعة" المحظور، بوبكر الحكيم ولطفي الزين.
كما تواجه حركة النهضة الإخوانية اتهامات بالوقوف وراء عملية تصفية المعارض.
10 سنوات
اليوم، تمر عشر سنوات على اغتيال البراهمي، ولم تكشف كل الحقائق عن هذه الجريمة التي لطالما تستر عنها إخوان تونس، حيث وجهت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي (تضم مجموعة محامين) الاتهام للجهاز السري للتنظيم بالوقوف وراء عمليات التصفية الجسدية للمعارضين.
مباركة البراهمي، أرملة محمد البراهمي، تؤكد أن حركة النهضة تتحمل مسؤولية اغتيال زوجها، قائلة إنه "مات في حادثة اغتيال، وثبت أن أجهزة الدولة متورطة من خلال إخفاء الوثيقة الاستخباراتية الأجنبية التي وصلت لوزارة الداخلية".
وتتضمن الوثيقة تحذيراً من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بإمكانية استهداف المعارض محمد البراهمي، وهي صادرة بتاريخ 15 يوليو/تموز من العام نفسه، أي قبل 10 أيام فقط قبل اغتيال الأخير رمياً بالرصاص أمام بيته، وفق مباركة البراهمي.
وكان وزير الداخلية التونسي الأسبق، لطفي بن جدو، قد اعترف بأن الوزارة كانت على علم مسبق بعملية اغتيال البراهمي، وذلك من خلال امتلاكها وثيقة وردت إليها من وكالة استخباراتية أجنبية قبل الحادثة بـ11 يوماً.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية"، تضيف البراهمي أن "حركة النهضة مسؤولة عن اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي ولطفي نقض (قيادي بحزب نداء تونس)، ومسؤولة عن تركيز الإرهابيين في الجبال وعن الغرفة السوداء بوزارة الداخلية".
وتابعت: "النهضة تسترت على وثيقة كان بإمكانها أن تنقذ حياة البراهمي"، مستدركة: "لكن بعد عشر سنوات من اغتيال البراهمي نجد اليوم القيادات العليا لتنظيم الإخوان في السجن، ما يعني تحرر القضاء في علاقة بالإرهاب."
وأشارت إلى أنه خلال العشرية الماضية، تم تفكيك ملفات وسرقة وثائق من ملفات الاغتيالات حسب تقارير لهيئة الدفاع، موضحة أن 'النهضة عطلت مسار البحث".
وأعربت عن "أملها الكبير في القضاء حتى وإن خاب في وقت ما، ولنا أمل في قضاة تونس الشرفاء ليتقدم هذا الملف".
وشددت على أن "كشف الحقيقة أولوية أولويات الحزب ومعه كل أحرار تونس رغم كل محاولات المجرمين لطمس الحقيقة نتيجة تواطؤ الكثيرين".
وبالنسبة لها، فإن "الدماء الطاهرة للشهيد محمد البراهمي ورفيقه شكري بلعيد وكل شهداء تونس من أمنيين وعسكريين ومدنيين، أمانة".
نحو "تحولات كبرى"
بحسب أرملة البراهمي، فإن "المرحلة القادمة هي مرحلة التحولات الكبرى التي سيكون فيها المستقبل لمن يملك القوة المتكاملة المادية والمعنوية".
واعتبرت أن ما تقدم "يحتم تحديد استراتيجية وطنية لبناء هذه القوة المتكاملة التي تهدف إلى كسب المستقبل والتأثير في مجريات الأحداث وتشكل حلما مشتركا للتونسيين جميعا تعطيهم الأمل والدافع للعمل".
وأوضحت أنه منذ 25 يوليو/تموز 2013 وهي تلاحق المجرمين في أروقة المحاكم، "حيث كان الجناة محميين في تلك الفترة من أجهزة الدولة".
وأمس الإثنين، أصدر القضاء التونسي مذكرة إيداع بالسجن بحق أحد قادة الإخوان، القاضي المعزول بشير العكرمي، بتهمة التجاوزات التي ارتكبها في ملف اغتيال شكري بلعيد، ممثلة في تستره على الأدلة والبراهين التي تدين الإخوان، مستغلا منصبه كقاضٍ للتحقيق في القضية.
ومباركة البراهمي كانت عضوا في البرلمان التونسي عن ائتلاف الجبهة الشعبية اليساري من 2014 إلى 2019، وقد أحبطت وحدات مكافحة الإرهاب بتونس في 2020 مخططا لمحاولة اغتيالها.