في تونس.. «ذئاب الإخوان» تشوش «مسارات الطيران»
زرعوا مخالبهم في كل مفاصل الدولة حين حكموها ثم أطلقوا «ذئابهم المنفردة» حين لفظهم الشعب ليسلبوه أمانه وينغصوا حياته.
هكذا كانت -ولا تزال- مسيرة إخوان تونس، الفرع الذي فخخ المؤسسات الحكومية طوال عشرية سوداء من حكمه، ثم «عاد» إليها بعد الإطاحة به يحاول تدميرها عبر الدسائس والفوضى.
مخالب لم تسلم منها حتى «الخطوط الجوية التونسية»، الشركة التي تشهد مؤخرا اضطرابات في مواعيد رحلاتها وإشكالات يقبع في ردهتها الخلفية شبح الإخوان.
وتعيش شركة الخطوط التونسية، والتي يصطلح التونسيون على تسميتها بـ"الغزالة"، أزمة منذ وصول الإخوان للحكم.
وبالأيام الماضية، عبر مسافرون تونسيون وأجانب عن استيائهم من التعطيلات غير المبررة التي حدثت في الرحلات والتي تأخرت لأكثر من عشرين ساعة بالرغم من وجود طائرات بمدارج المطار وجاهزة للإقلاع.
كما تعرضت إحدى طائرات الشركة لحادث مرور غريب على أرضية مطار تونس قرطاج الدولي، حيث ارتطمت بها شاحنة خدمات فأصابت جناحها ما تعذر قيامها بالرحلة، في حادث غريب ومريب خصوصا لحدوثه في ظل رؤية واضحة.
«لوبيات»
واليوم الخميس، أشرف الرئيس التونسي قيس سعيد على اجتماع مجلس الأمن القومي الذي ناقش قضايا الفساد، وبينها ما حصل مؤخرا في الخطوط الجوية التونسية.
واعتبر سعيد، وفق بيان للرئاسة التونسية، أن حادث الطائرة “يرتقي إلى مستوى الجريمة يتحمّل مسؤوليتها ليس فقط من قاموا بالتنفيذ ولكن أيضا من خططوا لها ولغيرها في عدد من المرافق الحكومية”.
وأكد أن "اللوبيات التي بدأت تتحرّك هذه الأيام وامتداداتها داخل عدد غير قليل من الإدارات والمؤسسات الحكومية يقتضي الواجب المقدس تفكيكها ومحاسبتها ومحاسبة كل من يُنفّذ مخططاتها الإجرامية".
ملفات فساد
ويرى المحلل السياسي التونسي عبد الرزاق الرايس أن «الإخوان وحلفاءهم المزروعين داخل مفاصل الدولة يقفون وراء مثل هذه الحوادث التي عاشت على وقعها شركة الخطوط التونسية في الآونة الأخيرة».
ويقول الرايس، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن «قيس سعيد يقود حربا لتعقب الفساد الإداري والمالي المتفشي داخل عدد من المؤسسات الحكومية ومحاسبة رؤوس الفساد وسوء التصرف».
ولفت إلى أن «الخطوط الجوية التونسية تعاني من أزمة عميقة تفاقمت خلال فترة حكم الإخوان، كما تعاني تراجعا كبيرا في رقم معاملاتها وتكبدت خسائر فادحة نتيجة سوء التصرف المالي، مما ساهم في تفاقم ديونها وتراجع مكانتها كواحدة من أكبر الشركات الحكومية في البلاد».
من جهة أخرى، دعا الناشط والمحلل السياسي نبيل غواري السلطات التونسية إلى ضرورة الاستمرار في تطهير المؤسسات الحكومية من آثار الإخوان وحلفائهم الذين يعملون لتحقيق مصالح التنظيم بهدف تأجيج الأوضاع في البلاد.
وأكد غواري لـ«العين الإخبارية»، أن الرئيس قيس سعيد «سبق أن كشف مؤخرا أن عمليات التدقيق في ملف الانتدابات التي جرت منذ 2011 إلى غاية 2021 أثبتت أن ما يناهز 130 موظفا وإطارا تم انتدابهم بشهادات مزورة، فضلا عن المحاباة والانتدابات بالولاء الحزبي دون اعتماد الكفاءة والشهادات العلمية».
ودعا إلى «ضرورة إيجاد حلول جذرية لأن ما حصل مؤخرا أساء إلى صورة البلاد حيث باتت الشركة مشهورة في مطارات العالم بالفوضى والتأخير، بسبب الفساد والمحسوبيات داخلها».
إعفاءات
أمس الأربعاء، أذن وزير النّقل (المواصلات) التونسي رشيد عامري بإعفاء كلّ من المدير العام للخطوط التونسية الفنيّة، والمدير العام للشركة التونسية للتموين (الاعاشة)، والمكلّفة بالكتابة العامة للخطوط التونسية والمكلّف بالإدارة المركزية لإسناد المنتوج، من مهامهم.
ووفق بيان صادر عن الوزارة، فقد تقرّر، علاوة على ذلك، تغيير المكلّف بالإدارة العامة للخطوط التونسية، واتخاذ الإجراءات القانونية والتأديبية اللازمة إزاء المتسببين في التجاوزات الحاصلة، وإحالة الملف على الجهات القضائية المختصّة.
أمّا على المستوى الهيكلي، فقد وجه وزير النقل تعليماته بتقديم برنامج عملي في القريب العاجل يتضمّن أوّلا إعداد خطّة إنقاذ للشركة كحلّ عاجل بالتوازي مع إعداد مخطّط إعادة الهيكلة كحلّ على المدى المتوسّط ويتضمّن إجراءات عمليّة قابلة للتطبيق.
إضافة إلى اعتماد منوال حوكمة جديد يتماشى وحاجيات الشركة ومحيطها، والتسريع في تنقيح النصوص التشريعية والترتيبية المعتمدة حاليا لتحسين تنافسية الشركة، فضلا عن ترشيد الموارد البشرية بالشركة مع حسن توظيفها ضمانا للجدوى المطلوبة وتحقيق انتظام الرحلات.
وتعاني الخطوط التونسية من تراكم الخسائر في السنوات العشر الأخيرة، حيث تكبدت 2200 مليون دينار (709.6 مليون دولار).
وبلغت خسائر شركات النقل الحكومية بمختلف أصنافها (براً وبحراً وجواً) في العاصمة التونسية وحدها مع نهاية عام 2021 ما قيمته 6500 مليون دينار (2.96 مليار دولار).
وكانت الدولة في عهد "إخوان تونس" تخطط لـ(الخصخصة) في 15 مؤسسة ومنشأة حكومية.
وفي تونس 104 مؤسسات ومنشآت عمومية تنشط في قرابة 21 قطاعا اقتصاديا، أغلبها موجود في ميادين الطاقة والصناعة والصحة والخدمات.
وأعلنت السلطات التونسية في شهر أغسطس/آب الماضي إيقاف رئيس مدير عام شركة الخطوط التونسية خالد الشلي، في خطوة سلطت الضوء على تواصل ممارسات الفساد المالي والإداري، داخل الشركة.
وقبل ذلك، تم إيقاف كاتب عام نقابة الخطوط التونسية نجم الدين المزوغي أثناء محاولته هروبه إلى ليبيا.