الانتخابات المحلية التونسية.. إسدال الستار على حقبة الإخوان
تسدل تونس الأحد الستار على حقبة تصدر فيها الإخوان المشهد الانتخابي في البلاد باقتراع المجالس المحلية في غيابهم، على ما يقول مراقبون.
وجاء انكفاء الإخوان عن المشهد بعد إجراءات أطلقها الرئيس التونسي قيس سعيد تحت ضغط الشارع بدأت بتجميد برلمان هيمنت عليه حركة النهضة الإخوانية وتواصلت عبر استفتاء على دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية.
كما تتزامن الانتخابات المحلية في تونس مع عملية تطهير المؤسسات الحكومية وجميع الوزارات وعلى رأسها الداخلية، من براثن الإخوان.
واقع جديد خال من الإخوان، هذا التنظيم الذي عاث بالبلاد فسادا وجعلها بلدا مصدرا للإرهاب، بعد أن كانت دولة مدنية خلال نظامي الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة (1957-1987) وزين العابدين بن علي (1987-2011)، بحسب طيف واسع من الساسة والمراقبين.
فمنذ الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي يوم 14 يناير/كانون الأول 2011، وصل الإخوان للحكم بعد أن حل زعيمهم راشد الغنوشي من منفاه من بريطانيا بعد أكثر من 20 عاما، وعاد منتقما لسنوات عمره التي قضاها في لندن وبدأ في التخطيط للهيمنة على مفاصل الحكم.
ودخلت البلاد منذ وصول قادة النهضة في دوامة من العنف والإرهاب وبدأوا يتقاسمون مواقع السلطة.
وشرعت حركة النهضة في مخطط التمكين من الدولة وبدأت بالإفراج عن مناصريها وأعضائها المحكومين في قضايا إرهابية من السجون وفتحت لهم صندوق تعويضات وبدأت في توزيع أموال الدولة وأموال الشعب وعينتهم في مناصب عليا في الجهاز الحكومي كي يساعدوها في مخططاتها.
وفي أول انتخابات برلمانية عام 2011، صعدت حركة النهضة بطريقة قياسية بعد أن "خدعت الشعب باسم الدين" و"اعتمدت أسلوبها في المظلومية" وحصدت أكثر من 50 مقعدا، وفق قوى سياسية باتت في صف المعارضة خلال سنوات سيطرة الجماعة.
مسار قيس سعيد الإصلاحي
ويرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن مسار 25 يوليو/تموز 2021 يهدف للقطع مع هذه المنظومة السابقة التي خربت البلاد.
وفي يوليو/تموز بدأ سعيد إجراءات إقصاء الجماعة من المشهد بتجميد البرلمان وحل الحكومة واتجه إلى كتابة دستور جديد للبلاد وحل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية جديدة.
وقال عمر اليفرني الناشط والمحلل السياسي إن العديد وصفوا مسار قيس سعيد الإصلاحي بالبطء لكن الرئيس التونسي كان هدفه الأصلي تطهير كل أجهزة الدولة وبناء جمهورية جديدة على أسس سليمة.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن هذا المسار انطلق بتغيير دستور سنة 2014 الذي تمت صياغته على مقاس حركة النهضة عن طريق إجراء استفتاء على الدستور الجديد في 25 يوليو/تموز 2022 ثم من خلال إجراء انتخابات برلمانية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022 لتعوض البرلمان الذي كان يترأسه زعيم الإخوان راشد الغنوشي.
وأضاف أن ما ميز هذا المسار الإصلاحي هو معاقبة كل من أجرم في حق تونس وشعبها وسجن رؤوس الإخوان البارزة الضالعة في قضايا الإرهاب والاغتيالات السياسية والفساد المالي والسرقة والنهب وعلى رأسهم راشد الغنوشي ونور الدين البحيري وعلي العريض وغيرهم.
وتابع أن هذا المسار يكتمل بتشكيل مجلس الجهات والأقاليم من أجل خلق التنمية في المناطق الداخلية التي ترزح أغلبها تحت خط الفقر، وذلك في ظل التفاوت الجهوي بين المناطق الساحلية والداخلية."
وأوضح أن النظام النيابي الحالي في تونس يتكون من غرفتين نيابيتين وهي البرلمان التونسي الذي انطلق في العمل في مارس/آذار الماضي ومجلس الجهات والأقاليم.
وسبق أن قال الرئيس التونسي قيس سعيد مؤخرا إن "الأقاليم ليست تقسيما للدولة بل جاءت لتحقيق الاندماج وإيجاد التوازن".
وقال قيس سعيّد "إن التقسيم الأفقي يندرج في إطار التوازن بين الجهات مثل أفراد العائلة الواحدة"، موضحا أن "فكرة وجود مجلس الجهات والأقاليم تنبع من أن المهمش يمكن أن يكون صانعا للقرار".
وتشهد تونس تفاوتا في مستوى التنمية والاستثمار، ويتطلب بناء المشاريع التنموية الكثير من الوقت خصوصا في الجهات الداخلية. وسبق أن كشف وزير الشؤون الاجتماعية التونسي مالك الزاهي، عن أن 963 ألف عائلة تضم نحو 4 ملايين تونسي يعانون من الفقر، من حوالي 12 مليونا إجمالي سكان البلاد.
aXA6IDE4LjExOC4xNDYuMTgwIA==
جزيرة ام اند امز