إعلان الجمهورية واقتلاع الإخوان في 25 يوليو.. "العيد عيدين" بتونس
في مثل هذا اليوم، كان التونسيون يحتفلون بعيد جمهوريتهم الخضراء، لكن الفرحة باتت عيدين منذ عامين.
ففي الـ25 من يوليو، تحتفل تونس بعيد الجمهورية التي تأسست في نفس اليوم عام 1957, في مناسبة تعد تاريخا مفصليا في مسار هذا البلد حين تخلص من الحكم الملكي ومن حكم البايات، وأسس جمهوريته الأولى بقيادة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
وفي هذا اليوم من عام 2021، كان التونسيون على موعد مع إعلان الرئيس قيس سعيد سلسلة إجراءات استثنائية في مسعى لإنقاذ البلاد من تغول جماعة الإخوان الممثلة بحركة النهضة.
وفي هذا اليوم أيضا، من عام 2022، كتبت تونس محطة جديدة بمسارها الحديث، ولفظت بـ"نعم" للدستور الجديد، الإخوان، لتضع حدا لعقود من الانهيار والمحاصصات والتجاذبات والإرهاب والاغتيالات.
تاريخٌ ظل ملازما للتونسيين في ذاكرتهم، حيث بقي يرمز للحرية والانعتاق، وكان موعدا جللا تخلصت خلاله البلاد من عشر سنوات من حكم الإخوان.
وفيه أيضا أُعلن عن تأسيس الجمهورية الجديدة استنادا لدستور جديد.
واليوم، يتذكر التونسيون كيف أنقذ الرئيس قيس سعيّد البلاد من براثن الفساد والإرهاب استجابة لصرخة الشعب الذي سئم من الإخوان ومن فترة حكمهم.
ففي مساء 25 يوليو/تموز 2021، قرر سعيد تجميد عمل البرلمان وتجريد أعضائه من الحصانة، وإعفاء رئيس الحكومة، مستخدما في ذلك إجراءات قانونية، وما يسمح به الفصل 80 من الدستور، وسط دعم شعبي كبير.
الشعب ينتفض ضد الإخوان
وجاءت هذه القرارات إثر احتجاجات عارمة وصلت لجميع المحافظات التونسية، تم خلالها حرق مقار حركة النهضة الإخوانية.
وطالب المتظاهرون خلال تلك الاحتجاجات، بوضع حد لجماعة الإخوان التي عاثت فسادا في البلاد.
كما جاءت القرارات التاريخية بعد حوالي عامين من وصول الرئيس قيس سعيد للحكم، حيث وجّه عدة رسائل لكافة الأطراف السياسية وتحذيرات لحزب النهضة والكتل البرلمانية الموالية لها والتي اتهمها بمحاولة تفجير الدولة من الداخل ونهب المال العام والعمل على تقسيم التونسيين وإفقارهم.
أستاذ القانون يلقن الإخوان درسا
ووصل سعيّد أستاذ القانون الدستوري المستقل، إلى الحكم في 2019 بعد فوزه في انتخابات رئاسية مبكرة بنسبة 72,71 %، ليصبح ثاني رئيس لتونس يُنتخب بالاقتراع المباشر منذ الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي في 2011.
وبعد مرور سنتين على الإطاحة بحكم الإخوان، استطاعت تونس الفوز برهانات عدة،أهمها ملف المحاسبة.
إبراهيم بو دربالة رئيس البرلمان التونسي، اعتبر أن الاحتفال بذكرى عيد الجمهورية، يعد مناسبة هامة في تاريخ البلاد.
وقال، إن "تاريخ 25 يوليو يعتبر التاريخ الرمز الذي شهدت فيه تونس أحداثا وتطوّرات مختلفة على مرّ الزمن، واقترن كذلك بإعلان الرئيس قيس سعيّد يوم 25 يوليو 2021، جملة من القرارات والتدابير الاستثنائية لإنقاذ الدولة من الانهيار".
"كما أنقذ البلاد من أزمة سياسية حادة بين مكوّنات منظومة الحكم، في ظل التأزم غير المسبوق للأوضاع"، يضيف بو دربالة.
وأكد أن عيد الجمهورية يعد فرصة لتأكيد الوحدة الوطنية والحفاظ على التماسك الذي "يظلّ السبيل الأوحد للخروج من الظرف الاجتماعي والاقتصادي الصعب ومواجهة مختلف التحديات التي تعيشها البلاد".
من جهته، رأى الناشط السياسي حاتم اليحياوي، أن قيس سعيد نجح في ملف المحاسبة وأنهى منظومة 24 يوليو وقام ببناء جمهورية بمؤسسات جديدة ودستور جديد.
وقال اليحياوي في حديث مع "العين الاخبارية" ، إن الرئيس التونسي "وعد بإعادة السيادة للشعب، أي أن يتمكن الشعب من الحكم على أرضه عبر أجهزة الدولة، على عكس ما تم بعد 2011"، في إشارة منه لحكم الإخوان.
ولفت اليحياوي إلى أن رئيس البلاد "أنهى فترة الاستثناء ودخل في مرحلة البناء والتغيير".
أبرز الإجراءات
ومنذ إعلانه إجراءاته الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، اتخذ الرئيس قيس سعيد عدة إجراءات، وأصدر عددا من القوانين التي أدت إلى تغيير المشهد السياسي.
ففي سبتمبر/أيلول 2021، علّق العمل بدستور الإخوان الصادر عام 2014، من خلال إصدار مرسوم رئاسي منظم للسلطات، وهو المرسوم الذي حمل رقم 117.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، عين سعيد، نجلاء بودن رئيسة للحكومة الجديدة، كما شرع في محاسبة عدد من البرلمانيين والسياسيين المتورطين في قضايا الفساد المالي والإرهاب، ومنع رجال أعمال ورؤساء أحزاب ومنظمات وقضاة وإعلاميين ومحامين من السفر.
وفي منتصف يناير/كانون الثاني 2022، أطلق الرئيس سعيد، الاستشارة الوطنية الإلكترونية حول الدستور والنظام السياسي والاقتصادي.
وفي الشهر التالي مباشرة، قرر حل المجلس الأعلى للقضاء عبر مرسوم رئاسي، وأقرّ استبداله بمجلس قضائي مؤقت معين، وذلك لإبعاد قضاة الإخوان المتسترين على القضايا الخطيرة والمتورط فيها قيادات الجماعة، أبرزها الاغتيالات السياسية وقضايا التسفير إلى بؤر الإرهاب والتخابر على أمن الدولة.
وفي مارس/آذار 2022، قرر حل البرلمان بشكل نهائي، وذلك على خلفية عقد جلسة عامة لمجلس نواب الشعب برئاسة رئيسه آنذاك راشد الغنوشي، أقرت إبطال العمل بالتدابير الاستثنائية التي وضعها سعيد، قبل أن يقرر بعدها حل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وتعديل قانونها وتعويضها بـ 7 أعضاء معينين من قبل الرئيس.
وفي 25 يوليو/تموز 2022، تم تنظيم استفتاء على مسودة الدستور، ليتم اعتماده بأغلبية شعبية، ويترتب على ذلك صدور مرسوم في 15 سبتمبر/أيلول 2022، بتعديل القانون الانتخابي، من خلال فرض نظام الاقتراع على الأفراد بدل القوائم، مع خفض عدد مقاعد البرلمان إلى 161 نائباً.
وفي 17 ديسمبر/كانون الأول 2022، نظمت تونس الانتخابات التشريعية التي أسفرت عن برلمان خال من ممثلين لجماعة الإخوان.
ومنذ 11 فبراير/ شباط الماضي، نفذت السلطات التونسية حملة توقيفات شملت قادة حزبيين وقاضييْن ورجل أعمال ومحامين ونشطاء، بتهمة ”التآمر على أمن الدولة، والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار، والتخطيط للانقلاب عن الحكم".
وفي 13 مارس/آذار الماضي، فتح مجلس نواب الشعب أبوابه مجددا لاستقبال أعضائه المنتخبين حديثا في أول جلسة، دعا إليها الرئيس التونسي قيس سعيد وفق أمر رئاسي نشرته الجريدة الرسمية للدولة.
وفي 17 أبريل/نيسان 2023،ألقت السلطات التونسية القبض على زعيم إخوان تونس، راشد الغنوشي، بتهمة التآمر على أمن الدولة.
عيد الجمهورية في تونس
تحيي تونس اليوم الثلاثاء، الموافق 25 يوليو، الذكرى الـ 66 لعيد الجمهورية.
وتم إعلان الجمهورية في تونس يوم 25 يوليو 1957، وذلك بعد عام ونصف من الاستقلال وإقرار المجلس القومي التأسيسي بالإجماع إلغاء الملكية.
ورغم أن المجلس التأسيسي كان رسميا منكبا على إعداد دستور في إطار الملكية الدستورية إلا أن هناك مؤشرات بدأت بالظهور منذ الاستقلال حول إمكانية تغيير نظام الحكم.
aXA6IDMuMTMzLjEwOC40NyA= جزيرة ام اند امز