مناورة "العمل والإنجاز".. إخوان تونس في رحلة البحث عن باب العودة
أغلقت السلطات التونسية غالبية الأبواب أمام جماعة الإخوان الباحثين عن طريق للتسرب مجددا إلى المشهد السياسي في البلاد.
وقالت مصادر تونسية إن حركة النهضة الإخوانية التي تترقب قرارا بتصنيفها حزبا إرهابيا بدأت بالفعل في مناورة لتقنين علاقتها مع المشهد السياسي.
وبدأت عناصر الإخوان في الانضمام إلى حزب "العمل والإنجاز" الذي أسسه قبل عام الإخواني عبد اللطيف المكي.
ودعا الحزب الذي تأسس على بقايا النهضة إلى الحوار مع السلطة في مناورة جديدة من أجل التموقع من جديد.
ويضم الحزب الجديد، الذي يعرف نفسه بأنه حزب وطني محافظ اجتماعي ديمقراطي، وجوهاً مستقيلة من حركة النهضة على غرار زبير الشهودي ومحمد بن سالم ومعز بلحاج رحومة إضافة إلى ريم التومي.
وفي 25 يوليو/تموز الماضي، شرع نواب البرلمان التونسي في التوقيع على "لائحة سياسية مضمونها تصنيف حركة النهضة إرهابية والمطالبة بحلها على خلفية شبهات تمويلات أجنبية وتورطها في الاغتيالات السياسية وهي أفعال يجرمها القانون.
وجماعة الإخوان مصنفة إرهابية في عدد من الدول العربية، كما تصنف دول غربية فصائل تابعة للجماعة كتنظيمات إرهابية.
ويشكك مراقبون للمشهد السياسي في تونس في قطع القيادات المنشقة عن النهضة مع الحركة خاصة وأن أغلب هذه القيادات لم تقم بأي مراجعات تذكر.
ويرى عبد المجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي أن حزب "العمل والإنجاز" لم يقطع مع حركة النهضة والدليل على ذلك أنه يساند جميع تحركات الإخوان في جبهة الخلاص الإخوانية.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن استقالة عبد اللطيف المكي رفقة 100 قيادي في حركة النهضة عقب إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 كان سببه الخلاف الكبير مع راشد الغنوشي لخلافته في النهضة.
وأكد أن الدعوة إلى الحوار ليست سوى مناورة جديدة بعد فتح الملفات والقضايا التي يتورط فيها قيادات الإخوان.
وأشار إلى أن تأسيس حزب "العمل والإنجاز" كان بمثابة البحث عن بديل في المرحلة المقبلة لأن إخوان تونس يعتقدون أنهم سيعودون للحكم وبأن حزب حركة النهضة انتهى ولا بد من بديل جديد، خاصة مع اقتراب تصنيفه كحزب إرهابي وحله نهائيا.
وتابع أن هذا الحزب تم تأسيسه منذ يونيو/حزيران 2022، لم يستطع التأثير في التونسيين كما لم ينجح في استقطاب قواعد الإخوان الذين انفصلوا عن النهضة منذ سقوطها وسجن زعيمها.
وكانت حركة النهضة، قد خسرت منذ حوالي عام دعم أكثر من 100 قيادي، استقالوا منها، بعدما أقرّوا بمسؤوليتها في الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد ومسؤولية قيادتها ممثلة في راشد الغنوشي في العزلة التي وصلت لها الحركة في المشهد السياسي، واعترفوا بفشلهم في إصلاحها من الداخل.
من جهة أخرى، قال زياد القاسمي أستاذ القانون والمحلل السياسي التونسي إن الأحزاب الدينية لا تستطيع أن تنفصل عن الإسلام السياسي معتبرا أن الحزب "مناورة سياسية جديدة لأن مستقبل حركة النهضة السياسي انتهى"
وأكد لـ"العين الإخبارية" أن ما جعل حركة النهضة الإخوانية تستمر في تونس هو المناورات والأموال الطائلة التي كانت تضخها موضحا أن "الإشكال في الحزب الجديد يبقى هو التمويل، خاصة مع غلق الرئيس التونسي قيس سعيد جميع المنافذ عليهم".
ووصف القاسمي، المكي بأنه يتلون مع كل المراحل مذكرا بتصريحاته السابقة حيث قال (المكي) بأنه لم يكن يوما إخوانيا ولن يكون منهم وأنه لم يقرأ حتى أدبياتهم بل درس أكثر الأدبيات الشيوعية والقومية".
من هو عبد اللطيف المكي
ويُعتبر عبد اللطيف المكي، أحد أبرز القيادات العليا لـ"حركة النهضة" الإخوانية، فهو أحد نوابها في البرلمان وكان وزيرا للصحة، ويُعرف بأنه من صقورها، وكان أحد المرشحين النهضويين لرئاسة الحكومة، وكذلك لخلافة راشد الغنوشي على رأس الحركة لولا إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 التي عصفت بالحركة.
وبعد 25 يوليو/تموز، حينما بدأت إجراءات الرئيس التونسي تجاه الإخوان، استقال المكي من حركة النهضة رفقة 113 من أعضاء الحزب، مطلع أغسطس/آب 2021.
وبرر القيادي الإخواني استقالته بأنها تأتي بسبب ما وصفه بـ"السياسات الفاشلة وتمسك راشد الغنوشي برئاسة النهضة،الذي يتحمل المسؤولية كاملة عن الفشل السياسي الذي لحق بالحركة على مدار السنوات الماضية."
وفي يونيو/تموز 2022، أعلن المكي رسميا عن تأسيس حزب ''العمل والإنجاز'' ،وهو فصيل سياسي يسجل دخوله بمشهد يقف على رمال متحركة بالنسبة لتنظيم أقصاه أداءه وتطرفه من خارطة السلطة في تونس، بموجب إرادة الشعب والدستور.
وكان المكي أحد مؤسسي الاتحاد العام التونسي للطلبة (اتحاد طلبة الإخوان) الذي كان بين يناير/كانون الثاني 1989 وديسمبر/كانون الأول 1990 ثاني أمنائه العامين بعد عبد الكريم الهاروني.
وقد أدى صدام بداية التسعينات بين السلطة والنهضة إلى اعتقاله في مايو/أيار 1991 والحكم عليه بالسجن 10 سنوات. أطلق سراحه عام 2001 ومع رفض السلطات طلب إعادة تسجيله في كلية الطب بتونس لمواصلة دراسته خاض عام 2004 إضرابا دام 57 يوما.
في أكتوبر/تشرين الأول 2011 انتخب نائبا في المجلس الوطني التأسيسي. وعين في ديسمبر/كانون الأول في العام نفسه وزيرا للصحة في حكومة حمادي الجبالي وحافظ على نفس المنصب في حكومة علي العريض.
وظهر المكي بعد 2011 كأحد أبرز قياديي النهضة فانتخب رئيسا لمؤتمرها التاسع المنعقد في يوليو/تموز 2012 ، ومع عجز الجبالي عن تشكيل حكومة في فبراير/شباط 2013 برز اسمه كأبرز مرشح لخلافته قبل أن يقع اختيار علي العريض.
وترشح عبد اللطيف المكي في الانتخابات التشريعية التونسية 2014 وفاز بمقعد في البرلمان. تم اختياره وزيرا للصحة ضمن تشكيلة الحكومة التي يترأسها إلياس الفخفاخ في 28 فبراير/شباط 2020. يملك شهادة في الكيمياء الحيوية. متزوج وله 5 أطفال.
aXA6IDMuMTQyLjEzMC4yNDIg جزيرة ام اند امز