انتخابات الرئاسة 2024.. عبرت تونس و«سقط» الإخوان
نجحت تونس في العبور إلى بر الأمان وقفزت على جميع «الألغام» التي زرعها الإخوان لإشعال الفوضى وزرع فتيل الفتنة.
هذا هو العنوان الأبرز لـ2024 في تونس، العام الذي شهد انتخابات رئاسية محفوفة بالمخاطر والتهديدات، لكن، ورغم كل العقبات، نجحت في الحصول على تذكرة عبور نحو مرحلة بلا إخوان.
وأفرز الاقتراع فوز الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد بولاية ثانية، بعد أن نجح خلال ولايته الأولى في تخليص البلاد من الاضطرابات السياسية ومن الإخوان.
والانتخابات الرئاسية لعام 2024 تعد الـ12 في تونس، والثالثة منذ 2011، وانتخب فيها الرئيس الثامن في تاريخ البلاد لولاية مدتها 5 سنوات.
وشهد الاستحقاق تشويشا إخوانيا حيث حاولت الجماعة تشويه المسار الانتخابي وتأجيج الأوضاع قبيل الانتخابات عن طريق الدعوة إلى المقاطعة وزعم أن الانتخابات غير ديمقراطية وبأن قيس سعيد لن يجريها في موعدها.
لكن جميع مغالطات الجماعة سرعان ما فندها قيس سعيد بإعلانه عن موعد الانتخابات، حيث دعا عبر أمر رئاسي، الناخبين داخل تونس إلى انتخابات رئاسية في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2024، على أن يقترع الناخبون خارج البلاد أيام 4 و5 و6 من الشهر ذاته.
وبعد أن أفشل سعيد كل مخططاتهم، لم يتبق أمام الإخوان سوى دعم مرشح رئاسي ينتشلهم من وضعهم ويعيدهم للساحة السياسية.
لذلك، دعموا في البداية ترشيح الإخواني البارز عبداللطيف المكي، لكن ملف ترشحه سقط، لتنتقل الجماعة إلى ترشيح العياشي زمال بعد أن وعدهم بمجرد وصوله لكرسي قرطاج بإطلاق سراح قياداتهم المسجونة بتهم إرهابية وعلى رأسهم راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة».
وفي الخارج، حاول الإخوان إغراق تونس بالتحويلات المالية وإرسالها إلى جمعيات ومؤسسات إعلامية بهدف التشويش على المسار الانتخابي، وفق ما أعلنت عنه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في 23 سبتمبر/أيلول الماضي.
وفي السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2024، أجرت تونس انتخاباتها الرئاسية وهي ثالث انتخابات بعد سنة 2011.
وعلى خط السباق آنذاك، وقف كل من قيس سعيد، والعياشي زمال (حركة عازمون- معارض)، وزهير المغزاوي (حركة الشعب- مؤيدة لسعيد).
فيما رفضت هيئة الانتخابات ثلاثة ملفات وهم: الأمين العام لحزب العمل والإنجاز عبداللطيف المكي (إخواني)، والمنذر الزنايدي وهو وزير سابق بعهد الرئيس زين العابدين بن علي، وعماد الدايمي مدير ديوان الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي (إخواني- معارض).
وخلال الحملة الدعائية التي انطلقت في الثاني من سبتمبر/ أيلول المنقضي، أمرت النيابة العامة بسجن زمال بتهمة "تزوير تزكيات" ثم صدر في شأنه حكما قضائيا بالسجن 12 عاما في 4 قضايا، أي 3 سنوات لكل قضية.
ووفق القانون الانتخابي التونسي، يحتاج كل مرشح إلى جمع ما لا يقل عن 10 آلاف تزكية من الناخبين من 10 دوائر انتخابية على الأقل، أو عشر تزكيات من نواب البرلمان أو مثلها من مجلس الأقاليم والجهات (الغرفة الثانية في البرلمان)، أو مثلها من المجالس المحلية أو الجهوية أو البلدية.
وفي الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت هيئة الانتخابات فوز قيس سعيّد بولاية ثانية بعد حصوله على 90.69% من أصوات الناخبين.
استقرار سياسي
واعتبر المحلل السياسي التونسي عبدالرزاق الرايس أنه رغم المحاولات الإخوانية لتشويه المسار الانتخابي، إلا أن تونس نجحت في إنجاز هذا الاستحقاق.
وقال الرايس، لـ«العين الإخبارية»، إن «الإخوان بعد أن أدركوا عدم قدرتهم على التعبئة الشعبية، انتهجوا مسار التشويه من أجل إفشال الموعد الانتخابي».
وأوضح أنه خلال الانتخابات الرئاسية، اتجهت تونس إلى «استقرار سياسي ولن يتبقى أمام السلطة إلا رهان يتعلق بالمجالين الاقتصادي والاجتماعي ويشمل رفع النمو وتحسين الوضع المعيشي للتونسيين».
وبحسب الخبير ذاته، فإن «الانتخابات الرئاسية كانت لحظة فارقة في تاريخ تونس، ومثلت حسمًا للمعركة بين المنظومة التي حكمت تونس طيلة العشرية السوداء، ومنظومة 25 يوليو/تموز 2021، التي يقودها الرئيس قيس سعيد، والتي تحظى بشعبية كبيرة في الشارع التونسي».
وفي 25 يوليو/تموز 2021، شهدت تونس تدابير رئاسية استثنائية، استنادا للدستور ولمطالب التونسيين، شكلت حجر أساس قاد للإطاحة بنظام الإخوان.
ضربة قاضية للإخوان
من جهته، اعتبر سرحان الناصري، رئيس حزب «التحالف من أجل تونس»، أن «فوز سعيد بأغلبية ساحقة لم يشكل ضربة قاضية للإخوان في تونس فحسب، بل هو نكسة قبرت حركة النهضة الإخوانية وأذيالها ومن تواطؤوا معها من أحزاب فاسدة».
وقال الناصري، لـ«العين الإخبارية»، إن حزبه دعم الرئيس قيس سعيد للمرور للمرحلة القادمة لمواصلة مشروعه الإصلاحي، مشددا على أن «الانتخابات الرئاسية كانت مرحلة مهمة جدا في تاريخ تونس».
وسبق أن أكد قيس سعيد أن «القضية هي قضية مشروع وليست قضية أشخاص، القضية كيف تؤسس لمرحلة جديدة للتونسيين.. لا تهمني المناصب.. ما يهمني هو الوطن ولست مستعدا أن أسلم وطني لمن لا وطنية لهم والمهم أن نؤسس للمستقبل».
وشدد على أنه اتخذ إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 التي أطاحت بحكم الإخوان، من أجل الحفاظ على السلم داخل المجتمع.
ووصف تحركات الإخوان وحلفائهم بالأبواق المسعورة المأجورة، قائلا "يتباكون على الحرية والديمقراطية، في حين أنهم يتظاهرون كل يوم تحت حماية الأمن".
وتابع: "من المفارقات أن الذين كانوا يتبادلون التهم اجتمعوا في هذه المظاهرات نفسها، ويذرفون الدموع الكاذبة على الديمقراطية".
aXA6IDMuMTQxLjM1LjY5IA== جزيرة ام اند امز