إخوان تونس ينحنون للعاصفة.. ويناورون بالحوار
ضاق الخناق حول أعناقهم فلم يجدوا بدا من الانحناء للعاصفة وارتداء عباءة على غير مقاسهم أملا بتحقيق هدفهم الأكبر وهو العودة للحكم.
إخوان تونس لم يتعظوا من جميع دروس التاريخ، حيث لا يزالون يناورون بحثا عن معجزة تعيدهم للسلطة، وهاهم يبادرون هذه المرة بالحوار، في خطوة قديمة تتجدد كلما أرادوا تحقيق مأرب عجزوا عن بلوغه بطرق أخرى.
ومنذ 25 يوليو/تموز 2021، يواجه الرئيس التونسي قيس سعيد الإخوان بكل شجاعة، وبالرغم من محاولاتهم للتصعيد إلا أنه تفطن لجميع مخططاتهم الإجرامية التي تستهدف الدولة.
وبعد تحجيم نفوذهم وغلق جميع المنافذ أمامهم والزج بقياداتهم البارزة وعلى رأسهم زعيم التنظيم راشد الغنوشي في السجون، عاد الإخوان الذين يتسمون بصفات الأفاعي السامة عن طريق التلون وتغيير جلودهم، في محاولة للتقرب للسلطة عبر آلية الحوار.
مساع جاءت هذه المرة في شكل دعوة أطلقها أحمد نجيب الشابي رئيس "جبهة الخلاص" الإخوانية إلى "إجراء حوار وطني لإيجاد حلول لإخراج البلاد من أزمتها تُشارك فيه كل الأطراف السياسية على رأسهم الغنوشي" الذي يقبع حاليا في السجن والاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية العمالية).
كما دعا الشابي إلى "تشكيل حكومة إنقاذ وطنية لتطبيق ما يتم الاتفاق عليه وأيضا القيام بإصلاحات دستورية"، مضيفا أن "فشل مبادرة الحوار التي قادها اتحاد الشغل في وقت سابق هو عدم تمثيلها لكافة الأطراف السياسية والمدنية المختلفة".
وسبق للرئيس قيس سعيد أن قال في اجتماع له مع قيادات أمنية، إن "من أراد أن يزرع بذور الفتنة، أو أن يعلن حكومة موازية أو برلمانا في المنفى فليلتحق بالمنفى".
مناورة جديدة
وبحسب مراقبين، فإن الدعوة إلى الحوار تأتي في وقت تم فيه تعيين أمين عام جديد لحركة النهضة الإخوانية وهو العجمي الوريمي، بعد أن تم اعتقال الغنوشي ورئيس حركة النهضة المؤقت منذر الونيسي.
وأجمعوا على أن طبيعة الوريمي تتمثل في التلون والانحناء حتى تمر العاصفة ويؤمن برص الصفوف وتجميع أنصار الإخوان، بانتظار فرصة الانقضاض.
وفي تعقيبه على الموضوع، قال عبد الرزاق الرايس، المحلل السياسي التونسي، إن جبهة الخلاص الإخوانية غيرت منهج خطابها الذي كان تصعيديا بعد أن تم تعيين العجمي الوريمي أمينا عاما لحركة النهضة، مشيرا إلى أن هذه الشخصية الإخوانية «تعرف بالتلون والمهادنة».
ويقول الرايس، لـ«العين الإخبارية»، إن «جبهة الخلاص بعد أن كانت تدعو إلى عزل الرئيس وإحالته على الطبيب لفحص مداركه الصحية أصبحت اليوم تدعو إلى حوار وطني مجمع».
واعتبر أن «أحمد نجيب الشابي فقد صوابه بهذه الدعوة لأنه يدرك جيدا أن الغنوشي الذي يقبع في السجن بتهم إرهابية لا يمكنه المشاركة وهو في محبسه».
وأشار إلى أن «هذا التغيير في الخطاب هو مناورة سياسية فقط خاصة بعد أن تأكد الإخوان من أن الشعب لفظهم نهائيا كما فشلوا في تكوين كتلة سياسية وازنة وقوية في الشارع يمكن أن تغير من الواقع السياسي».
وأكد أنه من الصعب جدا أن يستجيب الرئيس سعيّد لمطالب جبهة الخلاص الإخوانية، مشددا على أنه بات واضحا بعد 25 يوليو/ تموز 2021 أن الرئيس في موقع قوّة والإخوان في موقع ضعف.
لا مجال
من جانبه، أكد رئيس حزب "التحالف من أجل تونس"، سرحان الناصري، في تعليقه على دعوة الشابي لتنظيم حوار وطني يشمل الجميع، أنه لا يُمكن إجراء حوار مع من دمّر البلاد طيلة 10 سنوات.
وقال الناصري، في تصريح لـ«العين الإخبارية» إنه "إذا أراد نجيب الشابي تنظيم حوار وطني مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي فيمكنه الالتحاق به في سجن المرناقية (غربي العاصمة)".
كما اعتبر أن "نجيب الشابي يعد أحد أكثر السياسيين خدمة للأجندات الغربية وفي كل الأزمات يستنجد بهم."
والشابي كان حليفا قويا للإخوان، وتحالفه معهم ممتد منذ عام 2005، من خلال "تحالف 18 أكتوبر"، حيث عمد إلى بعث حركة سياسية ساهمت بشكل كبير في تطبيع العلاقة بين الحركة الإخوانية والمجتمع التونسي. وخاض المعركة عوضاً عنهم ضد نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.
لكن حركة النهضة تنكرت بعد 14 يناير/كانون الثاني 2011، لنجيب الشابي، حليفها التاريخي، بأن فضلت أن تدفع بالمنصف المرزوقي إلى رئاسة قصر قرطاج، بعد أن أطلقت ذبابها الإلكتروني على الشابي في حملات مستمرة لتقزيمه والاستهانة بتاريخه.
ودفع ما جرى بالشابي لمعارضة حركة النهضة لفترة، قبل أن يعود بعد إجراءات 25 يوليو/تموز 2021، التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد، لمغازلة الإخوان وطرح نفسه بديلا لتعويض خسائرها.
aXA6IDE4LjExNy4xNDUuNjcg جزيرة ام اند امز