إخوان تونس بين التشويش والاستجداء.. هروب متأخر من «قضية التآمر»

عشية محاكمة تاريخية قد تسقط أوراق التوت عن «الإخوان» في تونس الذين حاولوا اختراق البلد الأفريقي من الداخل، والعودة إلى الحكم من بوابة
الفوضى، يعيش التنظيم لحظات ارتباك غير مسبوقة، تتكشّف خلالها محاولاته اليائسة للهرب من قبضة العدالة عبر مظلومية مُستهلكة وأساليب تشويش مكشوفة.
محاولات تتراوح بين الإضراب عن الطعام والانسحاب الرمزي، فيما تُثبت الأدلة تورطهم في واحدة من أخطر القضايا وهي «التآمر على أمن الدولة».
فيوم الجمعة يقف نحو 40 من قيادات الصف الأول في تنظيم الإخوان، وعلى رأسهم راشد الغنوشي، أمام القضاء في ثاني جلسات يحاكمون خلالها بتهم تتراوح بين «الانضمام لتنظيمات إرهابية» و«التآمر لقلب نظام الحكم»، في اتهامات تصل عقوبة بعضها: الإعدام.
وخشية ساعة الحقيقة التي سينطق بها القاضي بالحكم، يحاول تنظيم الإخوان في تونس التشويش على مسار المحاسبة، في محاولة منه لإلهاء الرأي العام وكسب تعاطف أنصارهم والرأي العام الدولي.
والثلاثاء، أعلن 6 موقوفين في قضية التآمر من جماعة الاخوان وحلفائهم عن دخولهم في إضراب عن الطعام للمطالبة بالإفراج عنهم.
كما قرر القيادي في حركة النهضة الإخوانية، السجين السيد الفرجاني الدخول في إضراب عن الطعام والدواء والماء، بدءاً من يوم الجمعة، تزامناً مع انطلاق المحاكمة في قضية التآمر على أمن الدولة.
فيما أعلن مستشار راشد الغنوشي والقيادي بحركة النهضة ورئيس جبهة الخلاص الإخوانية أحمد نجيب الشابي عن مقاطعتهم حضور الجلسة تضامنا مع الموقوفين.
فما الأسباب؟
يرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن جماعة الإخوان في تونس تحاول يائسة كسب التعاطف للتشويش على مسار المحاسبة.
فبحسب عبدالرزاق الرايس المحلل السياسي التونسي، فإن تنظيم الإخوان يحاول التشويش على مسار المحاسبة عن طريق تكثيف تحركاته للتمويه والمناورة وكسب تعاطف أنصاره والرأي العام الدولي.
وأوضح المحلل السياسي التونسي، أن جميع الأدلة تدين قيادات التنظيم وحلفائهم الذين حاولوا في فبراير/شباط 2023، الانقلاب على نظام قيس سعيد والعودة إلى الحكم والمشهد السياسي.
وأشار إلى أن "محاولات الإرباك والتشويش اليائسة تستمر عشية جلسة محاكمة المتهمين، غدا، في قضية التآمر على أمن الدولة والتي لا تعكس سوى حالة الخوف التي تنتابهم".
ودعا إلى ضرورة التصدّي لكل محاولات التّطاول على الدولة وافتعال الأزمات والتي تعاظمت هذه الأيام تزامنا مع المحاكمة، من خلال تنامي الإشاعات لتضليل الرأي العام.
«تباكٍ» ومظلومية
من جهة أخرى، قال الناشط والمحلل السياسي التونسي عبد الكريم المحمودي إن تنظيم الإخوان يستخدم أسلوبه المعتاد «وهو التباكي والمظلومية للترويج إلى براءة قياداته، رغم أن جميع القرائن تدين قياداته السجناء».
وأوضح المحلل السياسي التونسي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن هذه القضية يتورط فيها أكثر من 40 شخصا، وجرى التفطن إلى مخططهم التآمري عن طريق أجهزة المخابرات العسكرية.
وأوضح أنه في بداية يناير/كانون الثاني 2023، حاولت قيادات الإخوان وحلفاؤهم ربط الصلة بمنظّمات إرهابيّة، وحاولوا استمالة أطراف دبلوماسية، وناقشوا فيما بينهم إمكانية إيجاد قنوات تواصل مع الجيش واستقطاب قيادات عسكريّة لتنفيذ الانقلاب الذي خططوا له بهدف قلب نظام الحكم وإسقاط الدولة ومؤسساتها.
وأشار إلى أن جميع مخططاتهم فشلت، بفضل جاهزية الأمن التونسي وفطنة الجيش التونسي، موضحا أن «الشعب يريد المحاسبة بعد أن اكتشف حجم خيانتهم للوطن وتآمرهم على الدولة».
أطوار القضية
أثبتت عملية تتبع قيادات الإخوان ومراقبة هواتف الموقوفين تورطهم في قضية "التآمر على أمن الدولة" التونسية، بهدف إعادة الجماعة للحكم، عبر تشكيل حكومة جديدة والعودة للعمل بدستور 2014 الذي صاغته وتوقف العمل به في العام 2022.
تعود القضية إلى فبراير/شباط 2023، عندما اعتقلت السلطات التونسية مجموعة من السياسيين البارزين، بينهم السياسي خيام التركي (حزب التكتل/ ديمقراطي اشتراكي)، وعبدالحميد الجلاصي القيادي في الإخوان، ونور الدين البحيري وزير العدل الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة (إخوانية)، إضافة إلى كمال اللطيف رجل الأعمال التونسي، وسامي الهيشري المدير العام السابق للأمن الوطني، وفوزي الفقيه رجل الأعمال الشهير. وتهمة جميع هؤلاء "التآمر على أمن الدولة".
ووفق التحقيقات، فإن المتهمين حاولوا في 27 يناير/كانون الثاني 2023، الانقلاب على الحكم عن طريق تأجيج الوضع الاجتماعي وإثارة الفوضى ليلا، مستغلين بعض الأطراف داخل القصر الرئاسي.
إلا أن قوات الأمن والاستخبارات التونسية تمكنت من إفشال هذا المخطط عن طريق تتبع مكالماتهم واتصالاتهم وخطواتهم، ليتبين أن خيام التركي، وهو الشخصية التي أجمع عليها الإخوان لخلافة قيس سعيد، حيث كان حلقة الوصل بين أطراف المخطط.
والتقت قيادات إخوانية في منزل خيام التركي، الناشط السياسي ومرشح الإخوان للحكومة سنة 2019، رفقة كمال لطيف رجل الأعمال المعروف بـ"رجل الدسائس" ودبلوماسيين ورجال أعمال آخرين، بالضاحية الشمالية بسيدي بوسعيد.
وتورط في هذه القضية سياسيون ورجال أعمال وإعلاميين وحتى دبلوماسيين، كما تم تسجيل مكالمات هاتفية مع أطراف في القصر الرئاسي بقرطاج من أجل "إسقاط النظام".
فيما خططت هذه المجموعة لتحريك الشارع بداعي رفع الأسعار والتحكم في المواد الغذائية.
aXA6IDMuMTMxLjM3LjIyIA== جزيرة ام اند امز