ذكرى اغتيال البراهمي الـ10.. تونس تبتر ذراع الإخوان وترفع شعار الحساب
مع إسدال تونس الستار على صفحة الإخوان بقرارات استثنائية تعيش حاليًا ذكراها الثانية، لم تغفل العشرية "السوداء"، التي جثم خلالها التنظيم وأذرعه السياسية على البلد الأفريقي، فأصابه بحُمى مزمنة قوضت اقتصاده، واستنزفت موارده.
عشرية جعلت من تونس التي توصف بـ"الجنة الخضراء"، رمزًا لإرهاب خارجي صدرته حركة النهضة الذراع السياسية للإخوان إلى سوريا والعراق، وآخر داخلي اغتال المعارضين سياسيًا ومعنويًا.
إلا أن الرئيس التونسي قيس سعيد، قاد شعلة تصحيح المسار؛ فأصدر قرارات استثنائية في 25 يوليو/تموز 2021؛ كانت إيذانًا لانطلاقة عصر محاكمة قادة تنظيم الإخوان ورموزه في البلد الأفريقي، على جرائم العشرية المنصرمة.
بتر ذراع الإخوان
أحد قادة الإخوان، كان القاضي المعزول بشير العكرمي الذي صدر يوم الإثنين، قرار من قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس، بإيداعه السجن.
وقالت مصادر قضائية في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن مذكرة الإيداع بالسجن تأتي على خلفية الملف المتعلّق بالتجاوزات التي ارتكبها في ملف اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، ممثلة في تستره على الأدلة والبراهين التي تدين الإخوان، مستغلا منصبه كقاضٍ للتحقيق في القضية.
وتعد مذكرة الإيداع الأخيرة هي الثانية في رصيد بشير العكرمي؛ بصفته أحد رموز قضاة التمكين الإخواني طيلة العشريّة السوداء.
تأتي الخطوة عشية ذكرى 25 يوليو/تموز 2021، والتي شهدت سلسلة قرارات رئاسية وصفت بـ"الاستثنائية"، ممثلة في: تعليق عمل البرلمان، وعزل حكومة هشام المشيشي الموالية للتنظيم.
شعار الحساب
وبحسب مصادر "العين الإخبارية"، فإن مجلس نواب الشعب الذي تحرر من قبضة الإخوان يدرس لائحة سياسية لتصنيف حركة النهضة كتنظيم إرهابي وحل هذه الحركة.
وسبق أن كشفت هيئة الدفاع عن السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي (وهما معارضان يساريان جرى اغتيالهما عام 2013)، عن أن القضاء العسكري يحقق في اتهامات موجهة للبشير العكرمي، تتعلق بجرائم الخيانة والتجسّس، والمساهمة في وقف وتعطيل جميع أعمال التنصت التي كانت ستكشف تورطه في جرائم الاغتيالات.
وأضافت هيئة الدفاع، أن هناك قضية أمام القطب القضائي المالي والاقتصادي حول علاقة العكرمي بالجهاز السري المالي لرئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، مشيرة إلى أن "العكرمي وضع نفسه على ذمة دول أجنبية وتخابر معها مقابل تلقيه أموالا".
وكان الرئيس التونسي قرر في يونيو/حزيران الماضي، عزل 57 قاضيا؛ بينهم رئيس المجلس الأعلى للقضاء المنحل، والبشير العكرمي، على خلفية اتهامات بالفساد والتستر على متهمين في قضايا إرهاب.
من هو العكرمي؟
يوصف العكرمي بأنه "رجل النهضة وأداتها لتطويع الجهاز القضائي لخدمة مصالحها". وشغل منصب قاضي التحقيق المكلف في جريمة اغتيال السياسيين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي منذ 2013، قبل أن يتولى في العام 2016 منصب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية (المدعي العام).
وكانت إقالة العكرمي من منصبه -وفق المرسوم الرئاسي في يونيو/حزيران الماضي- بداية رفع الغطاء الذي حال دون فتح ملف تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، والتستر على جرائم إرهابية وتعطيل التحقيق في آلاف الملفات المتعلقة بالإرهاب.
وأكدت مصادر أمنية مطلعة لـ"العين الإخبارية"، أنه "عند تفتيش منزل العكرمي، صادرت السلطات 1200 محضر بحث و4800 شكاية، بالإضافة إلى وثائق تخص قضايا القياديين شكري بلعيد ومحمد البراهمي".
واغتيل محمد البراهمي القيادي القومي بحزب التيار الشعبي، -والذي عرف بمعارضته الشرسة لحركة النهضة الإخوانية- في 25 يوليو/تموز 2013، بـ14 طلقة نارية أمام منزله في ضواحي العاصمة التونسية، من قبل الإرهابيين بوبكر الحكيم ولطفي الزين.